نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تحليلا إخباريا لبيتر بيكر، حول طلب الرئيس
أوباما مؤخرا من
الكونغرس لتفويضه بالحرب على
تنظيم الدولة.
ويشير بيكر إلى أن ما فعله أوباما لم يفعله رئيس من قبله، حيث طلب من الكونغرس أن يحد من صلاحيات القائد الأعلى للقوات المسلحة في شن حروب ضد الأعداء وراء البحار.
وتذكر الصحيفة أن القانون المقترح، الذي أرسل به أوباما لكابيتول هيل، يفرض مدة أقصاها ثلاث سنوات للحرب، التي تعد حربا جوية إلى الآن، وتسمح ببعض العمليات البرية الخاصة، ولا تسمح بأي
حرب برية كبيرة. وهذا يعني إلغاء قرار الكونغرس لعام 2002، الذي أعطى الرئيس جورج
بوش الصلاحية لشن الحرب على العراق.
ويستدرك الكاتب بأنه بالرغم من طلبه لتلك القيود، إلا أنه ترك مجالا له وللرؤساء من بعده بشن الحرب، على أساس الصلاحيات التي منحها الكونغرس للرئيس عام 2001، بشن الحرب على مستوى العالم ضد تنظيم القاعدة وكل من ينتسب إليه، ولكون ذلك قانونا ساريا فإن أوباما والرئيس القادم لديهما مجال واسع للقيام بحروب تحت مسمى الحرب على الإرهاب.
وتبين الصحيفة أنه في الوقت الذي قال فيه الجمهوريون يوم الأربعاء إن الرئيس وضع قيودا كثيرة على الحرب ضد تنظيم الدولة، قال بعض الديمقراطيين إنه ومع وجود صلاحيات 2001 فإن الرئيس تقريبا بلا قيود.
ويجد بيكر أن التناقض في مقترح أوباما هو نفسه الذي شكل سمة عامة لإدارته، حيث إنه سعى لإنهاء "حالة الحرب"، التي تعيشها البلاد، كما وصفها، وعمل على الحد من صلاحيات الرئيس في شن الحروب، وفي الوقت ذاته استفاد من السلطات التي ورثها من بوش، بل ووسعها.
وعلق على ذلك أستاذ الحقوق في جامعة هارفارد، جاك غولد سميث: "كانت هذه قصة رئاسته بشكل عام.. فبينما تحدث طيلة فترة رئاسته عن رغبته في تقييد نفسه، ولكن في الواقع ما قام به هو توسيع صلاحياته"، بحسب الصحيفة.
ويرى الكاتب أنه مع هذا فإن محاولات أوباما وضع حدود لصلاحيات الحرب، حتى مع وجود المنافذ، تقلب تاريخ الرئاسة رأسا على عقب. وفي العادة يقاوم الرؤساء تدخلات الكونغرس، ويحاولون فرض تفسير واسع لصلاحياتهم في شن الحروب.
وتورد الصحيفة أمثلة على ذلك، فهاري ترومان، أرسل الجيش لخوض معارك دموية في كوريا، دون أن يطلب من الكونغرس إعلان الحرب، ولم يقترح لندون جونسون وضع حدود زمنية خلال حرب فيتنام، وقام بيل كلنتون بحربه في كوسوفو دون تفويض من الكونغرس. كما أن الصلاحيات التي منحها الكونغرس لجورج بوش الأب وجورج بوش الابن في حربيهما على العراق كانت صلاحيات واسعة. ورفض الرؤساء من الحزبين الاعتراف بدستورية قانون الحرب لعام 1973، وكانت محاولة من الكونغرس لتقييد صلاحيات الرئيس بعد حرب فيتنام.
ويلفت الكاتب إلى أن الجيش الأمريكي تحت رئاسة أوباما قام بأكثر من 1900 غارة جوية على تنظيم الدولة، خلال الأشهر الستة الماضية، دون قانون واضح من الكونغرس.
وفي رسالة وجهها لأعضاء الكونغرس يوم الأربعاء، قال أوباما إنه يعتقد أن لديه السلطة تحت القانون الساري بأن يقوم بمثل هذه الحملة. ولكنه يقول إن المهمة ستكون في وضع أفضل لو أنها حظيت بتأييد من الحزبين، وحاول إبراز ما يريده هو من الكونغرس، وما كان من سبقه من الرؤساء يريد منه.
وتنقل الصحيفة عن أوباما قوله إنه لا يريد المصادقة على حرب برية كحرب أفغانستان والعراق، وعبر عن عدم رغبته في أن تجر أمريكا مرة ثانية للحرب في الشرق الأوسط، "فلا أظن أن حربا بلا نهاية تخدم مصالح أمريكا، ولا أحبذ أن تبقى أمريكا في حالة حرب أبدية".
ويذكر الكاتب أن أوباما ترك لنفسه مجالا للتفصيل في وعد سابق بعدم استخدام قوات برية، واقترح "عدم القيام بعمليات هجوم برية قتالية طويلة الأمد"، والسماح بعمليات برية محدودة مثل عمليات الإنقاذ وعمليات برية خاصة ضد قيادات تنظيم الدولة.
وأضاف بأن التشريع يجب أن يسمح باستخدام العمليات البرية من أجل جمع المعلومات، واختيار الأهداف للطيران، وتخطيط المساعدات للجيوش الحليفة.
وقال أوباما: "إن كانت لدينا معلومات موثوقة حول اجتماع لقيادات تنظيم الدولة، ولم يكن بإمكان حلفائنا الوصول إليهم، فأنا على استعداد أن أصدر أوامري للقوات الخاصة بالتحرك؛ لأنني لن أسمح لهؤلاء الإرهابيين بملاذ آمن".
ويفيد الكاتب بأن أعضاء الكونغرس والقانونيين قالوا إن تعبير "عمليات اشتباك هجومية برية طويلة"، هو تعبير فيه من الغموض ما يسمح بالعديد من الاحتمالات، وكذلك التعبير المتعلق بالهدف، وهو الدولة الإسلامية، و "الأشخاص أو القوى المرتبطة بها". فما يحاول أوباما الحصول عليه هو بيان نوايا بالإضافة إلى وعد بقيود يستطيع هو أو خليفته الالتفاف حوله بشكل قانوني، ولكن سيكون من الصعب إهماله سياسيا.
وتشير الصحيفة إلى تعليق أعلى مستشار قانوني خلال إدارة بوش الابن جون بلنغر، الذي قال: "يقولون إن استخدام بعض القوات البرية مقبول، وبعض الهجوم البري مقبول، وبعض الاشتباك مقبول، ويمكن لهذا أن يستمر قليلا، ولكنهم لا يريدون أفغانستان ولا العراق، ولا يريدون احتلالا ولا يريدون غزوا".
ويخلص بيكر إلى أن هذا سيترك أوباما عرضة للنقد من اليمين ومن اليسار، ما يؤكد صعوبة إيجاد صيغة ترضي الجميع.