نشرت مجلة "كريستيان ساينس مونيتور" مقالا لباتريك جونسون، حول
جريمة قتل المسلمين الثلاثة، بإطلاق النار عليهم من مسافة مباشرة في تشابل هيل، نورث
كارولاينا في الولايات المتحدة، التي جاءت في وقت عصيب بالنسبة للمسلمين في أمريكا، الذين يصل عددهم إلى سبعة ملايين نسمة.
ويقول الكاتب إن دوافع الجريمة لا تزال غير واضحة، ومع أن عائلة ضياء بركات وعائلة يسر ورزان أبو صالحة، تقولان إن الجريمة هي جريمة كراهية ضد المسلمين، إلا أن الشرطة تقول إنه لا دليل على ذلك إلى الآن، وحتى بعد البحث في كمبيوتر القاتل ستيفن هيكس، الذي لا يخفي إلحاده، وقد سلم نفسه بعد الجريمة، وتقول الشرطة إن جريمة القتل وقعت بعد مشاجرة على موقف سيارة.
وتستدرك الصحيفة بأن وقوع الحادثة بعد صعود تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، وحملته في قطع الرؤوس، جعل الكثير من الأمريكيين يشعرون بأن خطر الإرهاب الإسلامي في ازدياد، بحسب عدد من الاستفتاءات، وقد وجد استفتاء لمركز بيو للأبحاث أن الأمريكيين يشعرون ببرود تجاه المسلمين أكثر من أي مجموعة دينية أساسية أخرى، وكان ترتيبهم مباشرة بعد الملحدين.
ويشير جونسون إلى أنه في بداية هذا الشهر تمت مواجهة يوم التعريف بالمسلمين في تكساس كابيتول بالمظاهرات، وتزايد الخطاب المعادي للمسلمين على مواقع التواصل الاجتماعي ثلاث مرات، بعد إطلاق فيلم "أميريكان سنايبر" (القناص الأمريكي)، بحسب لجنة مكافحة التمييز للأمريكيين العرب.
ويوضح التقرير أنه بينما تنتشر الأنشطة المعادية للإسلام، فيبدو أن أمريكا اليوم لا تصبر على العنف ضد أتباع ديانات أخرى، بحسب المراقبين. فالجريمة التي وقعت يوم الأربعاء هزت الكثير من الأمريكيين وأغضبتهم واضطرتهم إلى مراجعة ما يتعصبون له، وهذا قد يساعد على مواجهة
الإسلاموفوبيا الزاحفة.
وتنقل الصحيفة عن كبير الباحثين في فريق العمل الأمريكي من أجل فلسطين، حسين أيبش، قوله: "قد تكون لحظة ليتساءل الناس فيها: "ماذا حصل؟"، مضيفا أنها قد تكون لحظة لا تغير مسار التاريخ، ولكنها تترك أثرا ثقافيا عميقا.
ويجد الكاتب أن قضية "تشابل هيل" غير واضحة إلى الآن، فقد أخبرت سامانثا مينز، التي تعيش في المجمع ذاته الذي عاش فيه الضحايا، بأن فرصة غضب هيكس على أي من سكان المجمع كانت متساوية، ولكن كتابات هيكس تشير إلى شخصية تغضبها مظاهر التدين مثل تلك التي بدت من جيرانه المسلمين. كما أن محمد أبو صالحة، والد الشابتين، ذكر أن هيكس كان يفرض نفسه ضد جيرانه وأحيانا وهو مسلح، وساء الأمر بعد أن تحجبت ابنتاه، وكانتا محجبتين عندما قام بقتلهما.
وقال أبو صالحة للصحافيين إن هيكس "ضايق ابنته وزوجها أكثر من مرة من قبل، وتحدث معهما ومسدسه في حزامه"، وقال لصحيفتي "رالي نيوز" و"أوبزيرفر" إن ابنته قالت له: "والله إنه يكرهنا بسبب هويتنا ومظهرنا"، بحسب الصحيفة.
ويرى جونسون أن مسألة ما إذا كانت جريمة "تشابل هيل" هي جريمة كراهية أم لا، لها أهمية رمزية وقانونية. ويرى الخبير في عنف المتطرفين في جامعة كاليفورنيا ستيت، برايان ليفين، أنها ستزيد من العقوبات المحلية والفيدرالية، ولكن المحاكم قد تكون آلياتها خاطئة لتخفف من الاحتقان الديني.
وينقل التقرير عن ليفين قوله: "إن دافع الكراهية هو أذى اجتماعي خاص، يهمنا جدا أن نقاضيه، ولكن المحاكم ليست مؤهلة للتعويض المعنوي الذي يدعم رغبة المجتمع في التعافي"، مبينا أن القضية الأوسع التي تجب معالجتها هي تنامي التخوف من المسلمين في المجتمع الأمريكي.
ويضيف البروفيسور ليفين للصحيفة: "ما يجعل هذه القضية مهمة، بغض النظر عن الدافع، هو أن هذه الجريمة تأتي في وقت فيه تمييز قوي ضد المسلمين في الولايات المتحدة، ومضايقات يومية ومعارضة لبناء المساجد، ومحاولات لسن قوانين ضد الشريعة، ولا أظن أن هذه الجريمة يمكن أن تحدث من فراغ".
ويلفت الكاتب إلى أنه بحسب استفتاءات بيو، فإن النظرة السلبية للمسلمين بدأت بالتراجع ما بين عامي 2001 إلى 2006، ثم عادت للتنامي مرة أخرى، لتصل إلى 63%، ويقول أستاذ علم الاجتماع في جامعة نورث كارولاينا في "تشابل هيل"، تشارلز كرزمان، إن هذا التوجه يستمر حتى يومنا هذا.
ويرى البروفيسور كروزمان أن المشكلة أن الإسلاموفوبيا تتحول شيئا فشيئا إلى توجه عام إلى درجة ما، وهذا يجعل حياة المسلمين الأمريكيين اليومية صعبة جدا.
ويفيد التقرير بأن البعض يرون أن صدمة المجتمع الأمريكي بالجريمة قد تتحول إلى قوة نحو التغيير.
ويعتقد جونسون أنه بالرغم من أن مقتل المسلمين الثلاثة في "تشابل هيل" لم يكن هو تلك اللحظة الحاسمة، ولكنه سيترك أثرا، فشرائح المجتمع الأمريكي كلها أعلنت تضامنها مع المجتمع المسلم في رالي-دارهام-تشابل هيل، بسبب وفاة ثلاثة شباب موهوبين تخرجوا كلهم من مدارس رالي.
وتبين الصحيفة أن مساعدة بركات لفقراء الشرق الأوسط، بتقديم خدمات طب الأسنان، أبرزت بشاعة الجريمة التي ارتكبها هيكس، حيث إنه سرق شيئا مهما ليس من أهالي الضحايا ومجتمعهم الصغير فقط، بل ومن أمريكا.
وتختم "كريستيان ساينس مونيتور" تقريرها بالإشارة إلى أن أصدقاء بركات اجتمعوا يوم الأربعاء لتأبين زميلهم، وكانت رسالتهم المهمة: "لا تواجهوا الكراهية بالكراهية، ولكن واجهوا الكراهية بالحب".