قالت صحيفة الغارديان البريطانية إن وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي أجبرت على التخلي عن قواعد تشريعية جديدة كانت ستمكن الوزراء من إصدار أوامر للجامعات والكليات بـ"حظر المتحدثين المتطرفين الذين يستدعون من خارجها".
وأشارت الصحيفة إلى أن سبب تأجيل نشر استراتيجية محاربة
الإرهاب يعود لخلافات داخل حكومة الائتلاف، وربما يستمر لما بعد الانتخابات العامة.
ولفتت إلى أن ماي أجبرت على التخلي عن خطتها لإصدار تعليمات وزارية مسنودة بالتهديد باتخاذ إجراءات قضائية بتهمة ازدراء المحكمة ضد
الجامعات التي تفشل في التقيد بالسياسة الجديدة، وذلك إثر معارضة شديدة جابهتها الوزيرة من داخل حزب الأحرار الديمقراطيين ومن داخل مجلس اللوردات.
وكانت إرشادات وزارة الداخلية الأصلية المقترحة تشترط على الجامعات القيام بإجراء تحريات صارمة بحق جميع المتحدثين الزائرين الذين يدعون لمخاطبة الطلاب داخل الجامعة. وتطالب هذه الإرشادات الاتحادات الطلابية بالتقدم إلى سلطات الجامعات بطلب مسبق قبل موعد النشاط المنوي ترتيبه بما لا يقل عن أربعة عشر يومًا، حتى تتمكن من إجراء التحريات اللازمة وإلغاء النشاط عند الضرورة، إلا أن ما رشح من معلومات يفيد بأنه تم الآن التخلي عن كل هذه الإجراءات.
وقالت الصحيفة إن عددا من أعضاء مجلس اللوردات عن حزب المحافظين، بما في ذلك اللورد لامونت واللورد ديبن، صرحوا عن معارضتهم القوية لما وصفوه بالهجوم الشامل على حرية التعبير.
وأشارت الصحيفة إلى أن التقرير الذي يقضي بمراجعة نشاطات جماعة الإخوان المسلمين في
بريطانيا تم تأجيله إلى ما بعد الانتخابات.
ويعتبر الفشل في نشر الاستراتيجية الجديدة لمحاربة الإرهاب بمثابة إسدال للستار على أجزل قضايا السياسة العامة التي شغلت التحالف الحاكم، والتي أدت في السنة الماضية إلى صدام علني بين ماي وزميلها في مجلس الوزراء الوزير المحافظ مايكل غوف.
ومن المتوقع أن تلقي وزيرة الداخلية خطاباً شاملاً الاثنين، تستعرض فيه التحديات التي تواجه معالجة القيم المتطرفة في المجتمع بالمعنى الأشمل، بما في ذلك قضايا مثل ختان الإناث ومنع النساء من الخروج إلى العمل.
وكان دافيد كاميرون قد قال في وقت مبكر من هذا الأسبوع إن من الواضح أن "ثمة حاجة لإجراءات إضافية وأكثر شمولية سيناط بالبرلمان القادم النظر فيها من أجل مواجهة التهديد الناجم عن
التطرف في المملكة المتحدة، وكذلك من أجل دعم المجتمعات في سعيها لتحدي أولئك الذين يعارضون القيم البريطانية".
ويتوقع أن تجدد ماي التعهد الذي قطعته على نفسها في مؤتمر الحزب في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي وتعهدت فيه بأن برنامج حزب المحافظين سيشتمل على أوامر لحظر الجماعات المتطرفة، وكذلك على "أوامر فض التطرف" في التعامل مع المتطرفين الذين يبثون الكراهية دون أن ينتهكوا القانون.
والمجموعة الأخيرة من الأوامر التي سيحرم بموجبها من يتهمون بالتطرف من الحديث عبر الأثير تذكر بما كانت قد فرضته رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر، من حظر على ظهور صوت جيري آدمز وغيره من قادة الشين فين في الإذاعة والتلفزة.
وكان "الديمقراطيون الأحرار" قد حالوا دون تمرير هذه المقترحات في الخريف الماضي بعد أن غدا واضحاً أن السيدة ماي كانت تسعى لاستهداف "كامل الطيف المتطرف"، بما في ذلك نشطاء البيئة وليس فقط "الطرف المتصلب" الذي كان فيما سبق محل تركيز سياسة مكافحة الإرهاب.
ووعد كاميرون مراراً وتكراراً بحظر جماعات مثل "حزب التحرير"، خلال السنوات الخمس الماضية، ولكن وزارة الداخلية كانت في كل مرة تخلص إلى أنهم لا تتوفر فيهم الشروط التي يمكن بموجبها حظر منظمتهم، بحسب التشريعات المعمول بها حالياً.
وأشارت الصحيفة إلى أن كبار المسؤولين في وزارة الداخلية سيطلبون من أعضاء البرلمان وأعضاء مجلس اللوردات الاستفادة من الأيام المتبقية للبرلمان الحالي الأسبوع القادم، للتصويت بإجازة التشريعات الثانوية التي يمكن بموجبها تطبيق نظام جديد في مختلف أرجاء القطاع العام، بما في ذلك داخل السجون والمدارس والسلطات المحلية من أجل "الحيلولة دون أن ينجذب الناس نحو الإرهاب".
وبحسب التوجيه التشريعي المنبثق عن القانون الجديد الخاص بمكافحة الإرهاب وبالأمن، فإنه يطلب من المسؤولين في خطوط المواجهة، بما في ذلك داخل الجامعات والمدارس، حضور دورات تدريبية لزيادة الوعي بمكافحة الإرهاب، ويطلب منهم التفاعل مع المشروع المعروف باسم "امنع". كما أنه ينص بوضوح على أنه يناط بهم قانوناً واجب التصدي، ليس فقط لاحتمالات التطرف العنيف ولكن أيضاً للجماعات المتطرفة غير العنيفة التي قد يكون وضعها قانونياً تماماً.
وينص التوجيه التشريعي على أن "الانجذاب نحو الإرهاب يشمل ليس فقط التطرف العنيف وإنما أيضاً التطرف غير العنيف، والذي يمكن أن يخلق مناخاً مواتياً للإرهاب ويمكن أن يروج بين العامة لآراء يمكن أن يستغلها الإرهابيون".
وتقول وزارة الداخلية إن التوجيه التشريعي الجديد مطلوب لضمان تعاون كافة السلطات المحلية وأجهزة القطاع العام مع برنامج "امنع" الحكومي لمكافحة الإرهاب.
ويشتمل توجيه "امنع" الجديد، الذي نشر قبل عشرة أيام، على وعد بأنه "سيكون هناك توجيه إضافي سيصدر بشأن إدارة القضايا المتعلقة بالمتحدثين المتطرفين والمناسبات التي يدعون للحديث فيها، بما في ذلك ما يتعلق بالتفاعل مع برنامج (امنع) من قبل النظم الجامعية القائمة والخاصة بضمان حرية التعبير والتأكيد على أهمية الحرية الأكاديمية".
ولفتت الصحيفة إلى إقرار في تصريح صادر عن وزارة الداخلية في وقت مبكر من هذا الشهر بأن هناك "خطورة في أن أجزاء من هذه السياسة قد تترك انطباعاً بأن الهدف منها هو
تقييد حرية التعبير، وأن التشريع سيسلط الضوء على انتقاد مفاده أن البرنامج إنما وضع من أجل التجسس على الأفراد أو أنه يستهدف المسلمين بالذات".