تسبب إصلاحات سوق الصرف في
مصر ضررا كبيرا لكثيرين من تجار
القمح من
القطاع الخاص الذين يكافحون لتوفير شحنات لأكبر دولة مستوردة للقمح في العالم.
وكان البنك المركزي المصري قد خفض قيمة الجنيه الشهر الماضي، ووضع قيودا على الودائع بالدولار في البنوك، بحيث لا تتجاوز 50 ألف دولار شهريا، بهدف القضاء على السوق السوداء.
لكن القيود على السوق السوداء لم تقابلها زيادات كبيرة في الدولارات المتوفرة عبر القنوات الرسمية، وهو ما أدى إلى نقص في العملة الصعبة ألحق ضررا شديدا بالمستوردين على وجه الخصوص.
وقال جيسون توفي، خبير اقتصادات الشرق الأوسط لدى كابيتال إيكنوميكس: "لم يعد بوسع الشركات شراء الدولار من السوق السوداء ثم وضعها في البنوك لفتح خطابات اعتماد للاستيراد".
وتستورد مصر أكثر من 10 ملايين طن من القمح سنويا وتستورد الدولة معظم هذه الكمية. وقالت الهيئة العامة للسلع التموينية الحكومية لـ"رويترز"، إنها لا تواجه أي تأخير في المدفوعات بسبب الإجراءات الجديدة.
لكن القطاع الخاص الذي يستورد نحو 4.5 مليون طن، يعاني بشدة.
وقال تاجر في شركة صغيرة لاستيراد القمح: "تسمح البنوك بإيداع 50 ألف دولار شهريا. معظم
شحناتي بقيمة 700 ألف دولار. فهل من المفترض أن أنتظر 14 شهرا كي أسدد للمورد؟".
ويحاول التجار الالتفاف على القيود المصرفية، عبر إدراج الشحنات الكبيرة كعشرات من الشحنات الصغيرة وتوفير تمويل منفصل لكل شحنة. كما أنهم يفتحون حسابات في أكثر من بنك.
وقال هشام سليمان، المدير العام لمجموعة "أم النور" التي تستورد عادة 700 ألف طن من القمح سنويا: "لم أستورد أي شحنات منذ شهرين لأن هذه القواعد ليست عملية.
وأضاف أنه "من الأفضل أن تنتظر وتتابع بدلا من أن تضع نفسك في قلب هذه الفوضى".
وإصلاحات سوق الصرف جزء من جهود أكبر تبذلها مصر لترويج صورة مواتية للاستثمار، قبيل المؤتمر الاقتصادي الذي يبدأ غدا الجمعة في مدينة شرم الشيخ.
ولم يرد البنك المركزي على طلبات للتعليق.
كان البنك قد عرض 420 مليون دولار في مزاد استثنائي في "سوق ما بين البنوك" (الإنتربنك) الأسبوع الماضي، في ما يهدف جزئيا لتسهيل تسوية واردات مكدسة بالموانئ.
لكن تجارا يقولون إن المزادات الاستثنائية للدولار تغذي حالة عدم اليقين.
وقال تاجر مقيم في أوروبا ينتظر أن يسدد شركاؤه في مصر قيمة شحنات معلقة: "لا يوجد مؤشر على مدى انتظام تدفقات الدولار".
ويقول تجار إنه ليس بوسعهم تحمل تبعات الخروج من هذه السوق الضخمة.
وذكر تاجر في شركة استوردت 100 ألف طن من القمح لمصر العام الماضي: "يكون الجميع أكثر ترددا في إبرام الصفقات إن لم يكن تمويل تلك الصفقات يتسم بالشفافية الكاملة".
وقال: "لا تزال المكاسب تتحقق بالطبع. لكن النقص (في العملة الصعبة) أبطأ (العمليات)".