لم يدخر
الحوثيون أي جهد للتضييق على خصمهم "التجمع
اليمني للإصلاح" المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، كان آخرها حملة الاختطافات والاعتقالات الواسعة التي طالت كوادر وقيادات من الصف الأول في الحزب، وكأن ذلك الأول يدفع "
الإصلاح" إلى قلب الصراع التي لطالما تحاشى الإصلاح اتخاذ قرار المواجهة مع الحوثي.
ويتساءل الكثير من المراقبين عن خيارات الردع لدى "إخوان اليمن" في هذا اللحظة، التي تشهد تصعيدا غير مسبوق ضده من قبل جماعة الحوثي والقوات التابعة لعلي صالح.
مستعدون لدفع الثمن
وتعليقا حول هذا الموضوع، قال المتحدث باسم الإصلاح، عبدالملك شمسان، إن "الحوثيين وصالحا مستمرون في حملتهم لخطف قيادات وقواعد حزب الإصلاح، انتقاما غير مبرر، تحت وطأة الضربات التي يتلقونها من المقاومة الشعبية في جبهات الحرب التي أشعلوها في وسط وجنوب اليمن"، على حد قوله.
وأضاف شمسان في حديث خاص لـ"
عربي21" أن "صالحا والحوثي، يبحثون عن رهائن في عمل استباقي للحظات الحسم من المعركة التي أشعلوها ويكتوون بنارها اليوم، حيث يشنون في عدد من المحافظات الشمالية حملة اختطافات في أوساط الأطفال دون الثامنة عشرة، ويرسلونهم بالإكراه إلى جبهات القتال، فضلاً عن عمليات التعقب لأبناء الجاليات من الدول المشاركة في
عاصفة الحزم"، وفق تعبيره.
وأوضح المتحدث باسم الإصلاح أن "خيارات الإصلاح التي انتصرت بالأمس ستنتصر اليوم، وقريباً سيطلق هؤلاء المختطفون وسينصفون ممن اعتدى عليهم وانتهك حقوقهم"، مشيرا إلى أن "مبالغة صالح والحوثيين في التجاوزات يزيد الأمور عليهم تعقيدا في المستقبل"، مستدركا بقوله: "إنهم الخاسرون".
ولمّح شمسان إلى أن الإصلاح "لن يستكثر أيّ ثمن يدفعه في سبيل الوطن والحفاظ على أهداف ثورات الشعب التي كان جزءا منها، وسيفعل ما بوسعه لمنع عودة النظام السابق والنظام الأسبق، أو أي نظام أسري هجين منهما"، في إشارة منه إلى نظام المخلوع صالح والنظام الأمامي الذي أطاحت به ثورة 26 من أيلول/ سبتمبر 1962.
لكنه استدرك قائلاً: إن" التجمع اليمني للإصلاح سيظل حزبا سياسيا يمارس السياسة بأدوات السياسة".
الإصلاح وملء الفراغ
من جانبه، يعتقد الكاتب والمحلل اليمني ياسين التميمي أنه "يجب على التجمع اليمني للإصلاح اليوم الالتحام مع أغلبية اليمنيين الساحقة، حيث تقع عليه مهمة كبيرة لاستيعاب تداعيات معركة يبدو أنها سوف تطول، خصوصا وأن خصومه وخصوم اليمنيين يأخذون اليمن بعيداً، وخياراتهم تضيق بصورة أكبر مما كانوا يتوقعون، ما قد يدفع بهم إلى التموضع والانعزال في فضائهم الجهوي والمذهبي"، على حد وصفه.
وقال في حديث خاص لـ"
عربي21" إنه "من الواضح أن عاصفة الحزم قد حددت هدفها السياسي، وهو إخراج الرئيس المخلوع وأقاربه من المشهد السياسي، وتحجيم دور ونفوذ المليشيا الطائفية، وهو إجراء قد يدفع بحلف الانقلاب إلى خيارات مرة ومكلفة، أخطرها تكريس فكرة الانفصال"، وفق تعبيره.
ووفقا للتميمي، "يتعيّن على حزب الإصلاح أن يملأ الفراغ السياسي، من خلال القيام بدوره كحزب يتمتع بثقل كبير، وهو قادر على ذلك"، مقللا من أي "تأثير لحملة الاعتقالات التي ينفذها الانقلابيون بحق قياداته، بهدف إعاقته وتعطيل ذلك الدور المنتظر من الإصلاحيين". لافتا إلى أنه "حتى هذه اللحظة لم يقدم الحوثيون وحليفهم الرئيس المخلوع على عبد الله صالح على قرار حل حزب الإصلاح.. لكن الأهم هو إدراك أن قرارا كهذا لا قيمة له، لأنه يصدر من طرف غير مخول وليس له أي صفة".
السلاح أقوى من السياسة
وفي هذا السياق، يرى رئيس مركز أبعاد للدراسات عبدالسلام محمد أن "الإصلاح كحزب سياسي ربما استنفد أدواته، ولم يعد العمل السياسي لأي حزب مجديا في ظل سيطرة الميلشيات على الدولة وسقوط العملية السياسية تحت وطأة انقلاب مسلح".
وأكد في حديث خاص لـ"
عربي21" أن "استمرار العنف في اليمن يجعل صوت السلاح هو الأكثر سماعا من صوت السياسة، وكلما زاد الحوثيون الإيغال في الظلم والدم ومطاردة الناشطين السياسيين توسعت دائرة الانتقام، وانخفض صوت السياسة أكثر، وكلما تحركت جحافل الحوثي وحلفائهم إلى مناطق جديدة بالذات باتجاه المدن توسعت دائرة الصراع أكثر"، وفق تعبيره.
وبين محمد أن "الحوثيين وحلفاءهم في الإقليم -أي ايران- يَرَوْن نجاح هدفهم بمقدار الفوضى التي يدفعون بها المجتمعات التي يهدفون إلى خلخلتها"، على حسب وصفه.
ونوه رئيس مركز أبعاد إلى أن "أي توجه للأحزاب للتحول إلى جماعات مسلحة سيخدم طهران بدرجة رئيسية وحلفاءها، ولذا فإن التدخل العسكري إقليميا سيساعد كثيرا على إعادة التوازن لصالح الدولة، دون الحاجة لعسْكرة الحياة السياسية".
وكان التجمع اليمني للإصلاح (إخوان اليمن) قد أعلن تأييده لعملية عاصفة الحزم ضد الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، في الوقت الذي أدان فيه "السلوك الثأري الانتقامي المدمر الذي مارسته القوى المضادة المتمثلة بعلي صالح والحوثيين".
وقال التجمع في بيان صدر عنه الخميس: "إننا ومعنا كل القوى الخيرة نعبر عن شكرنا وتقديرنا وتأييدنا لأشقائنا في دول التحالف، وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية، الذين استجابوا لطلب الرئيس الشرعي للبلاد، المسؤول عن حماية وأمن واستقرار وسلامة الوطن وأبنائه ومقدراته".