"إن حبل نجاة السياحة
الإسرائيلية الذي سيخرجها من أزمتها هم الزوار العرب الذين يأتون إليها"، هكذا قال الكاتب الإسرائيلي "نير حسون" في مقالته بصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.
دعا "حسون" -بشكل غير مباشر- إلى تشجيع ودعم وتسهيل الزيارة الإسلامية والعربية إلى المدينة المحتلة، وعلل ذلك بأن للزيارة أثر على الاقتصاد الإسرائيلي.
لكن السؤال هنا، هل فعلًا الاقتصاد الإسرائيلي هو الهدف الأول من التشجيع والدعم والتسهيل الإسرائيلي للزيارة الإسلامية والعربية إلى مدينة
القدس؟!
الاقتصاد الإسرائيلي هو جزء من المنظومة الإسرائيلية الشاملة وركن أساسي في الكيان الإسرائيلي، فلا شك أن تل بيب تريد أن تطور الحركة السياحية المهزوزة، وبالتالي تفوز بالازدهار الاقتصادي الذي يمر حاليًا بأزمة.
مع كل هذا، فبالتأكيد، إن الاقتصاد ليس هو الهدف، فالأزمة التي تعيش بها تل أبيب أكبر.
أبعاد الزيارة أضخم من ازدهار اقتصادي وتطور سياحي، فتل أبيب تعرف جيدًا أن التخاذل الرسمي من الدول الإسلامية والعربية مع القضية
الفلسطينية لا يمكن أن يدوم طويلًا، فمصير النائم أن يستيقظ ولو طال في نومه، وبالتالي تبحث عن حلول فعالة جذرية تحفظ وجودها المهدد على أرض فلسطين، وإن كانت حلولا بطيئة تحتاج إلى وقت طويل لتأخذ مفعولها.
فتل أبيب مستعدة لأي حل مهما كان، وكل هذا في سبيل حفظ وجودها، تشتيت وتضليل وتشويه وطمس الهوية الإسلامية والعربية، والهاء الشباب المتحمس لقضيته، وانحراف البوصلة الإسلامية عن تحرير القدس والأقصى أفضل من ألف ازدهار اقتصادي وتطور سياحي، البقاء والوجود أهم من أي شيء آخر بالنسبة لتل أبيب.
أدركت المؤسسة الإسرائيلية أن سياحة "العدو" في أرضه عبر تسهيل الزيارات هي أضمن وأسهل طريقة لأسرلة "العدو"، والاستيلاء على عقله عبر أوهامه بأنه يمكنه زيارة أرضه التي سلبت منه عام 1948 بكل سهولة دون عناء الحرب من جديد، تشعره أنه انتصر بدخوله القدس، يسلّم هويته أو جواز سفره على بوابة من بوابات الأقصى التي يقف عليها الإثيوبي أو الأشكنازي أو حتى الشرقي العربي منهم والعبري، يدخل إلى مسرى نبيه العربي رافعًا رأسه موهماً نفسه أنه منتصر، يسارع لقبة الصخرة أو للجامع القبلي الذي يظن أنه الأقصى، يسجد شكرًا لله بعد أن يلتقط "سيلفي" وينشرها على شبكات التواصل الاجتماعي، ويعود لبلده بـ"شآلوم".
هكذا هو الحج إلى القدس. لكن هل هذا هو الطريق؟!