نشرت صحيفة "ديلي تلغراف" تقريراً لمحرر شؤون الشرق الأوسط ريتشارد سبنسر، حول مخاوف دول المنطقة من السيطرة
الإيرانية على العراق، حيث قال إن
السعودية هي الدولة الثانية من حلفاء أمريكا في المنطقة التي تطلب من الولايات المتحدة إدخال قوات برية لمحاربة
تنظيم الدولة.
ويشير التقرير إلى أن وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل قال لنظيره الأمريكي جون كيري إنه يخاطر بالسماح لإيران "بالسيطرة على العراق"، وهذا شبيه بالمخاوف التي أبدتها إسرائيل من سياسة البيت الأبيض تجاه طهران.
وتذكر الصحيفة أن الولايات المتحدة وحلفاءها تقوم بتوجيه ضربات جوية لتنظيم الدولة في سوريا والعراق، ولكنها ترفض وضع قوات برية على الأرض، ولذلك فإن الوضع خارج المناطق الكردية في سوريا وفي العراق متأثر بإيران، ومن يعمل بالنيابة عنها من ميليشيات شيعية مثل حزب الله.
ويبين سبنسر أن هذا تسبب بقلق في السعودية، التي تعد المنافس السني لإيران على النفوذ في المنطقة. وتقوم الحكومة العراقية بمهاجمة تنظيم الدولة في
تكريت، مسقط رأس الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وتقع شمال بغداد، ولكن معظم تلك القوات مؤلفة من ميليشيات شيعية موالية للحكومة، وقادة تلك الميليشيات مقربون من النظام الإيراني، مع أن الغالبية العظمى من سكان تكريت هم من السنة.
ويلفت التقرير إلى أن حوالي 28 ألف شخص قد هربوا من بيوتهم عندما سمعوا بالعملية، بحسب الأمم المتحدة. وقال الأمير سعود إن "تكريت هي مثال رئيسي على ما يقلقنا، فإن إيران تقوم باحتلال البلد".
ويوضح الكاتب أن احتمال التوصل إلى صفقة مع إيران بخصوص برنامجها النووي، بالإضافة إلى رفض أوباما إرسال قوات مرة أخرى إلى العالم العربي، بالرغم من سلسلة الحروب الأهلية التي تجتاح أكثر من بلد، يرسلان موجات عنيفة هزت حلفاء أمريكا.
وتذكر الصحيفة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تسبب بأسوأ أزمة في العلاقات مع البيت الأبيض بتحدي أوباما والصفقة المطروحة مع إيران من منصة الكونغرس.
ويفيد التقرير بأن السعودية تخشى أن تكون الأزمات المتعددة في العالم العربي أعطت إيران فرصة لبسط نفوذها. ففي سوريا يعتمد نظام بشار الأسد بشكل كبير على المساعدات الإيرانية ودعم المستشارين الإيرانيين وحزب الله، وفي اليمن قامت ميليشيا تدعمها إيران بطرد الرئيس الذي تدعمه السعودية من العاصمة.
وتستدرك الصحيفة بأنه في العراق وبالرغم من أن الحكومة يجب أن تكون متوازنة بين السنة والشيعة، إلا أن الدور الأمني الذي تؤديه الميليشيات الشيعية يتنامى منذ انهيار الجيش عند مواجهة تنظيم الدولة الصيف الماضي.
ويذهب سبنسر إلى أن الهجوم الحالي على تكريت هو من تخطيط رجلين على الأقل، بحسب الصور الدعائية التي نشرتها مصادر مؤيدة لبغداد. أحدهما هادي العامري قائد منظمة بدر، وهي ميليشيا شيعية قريبة من إيران، والآخر هو قاسم سليماني، قائد قوات فيلق القدس الإيراني، وهو الذراع الخارجي للحرس الثوري الإيراني.
ويورد التقرير أنه يتم تنسيق الهجوم على تكريت من قرية تقع شرق المدينة، وقد تسبب خطاب في جمع حاشد في إيران الشهر الماضي بقلق في أنحاء الخليج، ويقول: "إننا نشهد تصدير الثورة الإسلامية إلى أنحاء المنطقة من البحرين إلى العراق إلى سوريا إلى اليمن إلى شمال إفريقيا". وللسعودية حدود طويلة مع العراق ومع اليمن، كما أن لديها أقلية شيعية مضطربة.
وتنقل الصحيفة عن الأمير سعود قوله: "نرى إيران تتدخل في سوريا وفي لبنان وفي اليمن وفي العراق، والله أعلم أين كذلك، وهذا يجب أن يتوقف إن كانت إيران ترغب أن تكون جزءاً من الحل في المنطقة، لا أن تكون جزءاً من المشكلة".
وطالب الأمير سعود التحالف الذي تقوده أمريكا ضد تنظيم الدولة، الذي تشارك فيه السعودية، بوضع قوات على الأرض، ويقول: "تؤكد المملكة الحاجة لتوفير الوسائل العسكرية لمواجهة هذا التحدي على الأرض".
ويذكر التقرير أن كيري يرى أن الاتفاق النووي هو قضية مختلفة عن موضوع التمدد الإيراني في المنطقة، وأنه "لم يكن وراء صفقة كبيرة مع طهران، حتى في الوقت الذي نتفاعل في محادثات مع إيران حول برنامجها، فلن نغض الطرف عن الأفعال الإيرانية المزعزعة للاستقرار في أماكن مثل سوريا ولبنان والعراق وشبه الجزيرة العربية، وتحديداً في اليمن".
ويختم سبنسر تقريره بالإشارة إلى أنه من الملاحظ أن التحالف الذي تقوده أمريكا، لا علاقة له بعملية تكريت، وقال المسؤولون في أمريكا إن هذا الغياب عن العملية هو استنكار للاستخدام المفرط للميليشيات التي تدعمها إيران.