أكد محرر الشؤون العربية بصحيفة "هآرتس" تسفي برئيل أن الخطوة الدبلوماسية العلنية للملك السعودي تجاه أمريكا، لا تهدف إلى التهديد أو إرسال إشارات عن قطيعة في العلاقات معها، وذلك لأن
السعودية لا تبحث عن بديل لعلاقاتها مع الدولة العظمى، بل تهدف إلى إملاء سياسات.
وقال برئيل إن ما يقف وراء إلغاء
الملك سلمان لمشاركته في قمة
كامب ديفيد، في اللحظة الأخيرة، إيصال رسالة واضحة وحادة للرئيس الأمريكي باراك
أوباما، مفادها أن السعودية لم تعد تصغي للإيضاحات والتفسيرات، أو محاولات الإقناع، وهي تطالب بسياسة أمريكية صارمة، ليست أقل من تلك التي أظهرتها عند بدء محاربة الحوثيين في اليمن.
وشدد برئيل على أن هناك موضوعين رئيسين يرسمان الخلاف بين الرياض وواشنطن، هما إيران وسوريا. وفي كليهما تطالب السعودية أمريكا بالعمل الجاد والممارسة الفعلية على الأرض دون الاكتفاء بالوعود وأقوال التهدئة.
وأضاف أن السعودية مستنفرة قبيل التوقيع على الاتفاق النووي مع إيران. فخوفها الدائم ليس من احتمال قيام إيران بتطوير السلاح النووي، بل من المكانة الاستراتيجية الجديدة التي ستحتلها إيران.
وأكد برئيل أن إيران التي حظيت بالمشروعية الدولية بإمكانها ليس فقط منافسة العربية السعودية على أسواق النفط، بل من شأنها أيضا أن تنضم إلى طاولة المفاوضات التي تعالج النزاعات الإقليمية.. مشيرًا إلى أن إيران تمسك بيديها بمفاتيح استراتيجية لثلاث من القضايا الإقليمية؛ واحد في سوريا (ولبنان) والثاني في العراق والثالث في اليمن.
وتابع بأن وزراء خارجية دول الخليج عرضوا على وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، في باريس منتصف الأسبوع، أفكارا ومقترحات للعمل المشترك في اليمن وفي سوريا، بهدف طرد الحوثيين في اليمن، من جميع مؤسسات الدولة، وإعادتهم إلى مكانتهم كأقلية تساهم في إعمار اليمن، ولكن ليس كقادة للدولة يفتحون الأبواب أمام إيران.
وأكد برئيل أن موقف الملك سلمان بشأن سوريا واضح جدا؛ وهو أنه لا يمكن للرئيس السوري يشار الأسد أن يكون جزءًا من الحل، أو أن يكون نظامه شريكا في المفاوضات حول الحل السياسي.
وعلاوة على ذلك، فإن السعودية ومعها دول الخليج تطالب بإقامة منطقة حظر جوي شمال سوريا، من أجل إتاحة الفرصة أمام تمويل جميع المليشيات (ما عدا داعش)، بما في ذلك جبهة النصرة المتفرعة عن القاعدة شريطة أن تتخلى عن ولائها للقاعدة. وهذا ما جعل السعودية وجاراتها الخليجيات ترفض الاقتراح المصري بأن يكون الأسد جزءًا من الحل، وتنتقد الموقف المتردد للولايات المتحدة، التي قلصت من نطاق مساعداتها للمليشيات في سوريا، بحسب برئيل.
وأشار الكاتب إلى أن السعودية نجحت أيضا في ضم تركيا إلى المنظومة العربية التي أقامتها، حيث يرى كلا البلدين ضرورة طرد الأسد وعدم الاكتفاء بمحاربة تنظيم الدولة.
ونوه برئيل إلى أن هناك اقتراحا خليجيا بإقامة حلف دفاعي مع أمريكا، من أجل أن توضح لإيران أن أمامها حلفا عسكريًا فاعلًا، بإمكانه أن يعمل كما عمل في اليمن، وليس فقط إجماعا بدون التزام بوقف التأثير الإيراني.
وحول هذا المطلب، قال برئيل إن واشنطن ما زالت تقف مترددة، فحلف دفاعي كهذا يستوجب موافقة الكونغرس، والذي من غير المؤكد أنه سيدعم ذلك. كما أن الرئيس ليس متحمسا للتوقيع على حلف كهذا، من شأنه أن يورط أمريكا بمواجهات عنيفة في المنطقة، في الوقت الذي تميل فيه بسياستها من أجل الابتعاد عن أي تدخل كهذا.
وفي خلاصة القول، يلخص برئيل قراءة المشهد برمّته بأن السعودية تهدف إلى تجنيد واشنطن إلى خارطة الطريق التي يقوم الملك سلمان بتشكيلها، ليدفع أوباما للحسم، وليس للابتعاد عن الولايات المتحدة. وعلاوة على ذلك فقد أعلن الملك سلمان أنه سوف يكون على استعداد للقاء أوباما في موعد لاحق دون تحديده، وهو بالتأكيد سيكون مرتبطا بالردود التي سيتلقاها ممثلو دول الخليج في لقائهم مع أوباما يومي الأربعاء والخميس.