قالت صحيفة "فايننشال تايمز" إن تنظيم
جبهة النصرة في صعود من جديد، بعد سيطرته مع تحالف من قوات المعارضة السورية على مدينة
إدلب، وهي ثاني مدينة كبيرة تسقط في يد المعارضة بعد الرقة.
وتقول إريكا سولومون في تقرير لها إن تنظيم جبهة النصرة قد حقق انتصارات في الأشهر الأخيرة، ووسع حضوره في شمال البلاد، وذلك بعد السيطرة على مدينة إدلب.
وتضيف الكاتبة أن المقاتلين السوريين الذين فروا من
سوريا إلى تركيا، بعد شعورهم بالخيبة، عادوا من جديد وانضموا إلى جبهة النصرة، حيث شجعهم الانتصار في إدلب.
وترى سولومون أن سقوط المدينة سيعزز من قوة التنظيم وشعبيته بين القوى المعادية لنظام الرئيس بشار الأسد، التي تراجعت قوتها بسبب الخلافات بينها، والهزائم التي تعرضت لها على يد كل من النظام والجماعات الجهادية، مثل
تنظيم الدولة في العراق وسوريا.
وتتساءل الكاتبة إن كان صعود النصرة سيقوي الثورة، التي مضى عليها أربعة أعوام، أم سيضعفها.
وتورد الصحيفة أن مراقبين يرون أن المكاسب التي حققها التنظيم على الأرض قد ترفع من معنويات قوى المعارضة، ولكن بعض المقاتلين، وبينهم أحرار الشام، قلقون من إمكانية إعلان جبهة النصرة عن إمارة في شمال سوريا، كما فعل تنظيم الدولة في شرق سوريا والعراق.
وينقل التقرير عن عنصر في أحرار الشام قوله: "في حالة عززوا سيطرتهم على مدينة إدلب فقد يعملون على تحويلها إلى إمارة إسلامية". وأضاف: "أعتقد أن النصرة هي أذكى من أن تحاول فعل هذا، ولكن الأمر قد يحدث وقد لا يحدث، فنحن لا ندري".
وتذكر الصحيفة أن جبهة النصرة كانت قبل ستة أشهر في وضع ضعيف، ولم تعد لها أهمية بعد سيطرة تنظيم الدولة على مناطقها التي كانت خاضعة لسيطرتها، خاصة الحقول النفطية، وهو ما أدى إلى انشقاق عناصر منها وانضمامهم إلى تنظيم الدولة.
ويشير التقرير إلى أنه في الوقت الحالي يعاني تنظيم الدولة من هجمات يشنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، كما أنه يعاني من ضغوط كبيرة في العراق وسوريا. وتقوم جبهة النصرة وببطء باستعادة المناطق التي خسرتها، مع أنها تعرضت لغارات أمريكية، وقد قتل عدد من قادتها الكبار.
وتبين الصحيفة أنه في خريف عام 2014 بدأت جبهة النصرة بالسيطرة على أجزاء من ريف إدلب في شمال غرب سوريا، وفي الوقت ذاته كانت قواتها تشارك في حملة الجنوب ضد القوات السورية، وأصبحت قواتها ليست قريبة من الحدود مع إسرائيل فقط، بل ويمكنها التحرك نحو العاصمة دمشق.
وتنقل "فايننشال تايمز" عن عنصر في جبهة النصرة من شمال سوريا قوله إن تنظيمه الآن أفضل تسليحا مما كان عليه قبل شهور. وقال ناشطون إن الأسلحة تدفقت إلى سوريا عبر تركيا، ولا يعرف إن كان التنظيم قد استفاد منها.
ويضيف المقاتل في جبهة النصرة للصحيفة أن "الوضع أفضل مما كان في السابق، فقد أصبحت لدينا إمدادات جيدة، وأعادت (النصرة) تشكيل قواتها، ونظمتها بناء على شكل قوات خاصة ومدرعات وإمدادات".
ويلفت التقرير إلى أن الجبهة حصلت على أسلحة نوعية، بينها صواريخ مضادة للدبابات "تي أو دبليو"، التي غنمتها من القوات المدعومة من الولايات المتحدة.
ويقول مراقبون إن جبهة النصرة، رغم أيديولوجيتها المتشددة وعدائها للجماعات السورية المدعومة من الولايات المتحدة، إلا أنها يمكن أن تنضم للتحالف المعادي لتنظيم الدولة، فمعظم مقاتلي الجبهة هم من السوريين لا الأجانب. وقد عبرت الجبهة عن استعدادها للتحالف مع الجماعات التي لا تشاركها في الآراء، بحسب الصحيفة.
وينقل التقرير عن لينا الخطيب، من مؤسسة كارينغي في الشرق الأوسط، قولها: "إن براغماتية النصرة وتطورها المستمر يشيران إلى أنها أصبحت حليفا في الحرب ضد تنظيم الدولة". وقد أشار تقرير عن جبهة النصرة في شمال سوريا إلى إن غالبية الذين يدعمونها لا يندفعون بسبب الأيديولوجية، ولكن الدافع هو معاداتهم لنظام الأسد.
وتذكر الصحيفة أن مقاتلين في شمال سوريا يقولون إن نقاشا جرى جول إمكانية انفصال الجبهة عن تنظيم
القاعدة. فقد حاول الداعمون لها مثل تركيا والسعودية وقطر إبعادها عن شبكة تنظيم القاعدة العالمية. وينفي عناصر النصرة هذه التقارير، أو يضعون شروطا تعجيزية تعني الرفض. ويقول عنصر في النصرة إن الجبهة ستظل موالية لتنظيم القاعدة حتى تتحد القوى الأخرى تحت قوة واحدة، مشيرا إلى أن زعيم القاعدة أيمن الظواهري يقول إن وحدة الأمة أهم من الانتماء إلى تنظيم بعينه.
ويذهب التقرير إلى أن ناشطين يقولون إن هناك إشارات عن إمكانية فرض جبهة النصرة نظاما متشددا، في حال تمتين حضورها. ووثق الناشطون سلسلة من الحالات التي أجبر فيها التنظيم السكان على الهروب من مناطقهم، وبينهم مسيحيون كبار في العمر، وهناك حالات رجم نساء حتى الموت، ويقول عناصر المعارضة إن معظم الانتهاكات ارتكبها مقاتلون أجانب ليس سوريون.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى تشكيك رامي عبد الرحمن من المرصد السوري لحقوق الإنسان في إمكانية إبعاد جبهة النصرة نفسها عن تنظيم القاعدة، وقال: "يريدون بناء إمارة، ولكنهم ينتظرون الفرصة".