هاجم عدد من
الكتاب المصريين المعروفين بتأييدهم للانقلاب العسكري، وقائده عبدالفتاح
السيسي، ما اعتبروه "نظاماً استبدادياً يقوم السيسي بتأسيسه في مصر حالياً"، متوقعين له الفشل، ومطالبين إياه بالتوقف عن اتخاذ القرارات المنفردة، ومخالفته للدستور، وتغييب أي حوار مجتمعي، بخصوص القضايا الكبرى التي تخص أبناء الوطن.
هذا الاستبدادُ القاتلُ
تحت عنوان "هذا الاستبدادُ القاتلُ"، قال أنور الهواري بجريدة المصري اليوم الأحد: "أكتب هذه الكلمات تحت الحسرة والحزن والألم والعشراتُ من المصريين يلقون مصرعهم هذا الصباح، مثلما يلقونه كل صباح ومساء على طرقات الموت الرابض لنا فى كل مكان.
هكذا يموتُ الأبرياءُ، وتُزهقُ أرواحُ الضعفاء، والهواة يهتفون على كل الشاشات تحيا مصر، تحيا مصر، تحيا مصر.
حسبي الله ونعم الوكيل فيكم، من أكبر رأس إلى أصغر مسؤول، وفي كل من يلزمُ الصمت الجبان، وفي كل من يلزمُ التبرير الخسيس، وفي كل أعمى أغمض-عن الحق- عينيه، وفي كل أصم وضع أصابعه في أُذنيه.
وأضاف الهواري: "بكل وضوح: نحنُ- بالصمت اللئيم- نشاركُ في تأسيس الاستبداد الثاني، وهذا الاستبدادُ- بدوره- يؤسسُ لجمهورية لن تكون إلا هشة ضعيفة، ولن تولدَ إلا ولادة قيصريةً عسيرة، ولن تعيش إلا حياة عاجلة قصيرة، ولن تنتهي إلا نهاية أليمة كسيرة".
وتساءلَ: ما الفرقُ بين استبداد ناصر واستبداد السيسي، ما الفرقُ بين مصر في 1954م ومصر في 2014م؟!
وأجاب: الفرقُ بينهما أوسعُ من الفرق بين السماء والأرض، سواء في كاريزما القيادة، حيث الأول يكسب، أو في ظروف البلد، حيث زمان كانت أفضل مادياً وأدبياً، أو في الوضع السابق عليهما.
وأضاف الهواري: في 2014م مع مجيء السيسي عقب عزل مرسي، الوضع مختلف جداً، الظروف غير مواتية لنجاح زراعة بذور وجذور الاستبداد الجديد، وسوف يبقى مجرد أماني كاذبات، لن يتحقق على أرض الواقع، وما تحقق منه -بالفعل- في العشرين شهراً الماضية هو استبدادٌ مؤقتٌ وطارئٌ، هو استبدادٌ إلى حين ميسرة، مزروعٌ في غير أوانه، لن يبتلعه أحدٌ إلا إذا أغمض عينيه.
واستطرد: آخرُ الكلام: كل الظروف التي كانت تُزين لنا طريق الاستبداد القديم في 1954م قد زالت وانتهت. وليست عندنا ظروف بديلة عنها تكفي لوضع قواعد راسخة للاستبداد الجديد. الاستبداد الجديد- من 2014م وأنت جاي- استبدادٌ لم يزل تحت التأسيس.
واختتم مقاله بالقول: "مقتلُ مصر كدولة، مقتلُ مصر كوطن، مقتلُ مصر كمواطنين أبرياء، مقتلُ ذلك كله في: الاستبداد، يا من تهتفون: تحيا مصر".
مصر تستيقظ
وفي جريدة الشروق الأحد، كتب أحمد عبد ربه، مقالاً بعنوان: "مصر تستيقظ"، وقال فيه: "حتى تستيقظ مصر لابد من الخروج من أجواء الاستقطابات التي تدفع الجميع إلى الأحكام المسبقة المتحيزة هنا أو هناك.. حتى تستيقظ مصر لابد من التفرقة بين الإيجابية في تناول حدث ما وبين استغلاله لعمل دعاية سياسية لصالح أو ضد النظام".
وأضاف: حتى تستيقظ مصر لابد من رفض استغلال الحدث للمزايدة على المعارضين باسم الوطنية، بنفس قدر رفض تمني بعض هؤلاء المعارضين فشل المؤتمر.. حتى تستيقظ مصر لابد من التفرقة بين لحظات الإبهار المؤقتة تحت أضواء الكاميرات والسياسات طويلة الأجل القادرة على التغيير الفعلي. فلاشك أن تلك اللقطة التي ظهر فيها السيسي ملتفاً حوله عشرات الشباب والفتيات، ممن شاركوا في تنظيم المؤتمر كانت ذكية".
واستدرك عبد ربه: "لكن هناك دائماً ذلك الخطأ الكلاسيكي الذي وقع فيه جمال مبارك حينما حاول فعل الشيء نفسه بعد شيخوخة والده، فاختار فئة معينة حسنة المظهر لبقة الحديث وأهمل جوهر الملف الذي لا يتعلق فقط بصور" السيلفي"، ولكنه يمتد أيضاً لمعالجة كل قضايا الشباب العالقة وخاصة قضايا الاعتقال والظلم واللفظ السياسي، فضلاً عن البطالة وغيرها من القضايا التي تقف في طريق الشباب.. فهل نعالج جوهر الملف أم نقف عند قشوره؟".
واستطرد: "حتى تستيقظ مصر لابد فوراً من إجراء إصلاحات سياسية في ملفات مثل المعتقلين، القضاء والعدالة، الانتخابات النيابية، ملف الحريات، القوانين غير
الدستورية مثل قانون التظاهر الذي بسببه يقبع المئات في السجون دون ذنب، هيكلة الداخلية، إصلاح الجهاز البيروقراطي، وغيرها من الملفات المؤجلة أو بعبارة أخرى المجمدة، فالنظم الرأسمالية التي تعتمد على اقتصاديات السوق تتحول رأسماليتها إلى رأسمالية المحاسيب، أو رأسمالية الإقطاع لتستفيد بمواردها طبقات محدودة في مقابل تهميش معظم طبقات الشعب، لو لم تقترن بإصلاحات سياسية تكفل الرقابة والشفافية والنيابة الشعبية والشرعية الدستورية".
وأضاف: "حتى تستيقظ مصر لابد أن نعرف أن القرارات المصيرية لاتخضع لحسابات المستثمرين ومضاربات المقاولين، لكنها يجب أن تكون محل نقاش مجتمعي وسياسي يحترم الدستور. إذاً فأمر إنشاء عاصمة جديدة لايكون قراراً منفرداً بين مسؤول يقرر ومستثمر تلمع في عينه الفكرة، فيتم تسويقها للمصرين على سبيل المفاجأة! فالموضوع محسوم بالمادة 222 من دستور 2014 التي نصت على أن "مدينة القاهرة عاصمة جمهورية مصر العربية."
وتابع: "بالتالي قبل أي تنفيذ للمشروع سواء في عشر سنوات أو في خمس، فلابد أن يتم تعديل الدستور، وهذا التعديل يلزم وجود مجلس نيابي أولاً، ولا سبيل للحديث أن المقصود مجرد عاصمة إدارية لأن المادة 222 جاءت بلفظ العاصمة على إطلاقه ولم تفرق بين عاصمة إدارية وأخرى سياسية، فأين النقاش الشعبي أو ما يسمى بالحوار المجتمعي؟ أين رأي البرلمان ومناقشاته؟ أين موقع الدستور من كل ذلك، وكيف تنظر له السلطة الحالية ببساطة؟
واختتم مقاله بالقول: "استيقاظ الأمم لن يأتي بين عشية وضحاها، كما أنه ليس رهن مانشيت هنا أو تعليق هناك. وهو أيضاً ليس ناتج حصيلة الأماني والأحلام. وبكل تأكيد لن يتحقق بالدعاية والإعلان، لكن استيقاظ الأمم له أسباب وأصول وثمن، إما أن نأخذ بها أو لنظل حالمين، وأسرى للإبهار اللحظي"!
الديمقراطية الحقيقية غائبة عن مصر
في السياق نفسه، قال الأديب والروائي علاء
الأسواني في ندوة كتاب "مقالات ومقولات" السبت إن "ثورة 25 يناير لم تنجح حتى الآن في إقامة ديمقراطية حقيقية في مصر"، مؤكداً أنه منذ ثورة 23 يوليو 1952 انتهت التجربة الديمقراطية، وأصبح كل حاكم يرأس مصر قرر أن يصوت لنفسه نيابة عن الشعب المصري".
وأضاف الأسواني، أن "كثيراً من الحكام المصريين دأبوا على توفير الغطاء الأخلاقي والسياسي لممارسة الاستبداد في الحكم، على غرار ما فعله الراحل اللواء عمر سليمان نائب الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في بدايات ثورة يناير، الذي قال إن المصريين غير مستعدين للديمقراطية، وبالتأكيد هو كلام غير صحيح يكرس للدكتاتورية، وغير منطقي بعد ثورة 25 يناير"، على حد قوله.