نشر موقع "ديلي بيست" تقريرا لمراسله عمر فاروق، عن وضع الإخوان المسلمين
المصريين في
تركيا، جاء فيه إن هناك ما يزيد على أربعة آلاف مصري هربوا من بلادهم؛ خوفا من الملاحقة والقمع، ويعيشون في تركيا، ومنهم قادة في جماعة الإخوان المسلمين.
ويقول فاروق إن القاهرة تصدر أحكام إعدام بالجملة على ناشطي الإخوان المسلمين، ومقابل هذا تمنح أنقرة الإخوان المسلمين الإذن لفتح قنوات تلفازية معارضة للنظام المصري.
ومن بين من التقاهم الموقع الصحافي وليد سامي، الذي يعيش في حي الفاتح في إسطنبول، ويقول: "سألت الكثير من الأشخاص في مصر النصحية"، ويضيف: "قال لي البعض إن عدت فإنهم قد يعتقلونني في المطار.. ولو أرادوا قتلي فإنهم يقتلونني فهم لا يهتمون".
ويشير التقرير، الذي اطلعت عليه "عربي21"، إلى أنه لم يعد للإخوان حلفاء كثر مثل تركيا، فيما تتوسع حملة القمع التي يقوم بها الرئيس عبد الفتاح
السيسي ضدهم، واعتقل حتى الآن أكثر من 40 ألف معارض، بينهم حلفاء سابقون له.
ويبين الموقع أنه في الأسبوع الماضي قررت محكمة مصرية تثبيت أحكام بالإعدام على قادة في الإخوان، بينهم المرشد العام للجماعة محمد بديع عزت. وحكم على 37 آخرين بأحكام متفاوتة بالسجن، منهم الأمريكي- المصري محمد سلطان، الذي حكم بالمؤبد.
ويذكر التقرير أنه في الوقت ذاته يحاول قادة الإخوان المسلمين في الخارج بناء تحالف ضد النظام، حيث يلتقون مع مشرعين ونواب غربيين، ويفتحون محطات تلفازية، ويقدمون عرائض للمحاكم الدولية ضد النظام المصري.
دعم تركي
ويقول الكاتب إن الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان هو الحليف الوحيد الباقي للإخوان، فلا يزال أردوغان مصرا على أن الرئيس محمد مرسي الذي أطيح به في تموز/ يوليو 2013، هو الرئيس الشرعي للبلاد.
ويلفت الموقع إلى أن سامي كان واحدا من الذين اعتصموا في ميدان رابعة العدوية، حيث ذهب إلى الميدان بعد أيام من الانقلاب. وعندما حذره مسؤوله في العمل عن تصوير الأمن له ظل يواصل الاعتصام حتى 14 آب/ أغسطس 2013، عندما اقتحمت قوات الأمن الميدان، واخذت تطلق النار على المعتصمين، وقتلت العديد منهم. وفي نيسان/ أبريل الماضي جاء سامي إلى إسطنبول في رحلة عمل لمدة أسبوعين. وعندها تلقى رسالة من أحد أقاربه يخبره فيها أن الأمن يلاحقه وينتظر عودته. ويعمل سامي الآن في محل لصباغة الملابس ولمدة 13 ساعة في اليوم، ويرسل ما يوفره لزوجته وابنه في مصر.
وينقل التقرير عن سامي قوله: "معظم زملائي في العمل هم من السوريين الذين يتحدثون عن الحرب، وكلهم يريدون الهروب إلى أوروبا، أما أنا فلدي عائلة ولا أريد السفر إلى هناك، وماذا لو قتلت في هذه الرحلة الصعبة؟".
شعار رابعة
ويشير التقرير إلى انتشار شعار رابعة، الذي ظهر على ولاعات السجائر وأغطية هواتف "آي فون" والتقويم السنوي في بيشاور، وبرز في تظاهرات كوالمبور، وحتى في شعارات رسمت على جدران إسطنبول. وفي مدينة سانليفورا التركية غُير اسم الساحة الرئيسية فيها، وسميت ساحة رابعة العدوية، ويستخدم أردوغان الشعار في حديثه مع الصحافيين.
ويرى الكاتب أن الانقلاب، الذي أطاح بالرئيس مرسي، يعيد إلى الإسلاميين الأتراك، الذين قرأوا ترجمات لكتب حسن البنا وسيد قطب، ذكريات انقلاب الجيش عليهم، ويقول مصطفى أيكول، وهو معلق متخصص في الحركات الإسلامية، إن "رؤية الشيء ذاته يحدث في مصر جعل من حزب العدالة والتنمية مستعدا للوقوف إلى جانب الإخوان".
ويشير أيكول إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تستقبل فيها تركيا معارضين من الإخوان المسلمين. ففي عام 1982 عندما قام حافظ الأسد بقمع تمرد عسكري للإخوان المسلمين، هربت قيادة الجماعة إلى تركيا وأوروبا ودول الشرق الأوسط. وبعد ثلاثة عقود دفع أردوغان بهم للانضمام للمجلس الثوري السوري المعارض للأسد، "فهم قادة المعارضة السورية وأبناء عناصر الإخوان الذين فروا إلى تركيا في عام 1982"، بحسب الموقع.
ويقول فاروق إن المجتمع الدولي لم يقدم دعمه للمعارضة السورية، التي تلقى دعما من أردوغان، وينظر السعوديون إلى الإخوان على أنهم تهديد لهم على المدى البعيد. فيما يجد القطريون، الذين يدعمون الإخوان، أنهم في حالة من الدفاع عن النفس.
تمويل السيسي
ولا ينسى الكاتب التذكير بأن صعود السيسي تم تمويله من السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة، التي مولته بأكثر من 20 مليار دولار، واتسمت علاقاتها بالبرود مع الحكومة التركية. ووجد السيسي دعما من الغرب والولايات المتحدة، التي علقت المساعدة السنوية 1.3 مليار للجيش المصري. فقد عادت واشنطن واستأنفت المساعدات، على خلفية صعود الجهاديين في شبه جزيرة سيناء.
ويؤكد فاروق أن أردوغان حافظ على موقفه الذي لا يدعمه فيه أحد، فيما رد السيسي بثقة وعدوانية لا محدودة.
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه منذ عام 2013 تم سحب سفراء البلدين، ويحتاج أي مصري عمره ما بين 18- 40 عاما الحصول على إذن من الأمن قبل السفر إلى تركيا. وتعالت أصوات في مصر تدعو إلى مقاطعة الأقمشة التركية المعروفة بجودتها، وكذلك مسلسلاتها الشهيرة.
وينقل الموقع عن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان المصري أثناء حكم مرسي جمال حشمت، قوله: "لقد اتخذت تركيا موقفا مبدئيا سواء تعلق الأمر بالثورة السورية أو مع المصريين. وهو أمر لم يحدث في السياسة الدولية".
ويذكر التقرير أنه تم سجن نجلي حشمت لمدة قصيرة عام 2013. وكان يعمل أستاذا للأمراض الداخلية في جامعة الإسكندرية، ووصل تركيا في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، وهو واحد من 69 نائبا من الإخوان ممن يعيشون في إسطنبول اليوم.
ويورد الموقع أنه في داخل مصر اعتقلت الحكومة 167 نائبا، بعضهم في زنزانات انفرادية منذ أكثر من عام. وأغلقت الحكومة الآلاف من الجمعيات الخيرية التي كانت تابعة للإخوان المسلمين، لكن الجماعة تكيفت مع الوضع، حيث قللت من حجمها وعدد العاملين فيها، الذين صاروا يلتقون في الأماكن العامة، أو أثناء السير في الشوارع، حيث يقومون بنشر تواريخ ومواعيد مضللة عن التظاهرات التي يخططون لها.
الثورة مستمرة
ويؤكد حشمت للموقع أن الثورة مستمرة رغم عدم القدرة على عقد تظاهرات جماهيرية كبيرة، حيث حلت محلها تظاهرات صغيرة وسريعة تعقد في أماكن متفرقة من البلاد.
ويفيد التقرير بأن شبان الإخوان يرون في الإطاحة بمرسي استراحة للمقاتل. ومن هؤلاء عمار البلتاجي، نجل محمد البلتاجي، السكرتير العام لحزب الحرية والعدالة، الذي يعتقل في زنزانة انفرادية منذ أكثر من عام، وقد قتلت شقيقته أسماء (17 عاما)، أثناء اقتحام قوات الأمن لميدان رابعة، فيما اعتقل شقيقان من أشقائه، وخاف أن يكون الثالث ولهذا ترك دراسته في جامعة القاهرة، وسافر إلى تركيا في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
وينقل الموقع عن البلتاجي قوله: "لم أستطع حتى تسجيل مواد". ويضيف "أحاول الحصول على إقامة في تركيا، ولكن الإجراءات طويلة ومكلفة.. وأحب الثقافة التركية".
ويعترف البلتاجي أن محمد مرسي ارتكب أخطاء، ولكنه لا يتعاطف مع جماعات مثل 6 إبريل، التي نظمت احتجاجات أدت إلى الانقلاب، ويتساءل قائلا: "لقد قمتم بعمل جيد من أجل الإطاحة بمبارك، لكن السيسي هو أسوأ من مبارك، فما هو دوركم اليوم؟". ويقول إن الثورة في مصر مستمرة، ولكن "يجب الوصول إلى الناس العاديين"، وفق التقرير.
قنوات
ويبين الكاتب أنه في الطابق الـ 23 من ناطحة سحاب قرب مطار أتاتورك في إسطنبول أنشأ الإخوان قناة فضائية صغيرة "رابعة"، التي تبث 12 ساعة في اليوم، وتعرض برامج يومية وبرامج تاريخية وحوارات مع شيوخ دين حول مقاومة السيسي.
ويشير التقرير إلى أن "رابعة" هي واحدة من أربع محطات مرتبطة بالإخوان تعمل من تركيا، ويقدم فيها المعلقون تعليقاتهم حول العنف في مصر. وفي شباط/ فبراير وجهت جماعة تطلق على نفسها شباب الثورة تحذيرا لرجال الأعمال والمستثمرين الأجانب، وطلبت منهم مغادرة البلاد. وبعد عدة أسابيع قامت جماعة تطلق على نفسها "حركة المقاومة الشعبية" بستة تفجيرات في القاهرة.
ويقول حشمت للموقع: "هناك من يتحدث عن العنف في الإعلام، ولكنهم لا يعبرون إلا عن أنفسهم أو عن حركات بعينها". ويضيف: "لا أحد سيفوز إن كان الرد على نظام السيسي من خلال العنف".
المجلس الثوري المصري
ويذهب التقرير إلى أن الإخوان المسلمين يحاولون بناء دعم دولي لهم بين النواب وصناع القرار في الغرب، ويلتقون الخبراء القانونيين في حملة يقودها "المجلس الثوري المصري"، الذي أنشئ في إسطنبول في آب/ أغسطس، ويضم عددا من الليبراليين والمسيحيين المصريين الذين يعيشون في الخارج.
وينقل "ديلي بيست"، عن مها عزام، التي تترأس المجلس، والزميلة السابقة في المعهد الملكي للشؤون الدولية "تشاتام هاوس"، قولها إنه "منبر واسع يضم من يعارضون المجلس العسكري". وتضيف: "لا يزال يوصف بأنه مرتبط بالإخوان والجماعات الإسلامية، وهو بالتأكيد يضمهم؛ لأننا نعتقد بأهمية ضم الجميع إلى منبرنا".
ويوضح الكاتب أنه نظرا للعلاقة مع الإخوان المسلمين، فإن المنبر ممنوع في مصر، وقامت الحكومة بتجميد حسابات عزام و 30 من أعضائه. ويعد المجلس محل إزعاج للنظام المصري، وتقول عزام: "كلما أصدرنا بيانا أو التقينا أحد صناع القرار في بلد آخر تغضب حكومة السيسي".
ويلفت الموقع إلى أن أعضاء المجلس الثوري المصري التقوا في الأشهر الماضية عددا من منظمات حقوق الإنسان في جنيف، ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وعددا من الدبلوماسيين في أوروبا من ألمانيا والدانمارك وإسبانيا والنمسا ودولة التشيك. وفي كانون الثاني/ يناير التقى وفد من المجلس ممثلين في الكونغرس والخارجية الأمريكية، وهو ما أدى إلى انتقادات وجهتها جماعات اليمين الأمريكية، ومن وزير الخارجية المصري، الذي قال: "بحسب القانون المصري يجب معاملتهم على أنهم جماعة إرهابية".
وينوه التقرير إلى أن حشمت، الذي كان عضوا في الوفد الذي زار واشنطن، يأمل بالحصول على دعم النواب، ويقول: "نأمل أن تغير الولايات المتحدة موقفها؛ لأن السيسي لم يحقق النفع لمصر، وهو سبب الإرهاب في البلد، فلا حقوق إنسان ولا حرية أو عدل، والكثير من الناس يحاولون الحصول على حقوقهم، فيما حمل آخرون السلاح".
ويرى الكاتب أن أثر المجلس الثوري المصري ليس واضحا على قرارات استئناف الولايات المتحدة الدعم العسكري لمصر، ولا على قرار فرنسا توقيع صفقة لبيع 24 طائرة من طراز "رافال"، بقيمة 5.6 مليار دولار.
ويكشف الموقع عن أن المجلس الثوري يحاول دفع الأمم المتحدة إلى تعيين محقق خاص في مذبحة رابعة، لكن الطريق طويل، وتقول ممثلة المجلس في باريس ميساء عبداللطيف: "هناك خطوط حمراء؛ لأنه في حالة وجد المحقق الخاص أخطاء فإن من حقه نقل الملف إلى المحكمة الجنائية، وسيعارضه الذين يعملون ضدنا، مثل الإمارات العربية المتحدة والسعودية وغيرهما".
ويشير الموقع إلى أنه تم الاتصال مع المحكمة الجنائية، ولكن دون تحقيق نتائج. وفي أيار/ مايو 2014، رفضت المحكمة الجنائية عريضة تقدم بها الإخوان المسلمون نيابة عن عائلات ضحايا رابعة، قائلة إن الجماعة ليست لديها الصلاحية كي تمثل الدولة المصرية، وهناك قضية أخرى تقدمت بها الجماعة أمام المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب. وقام عدد من الإخوان المسلمين، الذين يحملون جنسيات أوروبية وأمريكية، بتقديم عرائض في محاكم بلادهم، نيابة عن أقارب الذين قتلوا أو جرحوا في مصر. ولكن عبد اللطيف تقول إن هناك مشكلة في التمويل ومخاوف من أعمال انتقامية ضد عائلاتهم في مصر.
ويخلص الكاتب إلى أن أحكام الإعدام التي صدرت الأسبوع الماضي ربما أدت إلى دهشة في الغرب، لكن انقلاب السيسي أصبح من أخبار الأمس.