أعلنت وزارة الداخلية في
مصر السبت، تنفيذ أول حكم بالإعدام ضد أحد معارضي الانقلاب، وهو شاب أدين بإلقاء أطفال من فوق عقار بمدينة الإسكندرية في يوليو 2013 خلال اشتباكات، بين مؤيدين ومعارضين لعزل الرئيس محمد مرسي.
وحملت قصة محمود
رمضان منذ ظهوره في مقطع فيديو انتشر على الإنترنت وحتى إعدامه، لغطاً كبيراً، وتغيراً في مواقف الكثيرين في مصر، خاصة معارضي الانقلاب الذين هاجموه في البداية وتعاطفوا معه في النهاية، لكن بعد فوات الأوان.
وأظهر الفيديو شخصاً ملتحياً يحمل علماً أسود، موجود أعلى عقار سكني، فيما يلقي رجال مجهولون أشخاصاً من فوق خزان للمياه إلى سطح العقار.
وفي إطار موجة عارمة من "الهَري" - وهي كلمة عامية مصرية تعني التحدث في أمر ما بغير علم - شكك نشطاء وسياسيون ووسائل إعلام معارضة للانقلاب في صحة الفيديو، وقالوا إنه مفبرك، فيما قال آخرون إن رمضان هو عميل للمخابرات، وأنه كان عضواً سابقاً في الحزب الوطني المنحل، وتعمد ارتكاب هذه الجريمة لتشويه صورة معارضي الانقلاب.
وبعد القبض عليه، أعلنت وسائل إعلام وصفحات معارضة للانقلاب تبرؤها منه، ووصفته بالجهادي المتشدد قاتل الأطفال، ونفت انتماءه لجماعة الإخوان المسلمين.
ولم تتوقف التعليقات الغريبة عند هذا الحد، بل تطوع آخرون منذ أسابيع قليلة بالتذكير بأن رمضان لم يعدم حتى الآن، واتخذوا من ذلك دليلاً على أن القضية برمتها ليست إلا مسرحية هزلية، وتحدوا النظام الحاكم بأن ينفذ فيه حكم الإعدام إن كان الأمر حقيقياً.
ضحية التضليل الإعلامي
وفجأة، وبدون مبرر مقنع، تحول موقف معارضي الانقلاب 180 درجة من رمضان مطلع الشهر الماضي، ودشنوا حملة للتضامن معه باعتباره شخصاً بريئاً، وطالبوا بوقف تنفيذ الحكم بإعدامه.
وعقب إعدامه، تحول رمضان إلى رمز للتضحية والشهادة في سبيل الحق، وأعلن سياسيون ونشطاء معارضون أنه قتل بقرار سياسي ولم يحظ بمحاكمة عادلة.
من جانبها، قالت لين محمد، زوجة محمود رمضان، إن زوجها كان
ضحية لأكبر عملية تضليل إعلامي في تاريخ مصر - في إشارة إلى الإتهامات التي تم توجيهها إليه من طرفي الصراع -، مؤكدة أن الاعترافات التي أذاعتها الداخلية على لسانه كانت تحت التهديد.
وأشارت - في تصريحات صحفية - إلى أن الشرطة هددته باغتصاب أمه وزوجته أمام عينيه إذا لم يعترف بارتكاب الجريمة، وأنه اختار الشهادة في سبيل الله ليموت دون عرضه.
وكانت الداخلية قد أذاعت في يوليو 2013 فيديو لاعترافات محمود رمضان عقب القبض عليه، يقول فيها إنه شارك في إلقاء أحد الأشخاص من فوق خزان المياه أعلى العقار، كما طالب بإنزال عقوبة الإعدام بحقه قصاصاً للضحايا.
وأيدت محكمة النقض الشهر الماضي، الحكم الصادر من محكمة جنايات الإسكندرية في مايو 2014، بإعدام رمضان، بعد إدانته بالجريمة، كما أيدت المحكمة، أيضاً، الأحكام بحق 62 متهماً في القضية ذاتها، تراوحت بين السجن سبعة أعوام و25 عاماً.
ورأى مراقبون أن تنفيذ الحكم بإعدام محمود رمضان، يحمل رسالة إلى المعارضين للنظام ولجماعة الإخوان المسلمين بشكل خاص بهدف ردعهم وإخضاعهم.
وقالت منظمة العفو الدولية إن إعدامه يأتي في إطار محاكمة غير عادلة، حيث لم يستمع فيها إلى الشهادات كافة التي تبرئه، وأن أدلة الإدانة بالغة الضعف.
الداخلية تتراجع عن إذاعة مشهد إعدامه
وسادت حالة من الجدل وتضارب الأنباء حول إذاعة فيديو لعملية إعدام محمود رمضان على شاشات التلفزيون المصري، حيث طالب مؤيدو الانقلاب بث الفيديو لـ "ردع" باقي الإرهابيين - على حد قولهم -، فيما عارض آخرون هذه الخطوة باعتبارها تتنافى مع حقوق الإنسان.
وبعد ساعات من الترقب، أكدت وزارة الداخلية رفض الوزير اللواء مجدي عبدالغفار، بث مشهد الإعدام حفاظاً على مشاعر المواطنين، على الرغم من أن الهدف من بث الفيديو كان توصيل رسالة ردع للإرهابيين.
وأوضحت صفاء حجازي رئيس قطاع الأخبار في التلفزيون المصري - في تصريحات صحفية - أنه قبل دقائق من بث الفيديو، تلقت اتصالاً من وزارة الداخلية يخبرها برفض الوزير إذاعته.
وأصدرت المحاكم المصرية منذ انقلاب 1436 حكماً غير نهائي بالإعدام، بحق معارضين للانقلاب على رأسهم المرشد العام للإخوان المسلمين محمد بديع، وعدد من قيادات الجماعة، لكن إعدام محمود رمضان كان الحكم الأول الذي يتم تنفيذه فعلياً.