قالت صحيفة "فايننشال تايمز" إن التدخل العسكري السعودي في
اليمن سخّن ملف الحرب الباردة، التي وضعت الدول العربية السنية ضد
إيران.
ويشير التقرير إلى أن
الغارات التي شنها الطيران السعودي استهدفت مواقع لحركة الحوثيين، التي يسيطر مقاتلوها على مناطق واسعة من البلاد، كما واستهدفت قاعدة للقوات الخاصة، موالية للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح.
وتبين الصحيفة أن وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان، ونجل الملك الحالي سلمان بن عبد العزيز، الذي تولى منصبه في كانون الثاني/ يناير بعد وفاة عمه الملك عبدالله بن عبد العزيز، هما من يقومان بتنسيق العمليات العسكرية. وردت القوات الحوثية بإطلاق صواريخ على الأراضي
السعودية.
وترى "فايننشال تايمز" أنه مع تصعيد النزاع تزداد المخاوف من توسعه، ليصبح أزمة إقليمية، حيث تدعمه عشر دول عربية، بينها مصر والسودان ومجموعة من دول مجلس التعاون الخليجي. فبعد ساعات من الهجوم أصدر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بياناً يشجب فيه العمليات، ويعدها تصعيداً في الأعمال العدوانية. كما وسارع حزب الله، حليف إيران ووكيله في لبنان، بشجب الهجمات، حيث اعتبرها "عدواناً ظالماً".
وينقل التقرير عن السفير البريطاني السابق في الرياض، والمدير التنفيذي للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية والشرق الأوسط سير جون جينكز، قوله: "أرى الأمور تتجه نحو التصعيد، خاصة أن المسار السياسي ليس واضحاً"، وأضاف "لا نعرف إلى أين سينتهي هذا الأمر".
وتقول الصحيفة إن السعودية وإيران تخوضان منافسة فيما بينهما منذ سنوات، وتديران حروباً بالوكالة في سوريا والعراق. والآن تتدخل القوات السعودية مباشرة في حرب ضد جماعة وكيلة في اليمن، وهي جماعة الحوثيين، مما يزيد مخاوف انتشار النزاع إلى دول أخرى.
ويذكر التقرير أن دول الخليج رفعت من مستوى تأهبها الأمني، فقد زادت الكويت من الإجراءات الأمنية حول المنشآت النفطية. وتعد عُمان من البلدان المعرضة للخطر؛ بسبب قربها من اليمن، وقد يستغل الجهاديون حالة القلق المتزايدة حول صحة السلطان قابوس، ويقومون بتوظيف الوضع لصالحهم.
وتجد الصحيفة أن التوتر في اليمن والعمليات السعودية هناك سيعقدان عملية مكافحة تنظيم الدولة في العراق وسوريا. فمن جهة تدعم إيران الميليشيات الشيعية التي تقاتل التنظيم. فيما تشارك السعودية التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد التنظيم، ولكن الرياض عبرت عن تحفظاتها من الدور الإيراني الواضح في العراق.
ويلفت التقرير إلى أن هناك مخاوف من أن تؤدي الفوضى الحاصلة في اليمن إلى نمو تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، الذي يعد قوة مهمة في وسط اليمن، وقد أصدر تهديدات بشن هجمات ضد الغرب.
وينقل التقرير عن الخبيرة في مجال الإرهاب في جامعة نوتنغهام ترينت في بريطانيا ناتاشا إندرهيل، قولها: "عند هذه النقطة فأي نزاع يهدد بجلب قوى إقليمية سيكون مدمراً لمنطقة غير مستقرة بالأساس". ووسط حالة عدم الاستقرار تقوم حسابات السعودية على عدم التدخل الإيراني في اليمن، مما سيدفع الحوثيين إلى طاولة المفاوضات.
وتفيد الصحيفة بأن السعودية قامت بتدمير دفاعات الحوثيين الجوية وراجمات الصواريخ، مجردة إياهم من تفوقهم، وحذرت السفن التي تتحرك محملة بالسلاح القادم للحوثيين من إيران.
ويورد التقرير أن المحلل السياسي الإماراتي عبد الخالق عبدالله يقول: "إن دول الخليج حاولت ممارسة الضغوط المالية والسياسية، والآن جاء وقت الغارات الجوية، وهناك تهديدات بالغزو البري". وأضاف "هناك تهديدات بالتصادم مع إيران، لكنني لا أعتقد أن هناك الكثير لتكسبه إيران في اليمن، فهو بعيد وليس أولوية إيرانية، ولا يريد الإيرانيون حرف النظر عن التهديد الحقيقي الممثل بتنظيم الدولة في العراق وسوريا".
وتوضح الصحيفة أن طهران تأمل برفع قريب للعقوبات عنها، بعد توقيع اتفاقية مع الولايات المتحدة والغرب حول ملفها النووي، وهو ما سيساعدها على بناء اقتصادها المدمر، لكن تهديد الغزو البري قد يدفع الإيرانيين إلى التدخل.
ويذكر التقرير أن السعوديين حركوا الآلاف من الجنود والآليات العسكرية الثقيلة صوب الحدود مع اليمن، وقريباً من مناطق سيطرة الحوثيين في مدينة صعدة. وفي حالة قررت السعودية والدول المتحالفة معها بدء عمليات برية فستدخل اليمن من مأرب والجوف، حيث توجد القبائل السنية المعادية للحوثيين.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن محاولة مواجهة الحوثيين والقوات الموالية لصالح محفوفة بالمخاطر، فلن تكون القوات السعودية قادرة على مواجهة الحوثيين العارفين بتضاريس الجبال وحرب العصابات في اليمن.