نشرت صحيفة "صندي تايمز" تقريرا لمراسلتها هالة جابر من
تكريت، بعنوان "أدلة مثيرة للخوف على مذابح ارتكبت مع فرار
تنظيم الدولة الإسلامية من تكريت".
وتقول جابر إنه مع أصوات إطلاق النار الأخيرة، التي تم تبادلها لاستعادة المدينة من أيدي مقاتلي تنظيم الدولة، تم الكشف عن أدلة على واحدة من أفظع المذابح في تاريخ الجماعة الجهادية، في إشارة إلى مذبحة معسكر
سبايكر.
ويشير التقرير إلى أنه تم العثور على ممتلكات وأكوام من الثياب مدفونة في حفرة، وعثر على أحذية وعلى حافظة نقود لرجل ميت موضوعة في حفر غير عميقة، يعتقد أنها المقبرة الجماعية التي يوجد فيها ضحايا مجزرة تنظيم الدولة، التي أطلق فيها النار بدم بارد على الجنود
العراقيين عندما دخلوا المدينة الصيف الماضي.
وتبين الكاتبة أن أحد الأسرى من التنظيم، أرشد قوات الجيش العراقي والمليشيات الشيعية وبعض أفراد العشائر السنية إلى موقع المقبرة الجماعية.
وينقل التقرير عن الأسير قوله إنه ساعد في حفر القبر الذي يضم نحو 300 من ضحايا التنظيم في المذبحة التي وقعت بالقرب من قاعدة عسكرية، حيث اختطف مسلحو تنظيم الدولة نحو 1500 من المجندين الشيعة قبل تصوير مقتلهم بالقرب من ضفاف النهر في تكريت.
وتكشف الصحيفة عن أنه قد عثر على العشرات من بطاقات الهوية وسط كومة قريبة من النفايات.
وتقول جابر إن اكتشاف المقبرة الجماعية ألقى بظلاله على ابتهاج العراقيين باستعادة تكريت، وزاد من مخاوف حدوث عمليات قتل ونهب انتقامية.
وتوضح الكاتبة أن المشهد المروع لا تزال آثاره تلوث ضفاف نهر دجلة. مشيرة إلى أن الكثير من المجندين اقتيدوا إلى مقر قيادة الشرطة النهرية في تكريت، وأطلق عليهم الرصاص في الرأس، ثم دفعوا إلى المياه، بينما أمر آخرون بالوقوف وسط المدينة، حيث أطلق عليهم الرصاص.
وتفيد جابر بأنها عندما دخلت مدينة تكريت يوم الأربعاء بعد استعادتها، عقب معركة شرسة استمرت شهرا، كان هناك هدوء قطعته أصوات انفجارات وإطلاق رصاص عن بعد بين الفترة والأخرى. وعندما خرج آخر المقاتلين من تنظيم الدولة تركوا وراءهم شوارع مزروعة بالألغام والمفخخات، وقام فريق تفكيك المتفجرات بالعمل على تعطيلها.
ويورد التقرير أنه كان هناك عدد من الجثث تعود لمقاتلي تنظيم الدولة. ومع الغضب الذي لا يزال يعتمر صدور الشيعة، كان هناك مقاتل من تنظيم الدولة مسجى على الأرض، يداه مقيدتان من الخلف مذبوحا، فقد أطلق عليه النار، ومن ثم قطع رأسه، الذي كان يحمله مقاتل شيعي، وقال محذرا: "على داعش أن يعرفوا أن هذا هو مصيرهم، حيث سنواصل ملاحقتهم والانتقام منهم جراء
المجازر التي ارتكبوها ضد أهلنا".
وتجد الصحيفة أن الطبيعة الطائفية الحساسة المتعلقة بتكريت أثارت الكثير من القلق حول ممارسات ارتكبتها
المليشيات. وقد وعدت الحكومة العراقية بالتحقيق في الانتهاكات، بما فيها سحل بعض سكان المدينة.
ويلفت التقرير إلى أن الحكومة طلبت من القوات الأمنية استكمال المهمة، والتأكد من نظافة المدينة من المتفجرات قبل عودة السكان إليها.
وتنوه الكاتبة إلى أن مساعدة إيران كانت واضحة، حيث شوهد قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني بشكل متكرر مع قائد منظمة بدر هادي العامري. وعندما طلبت الولايات المتحدة من قوات الحشد الشعبي التنحي جانبا من أجل شن غارات على مواقع المقاتلين، اعترضت هذه المليشيات، لكن الولايات المتحدة شنت 40 غارة، وهو ما دفع بقايا التنظيم للانسحاب.
وتذكر الصحيفة أن هناك عمليات بحث محمومة تقوم بها عائلات، عن أبنائها الذين أخذهم التنظيم أثناء سيطرته على المدينة، وتنقل عن رجل قوله: "أخذوا أخي، ورأيت صوره في شريط فيديو". ويضيف: "قالوا هذا جزاء من يدخل مناطق السنة، وكأن أجنبيا دخل، أبحث عنه في المقبرة لعلي أجد جثته".
وترى جابر أن استعادة تكريت واكتشاف مقبرة جماعية قد يضعان حدا لمعاناة الكثير من العائلات التي اعتقل أبناؤها، وشوهدوا في أفلام فيديو عرضت على "يوتيوب".
وتتحدث الكاتبة عن مجزرة معسكر سبايكر، التي قتل فيها 1678 شخصا، بحسب وزارة حقوق الإنسان، فيما قالت منظمة هيومان رايتس ووتش، إن هناك 1700 من الجنود قتلوا في المعسكر. فيما تؤكد جابر أن ضفاف نهر دجلة القريبة من المعسكر لا تزال ملوثة بالدم، حيث قتل العديد من المجندين ورميت جثثهم في النهر.
وما لم تكتب عنه "صندي تايمز" هو الانتهاكات المقابلة التي ارتكبتها المليشيات الشيعية في تكريت عقب دخولها، والتي رصدت "
عربي21" أعدادا كبيرة من التقارير التي تتحدث عنها، وهي التي كان ينبغي أن يجري منعها من سلطة رسمية يمكن مساءلتها، وليس تنظيما لا يتحكم به أحد.