توفي عصر الثلاثاء الشاعر
المصري عبد الرحمن
الأبنودي عن عمر ناهز 76 عاما.
وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية أن سرداق العزاء للأبنودي سيقام الأربعاء في مدينة الإسماعيلية.
وللأبنودي شاعر العامية البارز الكثير من الدواوين، وألف العديد من الأغاني التي تغنت بها أسماء بارزة في العالم العربي.
وجاءت وفاة الأبنودي لتنهي سلسلة من الشائعات التي عجلت بموته في الآونة الأخيرة، وسخر منها ذات مرة وهو في المستشفى، قائلا: "لن أموت قبل أن أخبركم."
ولد الأبنودي يوم 11 نيسان/ أبريل 1938 في أبنود بمحافظة قنا على بعد نحو 700 كليومتر جنوبي العاصمة، التي رحل إليها في مطلع الشباب مع صديقين من المحافظة ذاتها، هما الشاعر أمل دنقل (1940-1983)، والأديب يحيى الطاهر عبد الله (1938-1981).
ولكن القاهرة التي منحت الأبنودي شهرة عريضة حرمته من مواصلة الإقامة بها؛ إذ تعرض لأزمات صحية في السنوات الأخيرة، ونصحه الأطباء بالابتعاد عن هواء العاصمة الذي لم يعد ملائما لرئتيه العليلتين، فأقام في منزله الريفي القريب من مدينة الإسماعيلية على بعد نحو 130 كيلومترا شرقي القاهرة.
ونقل الأبنودي جانبا من مكتبته إلى منزله الجديد.
وكان ديوان (الأرض والعيال) 1964 أول ما نشر للشاعر الذي أصدر فيما بعد دواوين منها (الزحمة) و(جوابات جراحي القط) و(بعد التحية والسلام) و(وجوه على الشط) و(الموت على الأسفلت)، إضافة إلى (أيامي الحلوة) الذي نشره في حلقات أسبوعية بجريدة الأهرام، ويضم قصصا وأحداثا ومواقف من سيرته الذاتية.
كما حققت (سيرة بني هلال) التي جمع نصوصها المصرية والسودانية والتونسية على مدى 25 عاما شهرة واسعة.
وترك الأبنودي دواوين شعرية مسموعة، حيث كانت الأمسيات الشعرية التي أحيا المئات منها في مصر والعالم العربي تحظى بحضور كبير.
والشاعر الذي نال في الثمانينيات ليسانس الآداب من قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة كتب أكثر من 700 أغنية لمطربين عرب، منهم وردة الجزائرية وماجدة الرومي وصباح، ومن المصريين عبد الحليم حافظ وشادية ونجاة ومحمد رشدي ومحمد منير.
ومن هذه الأغاني (عدى النهار) و(أحضان الحبايب) و(تحت الشجر يا وهيبة) و(عيون القلب) و(طبعا أحباب) و(آه يا اسمراني اللون).
كما كتب حوار وأغاني فيلم (شيء من الخوف) لحسين كمال، وشارك في كتابة سيناريو وحوار فيلم (الطوق والإسورة) الذي أخرجه خيري بشارة عن رواية يحيى الطاهر عبد الله.
وكرم الأبنودي في عدد من الدول العربية، ونال جائزة الدولة التقديرية في الآداب من مصر 2000، وكان أول شاعر عامية يفوز بها، كما نال عام 2010 جائزة مبارك (النيل الآن) في الآداب، وهي أرفع جائزة في البلاد.
وللأبنودي ابنتان هما آية ونور من زوجته مذيعة التلفزيون نهال كمال.
الأبنودي والانقلاب
عُرف الأبنودي بموقفه الداعم للانقلاب، والمعادي للإخوان وللرئيس محمد مرسي.
إذ دعا في حوار له مع صحيفة "الوطن" في آذار/ مارس 2014 إلى التعامل مع "مؤيدي الشرعية" كأعداء، إلى أن يثبتوا بالدليل القاطع أنهم صاروا بشرا -على حد تعبيره-.
وقال الأبنودي في حواره عن "مؤيدي الشرعية": "لا يجب أن ننظر إليهم من ضمن القوى التي سوف تشكل المستقبل، حتى في أيام عبد الناصر حين حُبسوا، ودخلوا إلى المعتقلات، واعتقلت وظللت معهم لمدة ستة شهور، كانوا مكسورين، ومهزومين، ولكن بمجرد أن خرجوا بدأوا التسلل للتنظيم مرة أخرى، هذا داء، وعلينا أن نتعامل معهم كأعداء إلى أن يثبتوا بالدليل القاطع أنهم صاروا بشراً مرة أخرى"!
وأضاف: "أنا ضد هؤلاء بهذه التكوينة، ضد الشباب الذي يحرق المؤسسات والمنشآت والجامعات، ضد هؤلاء الفتيات، بنات مصر اللائي تحولن لوحوش ضارية، سافلة، فنحن مع مصر، وكل من يقف ضد مصر نحن ضده، مع مصر العلمية، مصر التصنيع، مصر الزراعة، مصر الحرية، مصر الديمقراطية، مصر الساعية نحو الشمس، مصر المؤمنة بالغد، وتسعى إليه، وتعمل من أجله، نحن جنود متواضعون، وخدم لهذا الهدف، أما هؤلاء الذين يريدون العودة بالوطن إلى غياهب القرون الوسطى، فنحن ضدهم لا شك، ومهما كلفنا الأمر"!
وكان الأبنودي افتضح في عهد الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي أنه كان يتقاضى أموالا طائلة من مجلات تصدرها وزارة الثقافة دون أي عمل يمارسه، وبزعم أنه مستشار لها، وهي أموال الشعب المطحون الذي طالما تغنى الأبنودي بآلامه، بينما كانت تلك المجلات، خاسرة، وفاشلة، ولا توزع أعدادا تُذكر.
وزعم الأبنودي في حواره أن "الإخوان لم يصبرهم الله جمعتين فقط، فبدأوا من أول لحظة، مثل المحروم الذى يرى اللحمة لأول مرة، ولننظر إلى هذا الشره في الطعام والشراب، والغرور الذي كانوا يخرجون به في التلفزيون بأقدامهم التي تدوس على رقاب الناس والمثقفين، ولا يمكن أن تعيش مع مصر مغرورا، لا تقبلك مصر مغرورا على الإطلاق، والغرور سمة من سمات الإخوان؛ لأنهم يعتقدون أنهم أبناء الله، وأنهم في الجنة، وإحنا كلنا زبالة، ووقود النار"!
وكان الأبنودي وجه قصيدة إلى الدكتور محمد مرسي، قبل تظاهرات 30 حزيران/ يونيو 2013، بعنوان "مكانشي بيبات فيها جعان"، قال فيها بكل سخرية واستخفاف:
"مكانش بيبات فيها جعان.. دلوقتي نشفت تنشيفة.. ضرايبنا رايحة على الإخوان.. وشبابنا مش لاقي وظيفة.. داير يبيعنا للترك والفرس.. ومفيش بيعة ملهاش عمولة.. بيقولوا دا اللي هيفتح القدس.. هي القدس يابني إزازة كوكاكولا.. امنع البنزين وشلّ المدينة.. برضه هيكونوا هناك في الميعاد.. هي دي الحيلة يا أبو راس تخينه.. كل ما تعاند هنزاد في عناد.. وشعبنا مش لاقي العيش.. واللي محدش بيحاسبه غضبان أوي علشان الجيش عرف الطريق تاني لشعبه.. ويا ريس المركب يا حلاوتك ياللي سواقتك عجباني.. من كتر خوفنا على راحتك هنشوفلها ريس تاني.. هنشوفلها ريس تاني".
وقال الأبنودي في حواره: "أنا مع السيسي الآن؛ لأن الوطن يحتاجه".