بدأ البرلمان
الجزائري الاثنين، مناقشة مشروع قانون مثير للجدل لدى النواب والناشرين الذين يعتبرون أنه يحد من حرية النشر في بلد تخضع فيه قضايا القذف لقانون العقوبات.
وينص مشروع القانون على أنه مجرد "بيع وتوقيع كتاب لا يتم سوى بعد الحصول على رخصة من وزارة
الثقافة"، بحسب ما أكد النائب عن حزب جبهة التحرير الوطني خليل قبضان الذي ندد بقانون "يحد الحريات".
وبالنسبة لسامية براهيمي من تحالف الجزائر الخضراء فإن القانون "يمس بالحريات المضمونة في الدستور الجزائري ويحول النشر إلى عمل بيروقراطي". أما حزب العدالة والتنمية الإسلامي فوصف النص بأنه "قانون عقوبات مكرر خاص بالنشر".
وتم تأجيل مناقشة المشروع عدة مرات منذ موافقة الحكومة عليه قبل 18 شهرا.
وبخلاف المخاوف من "سيطرة الحكومة على سوق الكتاب" التي عبرت عنها النائب المستقلة أصمهان مقران، فإن زميلتها من حزب التجمع الوطني الديمقراطي رتيبة عياد ترى أن القانون "عادي" و"ينظم" سوق الكتاب.
ونص مشروع القانون الذي سيتم التصويت عليه الأسبوع القادم، على وجوب احترام "الدستور والقوانين والدين الإسلامي والديانات الأخرى والسيادة والوحدة الوطنية ومتطلبات الأمن والدفاع الوطني والنظام العام".
ويتم معاقبة الناشرين المخالفين بغرامات تصل إلى مليون دينار، أي ما يعادل 10 آلاف يورو.
ويوجد في الجزائر عشرات دور النشر التي ازدهرت خاصة في بعد 1988، وإقرار حرية النشر ما سمح بظهور حتى الكتب المثيرة للجدل.
وأثار مشروع القانون الجديد منذ المصادقة عليه في مجلس الوزراء، غضب الناشرين والمكتبيين مثل وعدي بوسعد الذي ندد بقانون "يفتح الباب للتعسف، إنه قانون يتعارض مع الدستور ويقيد الحريات".
وتابع بأن "هذا النص يذكرني برواية 1984 لجورج أورويل"، وهي التي تنبأ فيها الكاتب في 1949 بمصير العالم بعد عشرات السنين، فيسيطر "الأخ الأكبر" على عقول وقيم الشعوب في أنظمة شمولية ليس للفرد فيها أي قيمة.
وأشار وعدي إلى بعض المواد في مشروع القانون التي ستؤثر بشكل سلبي وخطير على قطاع النشر في الجزائر.
وأضاف أن الهدف هو "طرد من لا يعجبهم من المجال والاحتفاظ فقط بالموالين لهم (...) بهذا القانون سيموت الإبداع وتطغى الرقابة الذاتية ما يدفع الكتاب إلى النشر في الخارج".
وبالنسبة للناشر أرزقي آيت العربي، فإن القانون يعكس الصراعات السياسية الحالية التي تسير نحو "تراجع" الحريات.
أما المحلل السياسي رشيد تلمساني، فيرى أنها "الشمولية التي عادت بقوة"، معتبرا أنه في حال المصادقة عليه "فسيصبح من المستحيل إبداء أي نقد".
لكن مدير الكتاب والقراءة في وزارة الثقافة رشيد حاج ناصر، قال إنه "لا يوجد أي مادة في القانون تنص على الرقابة كما أنه لا يوجد أي ممنوعات".
وأوضح أن مشروع القانون "يسعى إلى تنظيم القطاع وإعادة المكتبة إلى المكانة التي تليق بها، وأيضا السماح بتوزيع الكتاب في كل مناطق البلاد. الأمر يتعلق بالعودة إلى المعايير والمقاييس الدولية".
وعبر آيت العربي، عن ارتياحه لعدم وجود أي مادة تتعلق بالرقابة التي تسبق النشر؛ "فالمادة 38 من الدستور تنص على أن أي منع محتمل لنشر كتاب هو من اختصاص القاضي".
وأضاف أنه "حتى وإن كان القضاء بعيدا عن الاستقلالية، فإن محاكمة عامة لمنع نشر كتاب، أفضل بكثير من التعسف الإداري البعيد عن الأنظار".
من الإيجابيات في النص بحسب الناشر عز الدين قرفي، "إجبار التلاميذ في المدارس على قراءة ثلاثة كتب في كل سنة دراسية ابتداء من السنة الأولى ابتدائي".
وفي 1987 أثناء حكم الحزب الواحد في الجزائر حاولت وزارة الثقافة فرض رخصة قبل نشر أي كتاب، إلا أنها اضطرت إلى التراجع بعد الاحتجاج الكبير للكتاب والصحفيين.