أعرب القادة العرب، السبت، خلال افتتاح أعمال
القمة العربية السنوية في شرم الشيخ عن رغبتهم في تشكيل قوة مشتركة قادرة على محاربة "المجموعات الإرهابية"، معتبرين أن العملية العسكرية الجارية في اليمن عبارة عن "تجربة" لهذه القوة.
وكان الرئيس
المصري عبد الفتاح السيسي طالب قبل أسابيع عدة بتشكيل
قوة عربية مشتركة تشارك في قتال تنظيم الدولة الذي توسع من سوريا والعراق إلى ليبيا ومصر وتونس.
وإضافة إلى هاجس "التطرف الإسلامي السني"، فإن القادة العرب ينظرون بعين الريبة إلى توسع النفوذ الإيراني، خصوصا بعد تقديم طهران الدعم للحوثيين الشيعة في اليمن، ويبدو أنهم تجاوزوا خلافاتهم ويتجهون نحو الإعلان خلال قمة شرم الشيخ عن إنشاء هذه القوة العربية المشتركة.
وردا على تقدم الحوثيين باتجاه عدن أبرز مدن الجنوب التي كان لجأ إليها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، شنت العربية السعودية بالتعاون مع تسع دول عربية حملة عسكرية عبارة عن ضربات جوية لوقف تقدم الحوثيين.
وفي كلمته لدى افتتاح أعمال القمة دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي تسلم رئاستها لمدة سنة إلى إنشاء قوة عربية مشتركة. وقال "إزاء إمكانية تفاقم الأوضاع والتحديات الراهنة من إرهاب يداهم ويروع، ومن تدخلات خارجية شرسة، نحتاج إلى التفكير بعمق وبثقة بالنفس في كيفية الاستعداد للتعامل مع تلك المستجدات، من خلال تأسيس قوة عربية مشتركة، دونما انتقاص من سيادة أي من الدول العربية واستقلالها".
وسبق أن أعربت مصر عن استعدادها لإرسال قوات إلى اليمن إذا دعت الحاجة لذلك.
من جهته، تطرق العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى "الواقع المؤلم الذي تعيشه عدد من بلداننا العربية من إرهاب وصراعات داخلية وسفك للدماء"، معتبرا أنه "نتيجة حتمية للتحالف بين الإرهاب والطائفية، الذي تقوده قوى إقليمية أدت تدخلاتها السافرة في منطقتنا العربية إلى زعزعة الأمن والاستقرار في بعض دولنا".
وبعد أن اتهم "الميليشيات الحوثية بالانقلاب على السلطة واحتلال العاصمة صنعاء"، أكد أن العمليات العسكرية المتواصلة في اليمن ستتواصل "حتى تحقيق أهدافها، ولينعم الشعب اليمني بالأمن والاستقرار".
وألقى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي كلمة دعا فيها إلى استمرار التدخل العسكري حتى يعلن الحوثيون "استسلامهم"، وعدّ هذا التدخل "تطبيقا عمليا" للقوة العربية المشتركة.
وقال هادي: "أدعو إلى استمرارِ عملية
عاصفة الحزم حتى تعلن هذهِ العصابة (الحوثيون) استسلامها، وترحل من جميع المناطق التي احتلتها في مختلفِ المحافظات، وتغادر مؤسسات الدولة ومعسكراتها، وتسلم كافة الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، سواء التي نهبتها من معسكرات ومخازن الدولة، أو التي سبق أن أمدتها بها إيران للحرب على الدولة والشعب اليمني".
وغادر الرئيس اليمني برفقة العاهل السعودي إلى الرياض، وأوضح وزير خارجيته أنه لن يعود في الوقت الحاضر إلى عدن.
وألقى الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي كلمة أوضح فيها أن أمام القمة "مشروع قرار مهما لإنشاء قوة عربية مشتركة"، مشددا على أن هذا الأمر "تاريخي"، داعيا إلى إقراره في أسرع وقت.
ومساء، استأنف المشاركون مشاوراتهم المغلقة.
ومن المتوقع أن يقر القادة العرب مشروع قرار إنشاء هذه القوة العربية المشتركة في ختام القمة بعد أن كان وزراء الخارجية العرب أقروه الخميس.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في كلمته أمام القمة العربية السبت إلى حل "سلمي" للنزاع في اليمن. وقال: "يحدوني الأمل أن يقوم القادة خلال هذه القمة العربية بتحديد خطوط إرشادية واضحة لتسوية سلمية للأزمة في اليمن".
وقال من جهة أخرى إنه يشعر بـ"الخزي" إزاء "فشل" المجتمع الدولي في وضع حد للنزاع في سوريا.
وقال: "أعترف لكم بشعوري بالغضب والخزي. الغضب لرؤية الحكومة السورية والمجموعات المتطرفة والإرهابية وهي تدمر البلاد بلا هوادة". وتابع أنه يشعر بـ"الخزي للمشاركة في الفشل الجماعي للمجتمع الدولي والإقليمي في العمل بحزم لوقف المذبحة" في سوريا.
وقال المتخصص بالشؤون العربية في جامعة تولوز في فرنسا، ماتيو غيدير، إن العملية العسكرية في اليمن تعدّ "تجربة للقوة العربية المشتركة".
ويبدو أن غالبية الدول تدعم المشروع، لكن وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري أوضح لصحافيين أن لبلاده "تحفظات تتعلق بتدريب هذه القوة؛ لأنه لم يتم درس (هذه المسألة) مسبقا"، مع تأكيده أن بغداد تؤيد تشكيل قوة عربية مشتركة في المطلق.
ويرى مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي أنه إذا كانت السعودية ترى أن الأولوية بالنسبة إليها هي "مواجهة النفوذ الإيراني المتعاظم في المنطقة"، فإن مصر والأردن يعطيان الأولوية "لمكافحة الإرهاب".