أعرب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، عن استعداده لتبني قوانين متشددة ضد التطرف، في حال فوزه في الانتخابات القادمة، وقال إن البرلمان المقبل سيكون لديه المجال لتشريع وتمرير قوانين أكثر تشددا، ما يعطي الحكومة المجال لحظر جماعات متطرفة تقوم بالترويج للعنف.
جاء هذا بعد قرار الحكومة وضع
التقرير، الذي أعده سفير
بريطانيا في الرياض سير جون جينكنز، حول فلسفة وتاريخ
الإخوان المسلمين، على الرف. وكان كاميرون قد طلب إعداد التقرير العام الماضي، بضغط من دول عربية تحاول ملاحقة وحظر نشاطات الإخوان، وتصنيفها جماعتهم بأنها إرهابية.
وتقول صحيفة "الغارديان" البريطانية، إن سير جينكنز قد انتهى من إعداد التقرير في تموز/ يوليو الماضي، ولم يتوصل إلى أدلة تظهر دعم الإخوان لنشاطات إرهابية. ولم تعثر الحكومة في التشريعات الحالية، التي صدرت منذ هجمات أيلول/ سبتمبر 2001 لمكافحة
الإرهاب، على مخرج قانوني لوقف نشاطات الإخوان في بريطانيا.
وتبين الصحيفة أن التحرك غير المتوقع من رئيس الوزراء سينظر إليه البعض في دوائر الحكومة على أنه محاولة لتخفيف الضربة التي ستشعر بها حكومات شرق أوسطية، حيث إنها ستشعر بالخيبة لعدم حظر جماعة الإخوان المسلمين.
ويذكر التقرير أن مكتب رئيس الحكومة سيوضح أن القوانين الحالية في تعريفها الضيق للإرهاب تعقد على الحكومة الأمل في حظر جماعات مثل الإخوان المسلمين، ولا تتحرك الحكومة لحظر جماعات، إلا في حال العثور على أدلة واضحة تثبت تورط الجماعات بأعمال إرهابية.
وتلفت "الغارديان" إلى أن كاميرون يدرس فكرة التوصية بمراجعة القوانين الحالية لمكافحة الإرهاب في البيان الرسمي للحزب للانتخابات العامة، الذي سينشر في 7 أيار/ مايو.
ويفيد التقرير بأن التفكير داخل دوائر الحكومة بضرورة وجود قوانين واضحة، برز بعد أن وضعت الحكومة ملف التحقيق في نشاطات الإخوان المسلمين على الرف.
وتبين الصحيفة أن التحقيق ونتائجه لم يرض المسؤولين في السعودية والإمارات ومصر، وهي الدول التي تقود الحملة على الإخوان المسلمين، وتقول: "قد قرر رئيس الوزراء إجراء تحقيق العام الماضي، بعد تعرض بريطانيا لضغوط لحذو حذو مصر والسعودية في حظر الجماعة". وتزعم السعودية ومصر أن الإخوان يتخذون لندن مركزا لنشاطاتهم.
وينقل التقرير عن مكتب رئيس الوزراء قوله إن تأجيل نشر المراجعة في نشاطات الإخوان، جاء لأن الحكومة كانت منشغلة في إتمام مراجعتها لاستراتيجية مكافحة التطرف. ويضيف أن "المراجعة قد تأخرت بسبب الخلاف بين المحافظين والليبراليين حول منع الدعاة المتطرفين من إلقاء محاضرات في الجامعات، وتريد وزيرة الداخلية تريزا مي منع الدعاة الذين ينشرون أفكارا متطرفة، ويرى الليبراليون أن هذا ينتهك حرية التعبير، ويقولون إنه يجب منع الدعاة الذين ينشرون العنف".
وتوضح الصحيفة أنه كانت تقارير قد أعلنت عن موعد نشر التقرير يوم الاثنين، إلا أن كاميرون أوعز بوقف نشره، وهو ما أثار دهشة داخل الحكومة، ولم يتحدث مقر رئيس الوزراء عن أي صلة بين المراجعة في نشاطات الإخوان والتقرير المنفصل الذي تعده الحكومة حول استراتيجية مكافحة التطرف.
ويورد التقرير أن الإعلان عن نشر المراجعة في نشاطات الإخوان كان رسميا على أوراق مروسة في مجلس العموم، ولم يذكر أي شيء عن مراجعة قوانين مكافحة التطرف.
وتنقل "الغارديان" عن مصدر قوله، إن الحكومة ستحاول تغيير القانون الذي يحظر الجماعات الإرهابية بطريقة ترضي دول الخليج، التي تريد حظر الإخوان المسلمين.
ويضيف المصدر للصحيفة أن "هذا مثل إعطاء السعوديين والإماراتيين نخلة، والقول لهم لا نستطيع مساعدتكم في هذا الوقت، وهذه تحلية لتخفيف حدة البرشامة المرة التي ابتلعوها، خاصة أنهم كانوا يتوقعون حظر الإخوان، وتصنيفهم على أنهم جماعة إرهابية".
ويعرض التقرير لرأي المتحدث باسم رئيس الوزراء، الذي يقول: "نريد أن ننجز الأمرين معا، فلا تزال استراتيجية مكافحة التطرف محلا للنقاش داخل الحكومة".
وأضاف المتحدث باسم الحكومة أنه من المحبذ نشر التقرير مع المراجعة للاستراتيجية لارتباطهما معا، ويقول: "لقد استفادت استراتيجية مكافحة التطرف من بعض النتائج الأولية التي دفعت تحليل سير جون جينكنز، وعليه فإن هناك علاقة بينهما. ومع ذلك فالعمل التحليلي حول الإخوان المسلمين سيرشد الحكومة في البرلمان المقبل"، بحسب الصحيفة.
وتنقل الصحيفة عن مصادر حكومية قولها إن تقرير جينكنز سيظل مهما للنقاش المتعلق بالتحركات المناسبة ضد من ينشرون التطرف، ولكنهم لا يمارسون العنف، وعليه فرئيس الوزراء مستعد للقول إن القانون مقيد في هذه النقطة، ويمكن لتقرير جينكنز أن يساعد البرلمان المقبل.
ويشير التقرير إلى أن رئيس الوزراء قد واجه إحراجا في الفترة الأولى من عمل البرلمان، بعد أن رفضت حكومته تصنيف حزب التحرير على أنه إرهابي، رغم أن كاميرون قرّع غوردون براون عام 2009 لعدم اتخاذه هذه الخطوة.
وتقول الصحيفة إن الدول العربية التي ضغطت باتجاه إجراء التحقيق لن تستغرب من تأخير نشره، وستجد عزاء في أن البرلمان المقبل سيكون أكثر تشددا في مجال قوانين مكافحة الإرهاب، بما في ذلك الجماعات الإسلامية.
ويذهب التقرير إلى أن دولة الإمارات قالت إنها لن تعلق على نتائج التقرير، خاصة أنه لم يتوصل إلى نتيجة تطالب بحظر وتصنيف الجماعة على أنها إرهابية. وتعد الإمارات من أكثر الدول المتشددة تجاه الإخوان.
وتذكر الصحيفة أن أي شيء ذكره التقرير حول حركة حماس، التي تسيطر على قطاع غزة، والتي خرجت من عباءة الإخوان المسلمين، سيتم التدقيق فيه.
ويظهر التقرير أن المتعاطفين مع الإخوان لا يزالون غاضبين من المراجعة، التي يرون فيها مصادقة من الحكومة البريطانية على الانقلاب، الذي قام به الجيش المصري ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي.
وتنقل الصحيفة عن مصادر قولها، إن الإعلان عن المراجعة في ظل الثورات العربية كان خطأ؛ لأنها أعطت توقعات للكثير، ولم يتم الوفاء بها. كما أن اختيار سير جينكنز لقيادة التحقيق كان مشكلة أخرى، فرغم كفاءته وخبراته في العالم العربي، إلا أن موقعه كونه سفيرا في السعودية أعطى انطباعا عن وجود "تضارب في المصالح"، وهناك عامل آخر أثار بعدا للمشكلة، وهو تهديد الإخوان في بريطانيا وخارجها باتخاذ إجراءات قانونية ضد الحكومة البريطانية.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالقول إن الاهتمام بالتقرير قد تلاشى بسبب مشاركة بريطانيا في الحرب ضد تنظيم الدولة في العراق وسوريا، ونظرا للخطوات التي اتخذها العاهل السعودي الملك سلمان بتجنب موضوع الإخوان، خاصة أن قادة الإخوان قد تركوا قطر، التي تقدم الدعم لهم، ومعظمهم يعيشون الآن في تركيا.