تناولت وكالة أنباء "أسوشيتد برس" الأمريكية في تقرير لها المشروع
المصري لإنشاء
عاصمة جديدة، الذي كشف عنه عبد الفتاح السيسي، في المؤتمر الاقتصادي في
شرم الشيخ مؤخرا، ووصفته الوكالة بـ"الأضخم والأقل شفافية"، من أجل إنعاش اقتصاد البلاد العليل، وفق ما يأمله السيسي.
وجاء في تقرير الوكالة أن المشروع بالنسبة لمخططي المدن والمهندسين المعماريين، مازال يكتنفه الغموض، "وذلك أنه تخلق على عجل، ولا توجد أي معلومات يقينية حول مصادر تمويله".
وأثار التقرير أسئلة كثيرة حول الحاجة الحقيقية إلى العدد الكبير من الوحدات في المشروع، وحول من الذي يقوم بإنشاء البنية التحتية المطلوبة، وحول كيفية جذب قطاع متنوع من أبناء المجتمع المصري. "والسؤال الأهم: هل سيكون من المجدي إقامة مدينة مبهرجة على نسق دبي في مصر الفقيرة؟".
وأوضح تقرير الوكالة أن المدينة ستتكون من عدد من الأحياء ذات الاستخدامات المختلطة، تكفي لإسكان ما يقرب من سبعة ملايين نسمة، وسيكون فيها 2000 مدرسة، ومجمعات تسوق، ومزارع لتحويل الطاقة الشمسية إلى كهرباء، ونظام مواصلات عامة على درجة عالية من الكفاءة، وناطحات سحاب، ومليون وظيفة جديدة، وحتى حديقة مركزية ضخمة تعادل في مساحتها ما يزيد عن ضعف مساحة الحديقة المركزية في وسط مدينة نيويورك. كل ذلك بتكلفة تقدر بثمانين مليار دولار أمريكي.
ونقل التقرير عن دافيد سيمز، وهو مخطط مدن يتخذ من القاهرة مقرا له، قوله: "لم يحصل على الإطلاق أن نظر إليها أحد بشكل جدي.. فهي أقرب إلى ما يشبه برنامجاً مكتوباً لحدث إعلامي وليس مقترحا جادا، وذلك يعكس تعلق الحكومة الحالية لدرجة الولع بالاستثمارات الأجنبية والخليجية منها بشكل خاص، التي ستأتي لإنقاذ مصر بقدرة قادر".
وقالت الوكالة إن السيسي بدا "في عجلة من أمره" لرؤية العاصمة الجديدة تبنى في أقل من عشرة أعوام، حيث حث في كلمته الختامية أمام المشاركين في المؤتمر على إنجاز المهمة بأسرع مما كان مقررا لها أصلا.
وأضافت أن جذب المصريين نحو العيش في المدن الجديدة ليس بالأمر الهين، أخذاً بعين الاعتبار ارتفاع الأسعار وانعدام البنى التحتية، وقلة الوظائف في هذه المناطق.
ويقول المبادرون بالمشروع وفق "اسوشيتيد برس" إن المخططات الجديدة تأتي برعاية وزارة الإسكان، وسوف يقوم بتنفيذها صندوق إماراتي اسمه "كابيتال سيتي بارتنرز". ويقول الشريك المؤسس في الصندوق محمد العبار إن محفزات الربح الواضحة هي التي ستشجع القطاع الخاص على الإقدام واستلام زمام المبادرة.
والعبار هو رئيس شركة "إعمار العقارية"، وهي شركة المقاولات
الإماراتية التي نفذت عدداً من كبار المشاريع، ومنها مشروع ناطحة السحاب محطمة الأرقام القياسية المعروفة باسم "برج خليفة"، وكذلك مشروع وسط مدينة دبي.
وكان العبار قال في شرم الشيخ: "إذا كنت حقيقة تسعى وراء النمو، وإذا كنت ترجو تحقيق نسبة مئوية عالية من الأرباح، فهذا هو المكان الأفضل للاستثمار في الشرق الأوسط (يقصد
مشروع العاصمة الجديدة).. بالنسبة لنا نحن رجال الأعمال، الأرقام لها معنى. وأنا أحب أن أنجز أشياء كبيرة في البلدان الكبيرة، حيث أعرف الاقتصاد، وأعرف الناس، وأعرف كم هي الحكومة تواقة للمضي قدما إلى الأمام"، على حد تعبيره.
وانتقد تقرير الوكالة تلك التصريحات وقال: "هناك من يتساءل ما إذا كانت مصر -وهي البلد الذي يعاني من نسبة عالية من الأمية ومن فقر ساحق وثراء فردي ضئيل، مقارنة بالإمارات، التي تنعم بثروة هائلة من الطاقة- على استعداد لنمط من الحياة الزاهية على مستوى العالم، في محاكاة للخيلاء والبهرجة التي تتميز بها دبي، وهو النمط الذي يقترحه الرجل الذي أنشأ أول فندق أرماني في العالم".
ونقلت عن يحيى شوكت، وهو باحث في مجال سياسة تطوير المدن، قوله: "دعونا نقول إن ذلك سيحدث خلال سبعة أعوام كما تريد الحكومة. هذا يعني إنشاء 150 ألف وحدة سكنية في العالم الواحد، وهو رقم مشابه لما يتم حاليا بناؤه من وحدات سكنية في البلد بأكمله. إذن، من أين سيأتي الطلب؟".
ولم يصرح منظمو المشروع بأي تفاصيل تتعلق بالتمويل أو الشراكات، ولم يتم التجاوب مع أي من الاستفسارات التي قدمت طلبا لمعلومات بهذا الشأن، بحسب الوكالة الأمريكية.
وكان مسؤول في وزارة الإسكان لم يخول بإعطاء أي معلومات وتحدث شريطة عدم الإفصاح عن هويته، صرح بأن مخططاً شاملاً سيتم "نشره في تموز/ يوليو أو آب/ أغسطس المقبل"، وذكرت ذلك صحيفة الوطن المقربة من الحكومة أن العقد سيوقع قبل شهر أيلول/ سبتمبر المقبل، بينما سيبدأ التنفيذ في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.