زعم المحلل العسكري
الإسرائيلي أليكس فيشمان أن حوارا يدور خلف الكواليس بين حركة
حماس والكيان الإسرائيلي، بهدف تنفيذ هدنة طويلة الأمد عرضتها "حماس" سابقا، مدللا على صدقية حديثه بالقول إن هذا الهدوء على الحدود بين
غزة وإسرائيل لم يأت بالصدفة.
وأكد فيشمان في مقالته لصحيفة "يديعوت" الإثنين، أنه منذ أسابيع طويلة يدير ممثلون رسميون من حكومة إسرائيل ورجال أجهزة الأمن حوارا فعليا مع حركة حماس، بشكل مباشر وغير مباشر، حول اتفاق تهدئة طويل المدى بين الطرفين.
وأشار إلى أنه قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات أرسلت "حماس" إلى إسرائيل اقتراحا محددا ومفصلا لاتفاق تهدئة يمتد بين 5 و10 سنوات. وقال إن إسرائيل الرسمية لم ترد، ولكن الحياة أقوى ومصالح الطرفين تملي التعاون.
ونوه فيشمان إلى أن المصريين والأمريكيين لم تعجبهم مبادرة "حماس" التي تتجاوز السلطة الفلسطينية، في حين أن إسرائيل تنجر نحو الحوار مع "حماس" حتى وإن لم تتخذ قرارا بهذا الشأن.
وحول الخطوط العريضة لهذا الحوار أكد فيشمان أن الطرفين يتفاوضان حول إعادة إعمار القطاع، وإمكانية بناء بنية أساسية للكهرباء والمياه، وحتى مفهوم إقامة ميناء مستقل يخدم غزة، أصبح لا يعتبر كلمة قاسية، وفقا لـفيشمان.
وكشف فيشمان في تفاصيل حديثه عن وساطة قطرية يقودها مسؤولون قطريون رفيعو المستوى وصلوا إلى إسرائيل بناء على طلب "حماس"، حتى إن المندوب القطري لإعادة
إعمار غزة زار إسرائيل.
بالإضافة إلى ذلك، فقد أكد أن الممثلية السويسرية في رام الله كشفت نشاطا تجدر الإشارة إليه في الوساطة بين الطرفين، مبعوثون من غزة ليسوا من "حماس" يصلون إلى إسرائيل.
وأضاف فيشمان قائلا: "في أجهزة الأمن يقولون إنه بدون حوار يؤدي إلى تسهيل ظروف الحياة في غزة فإننا ذاهبون إلى مواجهة مسلحة في الصيف، والجرف الصامد ستظهر وكأنه فشل شامل".
وقال إن من يدفع الحاجة إلى الاتصالات مع "حماس" هو منسق العمليات في المناطق، بمشاركة وتشجيع رئيس الأركان الجديد، غادي آيزنكوت، حيثما يسمح المستوى السياسي بهذه الخطوات.
واستدرك بالقول إن إسرائيل الرسمية تواصل التقليل من شأن الحوار مع "حماس"، لأن ذلك كان يشوش على الانتخابات، وهو ليس جيدا لصورة حكومة يمينية، كما أنه يشوش على مواصلة اعتبار "حماس" منظمة إرهابية في العالم.
وبحسب فيشمان، فإن السلطة الفلسطينية تكاد تنفجر من الغضب، إذ إن وسائل الإعلام في رام الله تتهم إسرائيل بأنها تقوي "حماس" في غزة كقيادة منافسة، وبالفعل، يوجد شيء من هذا.
وأضاف أن السلطة لا تنجح في الإمساك بزمام الأمور في مجال إعمار غزة، وليس لإسرائيل وقت للانتظار، في حين أن منسق العمليات في المناطق يصادق لوزراء حكومة الوحدة على السماح لوزراء حكومة الوفاق الفلسطينية للوصول في كل أسبوع من الضفة إلى غزة لإجراء المحادثات، ولكن لا يتمخض شيء عن ذلك.
إضافة إلى ذلك، فإن الحوار مع "حماس" يستخدم أيضا كسوط في يد إسرائيل إزاء سلطة مناكفة في رام الله: إذا كان أبو مازن يهدد بفتح الاتفاقات الاقتصادية والأمنية مع إسرائيل، فإن إسرائيل تستطيع إدارة سياسة مناكفة أيضا، على حد زعم فيشمان.
وشدد على أن الحوار بين إسرائيل و"حماس" هو الذي خلق لدى "حماس" حافزا لمنع التدهور على حدود غزة.. وليس أقل من ذلك أهمية أنه كان لحماس تطلعات لتوسيع حدود المواجهة إلى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وإلى حدود إسرائيل – سوريا، وحتى الآن هذا لم يحدث.
وتابع فيشمان بالقول: "في هذه الأثناء فإن الأموال الطائلة من الدول المانحة لم تصل بعد، ولكن الأرقام تتحدث عن أن 85 بالمئة من السكان الذين هدمت منازلهم قالوا إنهم تلقوا مواد بناء لإعمار منازلهم، و60 بالمئة منهم (حوالي 50 ألف شخص) قالوا إن الترميمات في ذروتها.. من بداية 2015 مر في معبر كرم أبو سالم حوالي 33 ألف شاحنة حملت أكثر من 990 ألف طن من المعدات، وحوالي 440 شاحنة في اليوم مقابل 255 شاحنة في اليوم في السنة العادية.. وفي نيسان زاد هذا العدد إلى 523 شاحنة يوميا في المتوسط".
ونوه إلى أنه في الربع الأول من 2015 سجل 40 ألف دخول إلى إسرائيل من معبر إيرز، نصفهم كانوا تجارا. وابتداء من هذه السنة تسمح إسرائيل لـ"حماس" بتصدير منتوجات زراعية إلى الضفة وإلى الخارج وأيضا إلى إسرائيل بحجة سنة التبوير، واليوم يتحدثون ثانية عن إمكانية خروج عمال من غزة للعمل في غلاف غزة وإدخال أعمال من مصانع إسرائيلية إلى الصناعة الخفيفة في القطاع، على حد قوله.
وختم فيشمان مقالته بالقول: "لن نُفاجأ إذا وصل الصاروخ القادم من غزة من جهة تعارض الحوار بين إسرائيل و"حماس"، ويمكن أن يكون هذا عنصرا مقربا من السلطة".