عزز
الجيش المصري من هيمنته على
الاقتصادي المصري في أعقاب ثورة 25 يناير عام 2011، وفرض حماية شديدة على جميع المنشآت والمصانع والشركات التابعة له، فضلاً عن خضوع أراضي الدولة غير الزراعية لسيطرته المباشرة.
ويتولى الجيش بنفسه أيضاً المسؤولية عن عشرات المليارات من الدولارات من المنح والمساعدات التي قدمها وتقدمها دول الخليج.
ومنذ آب/ أغسطس 2012، تم تكليف القوات المسلحة بإقامة 1350 مشروعاً بمليارات الدولارات، بحسب رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة اللواء اركان حرب عماد الألفي.
وتنفذ الهيئة الهندسية 3 مشروعات كبرى، وهي مشروع قناة السويس الجديدة، ومشروع شبكة الطرق العملاقة، ومشروع استزراع مليون فدان.
مزايا خاصة
يقول اللواء عادل سليمان، الخبير العسكري ورئيس منتدى الحوار الاستراتيجي، إن هناك عدة هيئات وأجهزة مسؤولة عن المشاريع التي يديرها الجيش، وتتمتع بمزايا خاصة بها.
ويضيف اللواء سليمان، في حديث لـ"عربي21" : "يُعد جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة التابع لوزارة الدفاع المسؤول عن قطاع كبير من أعمال الجيش، ويتبعه نحو 11 شركة ومصنعاً، وتم إنشاؤه طبقاً للقرار الجمهوري رقم 32 لسنة 1979 في عهد الرئيس أنور السادات".
ويشير إلى أن "الجيش يتمتع بامتيازات كبيرة في العطاءات والمناقصات، ولا تخضع إيراداته للضرائب مثل باقي الشركات"، مؤكداً أن "موارد المؤسسة العسكرية لا تمر عبر الخزينة العامة للدولة، وأنها تخص الجيش وحده".
وبيّن اللواء سليمان "أنه بالإضافة إلى جهاز مشروعات الخدمة، فهناك الهيئة القومية للإنتاج الحربي، وتملك أكثر من 15 مصنعاً للصناعات الهندسية والمدنية والعسكرية والهيئة العربية للتصنيع، وتدير 11 مصنعاً وشركة تعمل في مجالات الصناعات العسكرية والمدنية، وأخيراً الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المتخصصة في مجالات الإنشاءات العسكرية والمدنية".
قلق مدني من تنامي قوة الجيش
بدوره، أعرب الخبير الاقتصادي ممدوح الولي عن قلقه من تنامي القوة الاقتصادية للجيش على حساب أمرين، أولهما الشركات المدنية المنافسة، وثانيهما قدرات الجيش القتالية التي تستلزم يقظة وتطويراً للحالة العسكرية.
وقال الولي في حديث لـ"عربي21" : "توسع اهتمامات الجيش في جميع الأعمال المدنية يكاد يُفقده صفته الأصيلة التي يتمتع بها، فالمهام والمشاريع المسندة إليه ضخمة وكبيرة، وتفوق إمكانيات الشركات الكبرى".
واشار إلى أن "مجالات الجيش تشمل كل شيء، بدءاً من الزراعة ومزارع تربية العجول والأبقار، ومزارع الخضروات والفاكهة والبيض، والمكرونة ومصانع المعلبات، والمزارع السمكية، مروراً بمصانع اللبن والدجاج والمشروبات، إلى بناء الطرق والكباري والوحدات السكنية والاستثمار العقاري والصناعات الإلكترونية، والنوادي والمستشفيات والمنتجعات".
الجيش دولة خارج المراقبة
من جهته، انتقد الناشط السياسي هيثم محمدين هيمنة الجيش على الاقتصاد ومنحه امتيازات مجانية، إلى جانب عدم وجود رقابة عليه، وإضعاف شركات المجتمع المدني لصالح نفوذه وقوته.
وقال لـ"عربي21": "لا شك أن المؤسسة العسكرية تسيطر على نسبة كبيرة من الاقتصاد، ولا توجد أرقام محددة لغياب الشفافية، وتدور النسبة بين 20 إلى 30 في المئة، لكنها زادت عقب انقلاب يوليو".
وأضاف محمدين: "المواطنون لا يستفيدون من تلك الشركات والمصانع التي يقدر عددها بالعشرات، ويعمل فيها الجنود والضباط بالسخرة، وهدف الجيش
استثماري بحت، وتذهب أرباح شركاته في جيوب الضباط الكبار"، حسب قوله.
وتساءل محمدين: "لماذا تُمنح المؤسسة العسكرية امتيازات دون الشركات الأخرى المدنية، وتخضع جميع الآبار والمناجم لسيطرته، باعتبارها مناطق عسكرية، كما تعتبر السواحل والبحار مسرحاً لعملياته العسكرية وتخضع لنفوذه أيضاً، ويتقاضى أموالاً من الفنادق والمنتجعات والقرى التي تطل على الشواطئ".
وحذر من أن آثار سيطرة الجيش على قوة الاقتصاد المصري وخيمة، و"تؤدي إلى زيادة عدد العاطلين عن العمل، وخسارة شركات القطاع المدني لأعماله، وتراجع الضرائب من تلك الشركات مقابل إعفاء الجيش منها، وركود بضائع المصانع مقابل بضائع الجيش الأقل تكلفة".
الجيش لا يستولي إنما يحمي
في المقابل، استنكر الخبير العسكري اللواء محمود زاهر توجيه الاتهامات إلى الجيش بأنه يستحوذ على مقدرات البلاد، في حين أنه يقوم على حمايتها والحفاظ عليها، حسب تقديره.
وقال اللواء زاهر لـ"عربي21": "المؤسسة العسكرية هي المؤسسة الوحيدة التي تحافظ على تكوينها ونسيجها المتماسك منذ عقود، لبعدها عن الانتماءات الحزبية والميول السياسية، وهي ليست كما يشاع دولة داخل دولة"، مشيراً إلى أنها "استطاعت الحفاظ على نفسها في أعقاب ثورة يناير مقابل انهيار جميع المؤسسات".
وأوضح أن "المؤسسة العسكرية من الصعب تقبل الوضع الذي وجدت نفسها فيه"، نافياً أن يكون هناك أي استحواذ، "ولكنها مرحلة انتقالية لإدارة المشهد لحين اكتمال قوة الدولة مجدداً.
الجيش استجاب للشعب
من جهته، قال اللواء رضا يعقوب، الخبير في شؤون مكافحة الإرهاب، إن المؤسسة العسكرية معروفة بانضباطها ودقتها في أعمالها وإنشاءاتها.
وقال لـ"عربي21" إن "من عقيدة القوات المسلحة الاستجابة للإرداة الشعبية التي دعته إلى قيادة قاطرة التنمية والتطوير"، حسب تعبيره.
وأكد أن "ميزانية تلك الشركات منفصلة عن ميزانية وزارة الدفاع، ولكنها تخضع للضرائب ومراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات وتخضع للقضاء في أحكامها أيضاً".