رغم هدوء المعارك خلال الفترة القليلة الماضية بين الثوار من جهة، وغرفة عمليات الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني من جهة أخرى، في منطقة تلاقي أرياف المحافظات السورية الثلاث (ريف دمشق، درعا، القنيطرة) جنوب غرب العاصمة دمشق، إلا أن الجانبين استغلا فترة التهدئة الماضية لحشد قواتهما وتعزيز تواجدهما ضمن المناطق التي بسط كل طرف سيطرته عليها خلال المعارك التي دارت رحاها في الآونة الأخيرة.
فقد اتخذ الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني من مدينة "البعث" في محافظة القنيطرة، معقلا رئيسا لنقاط تمركز قواتهما، في حين تتخذ القيادات العسكرية لقوات النظام والمليشيات المساندة لها من مجلس بلدية مدينة البعث ومركز التربية في المحافظة مراكز لها، بحسب تأكيد النقيب أبو حمزة النعيمي، القائد الميداني في الجش الأول التابع للجبهة الجنوبية في الجيش الحر، خلال حديث خاص مع "عربي21".
ويقول النعيمي إن التواجد في تلك المناطق له أهمية عسكرية واستراتيجية "دولية"، بسبب قربها من الشريط الحدودي مع الجولان السوري المحتل.
وتتمركز قوات أخرى للحرس الثوري الإيراني وحزب الله في منطقة "خان أرنبة" التابعة لمحافظة القنيطرة، وهي تمتلك ميزات اقتصادية كبيرة، إضافة إلى بلدة "سعسع" في الجنوب الغربي من العاصمة، وكلتا المنطقتين توفران الإمداد وحماية الخطوط الخلفية للقوات المتحالفة مع قوات النظام السوري.
وتتوزع عناصر الحرس الثوري الإيراني وحزب الله أيضا في أرياف محافظات درعا والقنيطرة ودمشق، ضمن المناطق التي تم الاستيلاء عليها خلال المعارك السابقة مع الثوار.
ويهدف التركيز على هذا المثلث إلى منع الثوار السوريين من التقدم وبسط سيطرتهم على هذا المحور الجغرافي الاستراتيجي، لأن إحكام الثوار سيطرتهم عليه يعني الاقتراب بشكل كبير من العاصمة دمشق، وفق تأكيد النقيب النعيمي.
ويضيف النعيمي لـ"عربي21": "إن الأهمية الأخرى في حال تقدمت المعارضة السورية إلى ذلك المحور هي كسر الحصار المفروض على عشرات البلدات والقرى في ريف دمشق الغربي، مما يعني انخراط مئات العناصر المحاصرين في تلك المناطق في المعارك القادمة، وبالتالي تشكيل حشود عسكرية ضخمة لن تنجح القوات الإيرانية واللبنانية والجيش النظامي في مواجهتها عسكريا، وبالتالي تهديد العاصمة دمشق بالسقوط".
وفي مؤشر واضح على بدء انتهاء فترة السكون وعودة المعارك للانطلاق مجددا، منذرة بمعارك طاحنة متوقعة، شهدت عدة مناطق عمليات عسكرية اعتبرت رسائل من كلا الجانبين بهدف التعرف على مدى الجاهزية العسكرية للطرف الآخر.
أولى تلك المناوشات بدأها الثوار السوريون قبل ثلاثة أيام في مدينة البعث بالقنيطرة، أحد أكبر معاقل غرفة العمليات العسكرية التي يترأسها الحرس الثوري الإيراني، حيث نجحت مجموعات من مقاتلي الجيش الأول التابع للجبهة الجنوبية في درعا، من التسلل إلى داخل أحد مقرات "فوج الجولان" التابع لقوات النظام السوري في مدينة البعث، وقامت بتدمير المقر بشكل كامل وقتلت وأصابت كل من كان بداخله، لتنسحب القوة المهاجمة دون خسائر في صفوفها.
لم يتأخر الرد العسكري للتشكيلات العسكرية الإيرانية واللبنانية إضافة إلى قوات النظام السوري، حيث قامت مجموعات من تلك التشكيلات بمهاجمة بلدة مسحرة الواقعة في ريف القنيطرة السبت، بهدف السيطرة عليها من جهة تل بزاق الواقع شمالي البلدة، إلا أن هذه الهجمة باءت بالفشل، بحسب تصريحات القيادي الميداني في الجيش الأول أبو حمزة النعيمي.
فقد كان مقاتلو الفصائل، لاسيما "الجيش الأول" التابع للجبهة الجنوبية في درعا على أتم الاستعداد، حيث كان الجيش الأول قد عزز تواجده على أطراف البلدة. ومع تقدم قوات الحرس الثوري وحزب الله وقوات النظام السوري وقعت في عدة كمائن محكمة، واستخدم الثوار الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، ما أدى إلى مقتل ستة عناصر من القوات المهاجمة، ثم تراجع المهاجمون بسبب الكثافة النيرانية التي استهدفتهم وأدت أيضا إلى تدمير عربة دوشكا.
إلا أن المعارك القادمة ربما تكون صعبة على كلا الجانبين، وخاصة على الثوار، الذين كانوا قد فقدوا عدة مناطق استراتيجية في الفترة الماضية، ومن بين هذه المناطق تل الصبيح، والهبارية، وتل قرين، وتلة فاطمة، وظهرة حمريت، ومرج القصب، وعين العلق، وحمريت، وسلطانة، وسبسبا، على الرغم من استعادة بعض تلك القرى في عمليات كر سريعة.