بين
الكلب ماكس الذي قتله بعض الشباب يوم الأربعاء 25 فبراير انتقاما من عضه لهم والذي أقيمت من أجله سرادقات العزاء الافتراضي، ودبجت له صفحات الصحف وبرامج الفضائيات، وكلب السيدة أم كلثوم (فوكس) الذي عض شخصا فحبست الشرطة هذا الشخص تقديرا لكلب الست، وقطط هوانم نادي الجزيرة.. قصص وحكايات تكشف بعض جوانب الحياة في ظل الأنظمة العسكرية المستبدة.
فحين تغيب القضايا الكبرى أو يراد تغييبها، تظهر التفاهات والسفاهات، وتنفخ فيها السلطات الحاكمة كسلاح لإلهاء الشعب عن قضاياه وهمومه الكبرى، حدث ذلك في
مصر عقب هزيمة 1967، حين أغرقت السلطة المجتمع بأفلام ومسلسلات مغرقة في الرومانسية والتفاهة بهدف امتصاص وتفريغ الغضب الذي يعتمل في النفوس من الهزيمة النكراء والحيلولة دون تحوله فعلا مناهضا لسلطة العسكر على الأرض، واليوم يكرر العسكر أسلوبهم القديم الذي استدعوه من الستينات لإلهاء الشعب عن همومه الكبرى بافتعال أو استغلال بعض الأحداث التافهة، والنفخ فيها إعلاميا لتصبح هي قضية المجتمع التي تدبج لها صفحات الصحف وتمتليء بها برامج الفضائيات، ويشحذ علماء التفاهة هممهم لتفسيرها وتحليلها ، وتمتلي صفحات التواصل الاجتماعي بتطوراتها .
يوم الأربعاء 25 فبراير تشاجر بعض الشباب في شارع الهرم بمنطقة شبرا الخيمة مع شخص آخر يمتلك كلبا، وتدخل الكلب للدفاع عن صاحبه فعض بعض الشباب الذين أصروا على قتل الكلب كنوع من الإنتقام وحتى لا يتسبب في عض آخرين، بينما حاول صاحبه أن يسترضيهم بذبح خروفين كفدية وتعويض لهم، وأمام إصرارهم على قتل الكلب، وخوف صاحبه من الانتقام اضطر لتقييد الكلب بنفسه لتسهيل عملية قتله، وأثناء عملية القتل بأسلحة بيضاء قام بعض المارة بتصوير لقطات فيديو وبثها عبر صفحات التواصل، وهنا قامت الدنيا في مصر ولم تقعد، وإنتفضت القنوات الفضائية والصحف الخاصة والعمومية، وهي التي تقبلت من قبل قتل آلاف المصريين بطريقة همجية في رابعة والنهضة والعديد من ميادين مصر وقراها، وهي أيضا التي تعاملت بلا مبالاة في اليوم ذاته مع
تعذيب المحامي كريم حمدي محمد، حتى الموت داخل قسم شرطة المطرية، وهي وسائل الإعلام ذاتها التي أفردت مساحات كبيرة من قبل لتغطية مظاهرة سيدات نادي الجزيرة الأرستقراطي في الذكرى الأولى لمذبحة رابعة إحتجاجا على قتل بعض القطط داخل النادي، بينما -للمفارقة - لم تعط هذه الوسائل الإعلامية مثل هذه العناية لواقعة انتحاررئيس اتحاد شباب الثورة بالغربية، أحمد فليفل بسبب عجزه عن مواجهة متطلبات الحياة الأساسية التي وقعت في اليوم ذاته الذي قتل فيه الكلب (الأربعاء 25 فبراير)
موقعة الكلب الجديدة استنفرت جمعيات الرفق بالحيوان التي تقدمت فعلا ببلاغ للنيابة، وحركت الشرطة للقبض على الجناة، الذين أمرت النيابة بحبسهم فعلا تمهيدا لتحويلهم للمحاكمة، فيما إضطر أحد المتهمين الذين شاركوا في القتل لنشر فتوى للشيخ بن عثيمين تبيح قتل الكلاب المؤذية، ووصل "الهبل" منتهاه بدخول مقدمي برامج التوك شو مثل محمود سعد ووائل الإبراشي وأحمد موسى ويوسف الحسيني وعمرو عبد الحميد وإيمان الحصري وغيرهم على الخط منتقدين قتل الكلب، والطريقة التي قتل بها، وقال محمود سعد إن هناك آخرين يستحقون القتل وليس هذا الكلب، وهو ما تم تفسيره في سياقات متعددة ، ووصف إعلاميون آخرون طريقة قتل الكلب بطريقة الدواعش في قتل ضحاياهم، بل وصف بعضهم الشباب بأنهم دواعش فعلا.( انتقادي للمبالغة الإعلامية لايعني موافقتي على قتل الكلب في الشارع بتلك الطريقة، فانا مؤمن بأن الله كتب الإحسان في كل شيء بما فيه قتل الحيوانات" إذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة").
قصة الكلب ماكس تذكرنا بقصة كلب آخر هو كلب سيدة الغناء العربي أم كلثوم، والذي روى قصته شعرا الشاعر أحمد فؤاد نجم، وتتلخص القصة في ان أحد المصريين كان يمر أمام فيللا ام كلثوم فهجم عليه الكلب وعضه، فتقدم صاحبنا ببلاغ للشرطة، التي لم تحقق في البلاغ بل قامت بحبس المجني عليه تقديرا لكلب الست أم كلثوم، وكتب الشاعر أحمد فؤاد نجم وقتها قصيدته كلب السيت، ومن ابياتها "هيص يا كلب الست هيص ..لك مقامك في البوليس.. بكرة تتشكل وزارة يعملوك فيها رئيس، ولا أستبعد أن نقرأ قريبا قصيدة او قصائد لشعراء الغبرا مماثلة لكلب الست حول الكلب ماكس..
رحم الله
شهداء مصر.