الحملة التي تشنها المملكة العربية
السعودية لمنع
الحوثيين من حكم
اليمن والسيطرة عليه، قد تحدد دور المملكة في الشرق الأوسط لسنوات، ومعالم الخصومة الإقليمية بينها وبين
إيران حليفة الحوثيين.
ووفق تقرير لوكالة "رويترز"، إذا نجحت الحملة، فإنها ستعزز مكانة الرياض زعيمة فعلية للدول السنية في المنطقة، التي استطاعت جمعها في تحالف للمشاركة في عملية مسلحة معقدة وتشجعها على اتباع نهج أكثر حزماً وصرامة، في مواجهة ما ترى أنه مطامح توسعية لعدوها اللدود إيران في العراق وسوريا ولبنان والبحرين.
وأما الفشل بحسب التقرير، فقد يضعف قدرة الرياض على إقناع الحلفاء والجيران بالانضمام إليها في مغامرات في المستقبل، وقد يكون نكسة لعاهلها الجديد الملك سلمان، وكذلك كبار الأمراء الآخرين في أوائل حكمه.
ونقلت الوكالة عن أستاذ العلوم السياسية في الإمارات العربية المتحدة، عبد الخالق عبد الله، قوله: "إن هذه الحملة تؤكد أن السعودية قوة ذات ثقل في المنطقة، لكن السعوديين خاطروا".
وأوضح عبد الله: "إذا فشل هذا الأمر، فإن إيران ستتجرأ كثيراً، وفي هذه المنطقة المعتاد أن تكون لعبة ناتجها صفر أو التعادل بين طهران والرياض. وهذا اختبار للعاهل الجديد والسعودية".
وتريد الرياض أن تعيد بعض الاستقرار ونفوذها في اليمن، بالعمل على أن يكتسب الرئيس عبد ربه منصور هادي من القوة ما يكفي لإجبار خصومه على التفاوض.
وكانت الخبرة السابقة للمملكة في قتال الحوثيين في أثناء حرب حدودية قصيرة في 2009-2010 اعتمدت على صور الأقمار الصناعية الأمريكية، أما مشاركتها في الضربات الجوية لأهداف تنظيم الدولة في سوريا، فقد اعتمدت أيضاً على عمليات القيادة والتحكم الأمريكية.
وفي هذه المرة، فإنها تضرب أهدافاً في شتى أنحاء البلاد من الجو دون مساعدة أمريكية، وتشرف أيضاً على عمليات طائرات الحلفاء، وتنسق دور عدة قطع لقوات بحرية، وتقوم بإعداد قوات برية.
ومع أن الرياض لم تستبعد القيام بعملية برية، فإن محللين قريبين من التفكير السعودي يعتقدون أنه من المستبعد إلى حد كبير القيام بغزو عبر الحدود -فمثل هذا الغزو سيعزز مواطن قوة الحوثيين- ولكن من المحتمل أن ترسل المملكة قوات خاصة إلى داخل اليمن.
والحملة العسكرية للرياض تسايرها خطة سياسية طامحة، وهي استخدام الغارات الجوية والضغوط المتواصلة من تحالف من الدول العربية وباكستان في حمل الحوثيين على الجلوس إلى مائدة التفاوض، وإجبارهم على الدخول في اتفاق.
الصعوبات العسكرية
كانت قوة النيران الهائلة للسعودية في الحرب السابقة مع الحوثيين وصفتها السفارة الأمريكية في الرياض في برقية تسربت إلى موقع "ويكيليكس" بأنها "غير دقيقة"، و"ذات فعالية محدودة للغاية".
وقال مسؤول أمريكي رفيع لـ"رويترز" الخميس، إن أحدث عملية كانت "استجابة مذعورة" من الرياض في مواجهة وضع سريع التدهور في اليمن، وإن التحالف تم تجميعه بسرعة كبيرة، ولذلك فإن الشكوك تحيط بفعاليته.
وعلى الرغم من الضربات التي تم تنفيذها مساء الأربعاء، فإن مقاتلي الحوثي تقدموا صوب عدن الخميس، وخاضوا معارك على مشارف المدينة، في حين غادر الرئيس المدينة مروراً بالرياض لحضور مؤتمر قمة الجامعة العربية.
وإذا نجح الحوثيون في الاستيلاء على عدن في الأيام القادمة، على الرغم من الضربات التي تقودها السعودية، ومنعوا هادي من العودة إلى البلاد، فإن هدفاً رئيسياً للحرب للتحالف المكون من 10 دول الذي تقوده السعودية سيتم إحباطه سريعاً.
وأي نكسة من هذا القبيل ستكون اختباراً حاداً للقوة السياسية للتحالف الذي يبدو بالفعل هشاً بعض الشيء.
فقد ناقضت باكستان التصريحات الأولية للسعودية بأنها جزء من التحالف، الجمعة، قائلة إنها لم تقرر بعد هل ستنضم إلى التحالف أم لا.
التحدي المعنوي
وسيكون زعم السعودية أيضاً واعتزازها بأنها القائد الأخلاقي للعالم الإسلامي محل اختبار، إذا كانت هناك إصابات بين مقاتليها أو قتلت بطريق الخطأ مدنيين من خلال ضربات.
وبالنسبة للملك سلمان الذي تولى الحكم في كانون الثاني/ يناير الماضي، بعد وفاة سلفه الملك عبد الله، فإن الفشل قد يضعف سلطته الشخصية ومكانته خارج البلاد.
ويصدق الوضع ذاته على ابنه الأمير محمد الذي أصبح بوصفه وزيراً للدفاع وجه الحملة التي تشنها السعودية، ويظهر إلى جانب ابن عمه وزير الداخلية وولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف وهو يوجه العمليات على شاشات التلفزيون.
وحذّر أحد المراقبين قائلاً إن السعودية ربما تفرط في التركيز على الاستراتيجية العسكرية، ولا تركز بدرجة كافية على الاستراتيجية والمفاوضات السياسية التي ستأتي بعد ذلك، إذا نجحت خطتها العسكرية.
وقال رئيس المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في البحرين، جون جنكنز، وهو سفير بريطاني سابق في الرياض: "يجب أن تكون هناك غاية سياسية. الهدف كان أن توجد حكومة شرعية يمكنها البقاء. ولا أدري هل هذا الهدف يمكن بلوغه في ضوء تقدم الحوثيين".