نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا حول القمة المزمع عقدها بين زعماء دول
الخليج العربي والرئيس الأمريكي باراك أوباما في منتجع
كامب ديفيد.
وأشارت الصحيفة، في هذا التقرير الذي اطلعت عليه "عربي21"، إلى دوافع عقد هذه القمة التي تعود أساسا إلى سعي الولايات المتحدة لطمأنة دول الخليج بخصوص الاتفاق الذي عقدته مع
إيران بشأن ملفها النووي، مشيرة إلى حالة الاستهجان التي رافقت عدول الملك السعودي عن الحضور وإرسال وفد آخر بداله.
وفي هذا السياق، تحدثت الصحيفة عن تنامي حذر المملكة العربية
السعودية من حليفها الأمريكي الذي يعتبر نفسه حاميا لها، تحسبا من إقدامه على تغيير دائرة تحالفاته على خلفية مجموعة من القرارات التي اتخذتها الولايات المتحدة بخصوص البعض من دول المنطقة، وأبرزها التخلي عن حسني مبارك عند اندلاع "الربيع المصري" سنة 2011، والامتناع عن التدخل في سوريا لمدة سنتين كاملتين، ما يتعارض مع الالتزامات التي تعهدت بها حين لجأ بشار الأسد لاستعمال الأسلحة الكيميائية.
وأضافت الصحيفة أن رفض تدخل البيت الأبيض التدخل في المسألة الفلسطينية منذ سنة 2013 قد ضاعف من توتر دول مجلس التعاون الخليجي، الذي عززه توجيه حملة عسكرية مكثفة ضد تنظيم الدولة، الأمر الذي يجعل من رد فعل الولايات المتحدة إزاء النظام السوري مجهولا بطريقة تثير مزيدا من الريبة والحذر.
من جهته، صرح الرئيس الأمريكي باراك أوباما لبعض وسائل الإعلام، بحسب ما ذكرته الصحيفة، باحتمال ألا يكون لإيران دخل في التهديدات التي يخشاها حلفاؤه الخليجيون، مشيرا إلى أن مصدر ذلك هو ارتفاع التململ الداخلي العائد لأسلوب الحكم داخل هذه البلدان، وشدد على ضرورة عدم إقحام التعاون القائم بين هذه الدول وبين الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب في مسألة تخص تبرير أي شكل من أشكال القمع.
هذا واعتبرت الصحيفة أن للامتناع المفاجئ للملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود عن الذهاب إلى واشنطن، حيث كان من المفترض أن يجمعه بالرئيس الأمريكي لقاء خاص، دلالات سلبية تحيل على عدم ارتياح الطرف السعودي، وإن سعت كلا الدولتين لإنكار ذلك.
يذكر أن اللقاء الذي جمع الملك السعودي بوزير الخارجية الأمريكية جون كيري كان قد أفصح عن بوادر أولية لموقف المملكة.
ونوهت الصحيفة إلى أن هذا التغيب قد جاء إثر استقبال دول مجلس التعاون الخليجي للرئيس الفرنسي الذي أبدى اهتماما خاصا بالملفين السوري والإيراني، وبالتزامن مع الغياب المتوقع للسلطان قابوس سلطان عمان بسبب المرض، إضافة إلى كل من حاكم أبو ظبي الذي يترأس دولة الإمارات العربية المتحدة، وملك البحرين.
وكان البيت الأبيض قد بادر يوم الاثنين، حسب ما ذكرته الصحيفة، برفض كل الافتراضات التي تبرر قرار الملك سلمان، بما فيها اعتباره للضمانات الأمنية الإضافية التي بإمكان الولايات المتحدة الأمريكية تقديمها لحلفائها؛ غير كافية. من جهتها، تبدو واشنطن مترددة في الانخراط في أي شكل من أشكال التضامن الآلي المستوحى من المعاهدة التي تربط الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي.
وأضافت الصحيفة بأن الولايات المتحدة قد استبعدت أيضا إمكانية عدم رضا المملكة عن اقتصار بيع طائرات "إف35" الأمريكية على كل من حليفتها إسرائيل وتركيا، حيث كان مستشار باراك أوباما، بان رودس، قد أعلن في لقاء صحفي عن نية الإدارة الأمريكية توسيع دائرة الدعم العسكري لحلفائها الخليجيين، مذكرا بضروب جديدة من التهديدات التي أصبحت تترصدهم الآن، مثل الهجمة الالكترونية التي طالت شركة النفط السعودية العملاقة أرامكو سنة 2012.
كما قالت الصحيفة إن من مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية الإشارة إلى أهمية دور قواتها التي تبلغ 35 ألف جندي، إضافة إلى نظام الدفاع المضاد للصواريخ الذي أقامته بالمنطقة، بهدف طمأنة الزعماء الخليجيين بأن "أمريكا ستكون بجانبهم في حال تعرضهم لهجمات خارجية" حسب تعبير باراك أوباما.
وصرحت الصحيفة بأن غياب الزعماء الأربعة السابق ذكرهم لا يعني خلو حضور مجلس التعاون الخليجي من ذوي النفوذ والتأثير، من قبيل الأمير القطري وولي عهد كل من أبي ظبي والمملكة العربية السعودية، علاوة على حضور ابن الملك محمد بن سلمان، الذي شهدت المملكة صعوده كأقوى أمراء جيله والقليلين ممن تلقوا تكوينا خاصا في الغرب.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى تصريح مستشار الرئيس الأمريكي الذي طمأن هذا الاثنين بأن قمة كامب ديفيد ستسمح بتقريب مصالح كافة الأطراف المشاركة فيها، وقالت إنه أمام عدم وجود بديل للقوة العسكرية الأمريكية، لا خيار أمام دول مجلس التعاون الخليجي سوى الاكتفاء بالاقتراحات التي ستقدمها الولايات المتحدة.