صحافة عربية

تقرير :الحريات الإعلامية في الأردن طريق مسدود

سنة 2014 لا تختلف عن سنة 2013 فيما يخص حرية الإعلام
كشف التقرير السنوي لحالة الحريات الإعلامية في الأردن لعام 2014، الذي ينجزه مركز حماية وحرية الصحفيين للسنة الرابع عشرة على التوالي بقاء حالة الحريات الإعلامية على حالها ولم تتغير دون ملاحظة أي تقدم ملموس عن العام السابق 2013.
 
وبين التقرير الذي اطلق اليوم في العاصمة عمان تحت عنوان "طريق مسدود" أن الغالبية العظمى من الإعلاميين لا ترى تقدما في الحريات الإعلامية، ومن يرونها تراجعت بشكل كبير بلغت نسبتهم 19.7% في حين لم تتجاوز نسبة من يرونها قد تقدمت بشكل كبير 3.2%.
 
وبينت نتائج استطلاع حالة الحريات أن نسبة من يصف حالة الحريات الإعلامية في الأردن بأنها ممتازة قد تراجعت ووصلت إلى 2.4%، وعلى العكس من ذلك وصفها 26.5% بأنها متدنية.
 
وكشف الاستطلاع عن أن القوات المسلحة توجد على رأس المواضيع التي يتجنب الصحفيون الاقتراب منها وبلغت نسبة من يرون ذلك 93.2%.
 
ولأول مرة وبشكل واضح جدا أشار الإعلاميون إلى أنهم يخشون انتقاد الملك والعائلة الحاكمة والقصر، وحتى الديوان الملكي بنسبة بلغت 90.4%.
 
وعرض التقرير نتائج استطلاع متخصص عن واقع الإعلام الأردني ركز في أسئلته على الأبعاد والمحددات المهنية للإعلام.
 
ومن أبرز النتائج التي خرج بها هذا الاستطلاع أن 26% من الصحفيين يرون أن الإعلام لا يشهد أي حالة إصلاح، وأن حالة الإعلام في الأردن تشهد تراجعا بدرجات مختلفة بلغت 46.5%.
 
ووثق مركز حماية وحرية الصحفيين من خلال وحدة رصد وتوثيق الانتهاكات الواقعة على الإعلام، "عين"، التابعة له، 153 انتهاكا وقع على إعلاميين وصحفيين خلال العام الماضي، وعرض أبرز حالات الرصد الذاتي التي قامت بها الوحدة وعملت على توثيقها.

وقال الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين في مقدمة التقرير أن "خمس سنوات على أول الربيع العربي مرت، شهدت تراجيديا سوداء، فمن نشوة بانتصار الحرية، وهدير صوت المنادين بها والمدافعين عنها إلى هزيمة نكراء، وانكسار يتلوه انكسار، وأصبحت اللعنات التي تهبط على الإعلام مسلما بها، ومستكان لها".
 
وتابع منصور بالقول "لم يشي عام 2014 بوعود تخرجنا من حالة التيه، بل على العكس أصبحت الأزمة مضاعفة ومركبة، كنا نعيش يوميا مع صراخ صحفي يعتدى عليه وتنتهك حريته، وأصبحنا اليوم نشاهد قهر مئات الصحفيين الذين لا يملكون قوت يومهم بعد أن ألقت كارثة الصحافة الورقية بهم على قارعة الطريق".
 
وأشار منصور أن الرقابة الذاتية شاعت في الإعلام بعد أن تراجعت قليلا، وهي محصلة ونتيجة لسنوات من التدخلات والقضايا والترهيب.
 
وقال "ولّى زمن الاتصالات المباشرة بالصحفيين، فهذا نادر الحدوث، فما حاجتهم إلى ذلك إذا كان بعض من يقودون سفينة الإعلام يتولون عمليات "الفلترة" والرقابة المسبقة نيابة عن الحكومة وأجهزتها الأمنية وكل أصحاب النفوذ".
 
وبين منصور أن كثيرا من الصحفيين منعوا من التغطية وكثيرون حجبت عنهم المعلومات، وأسماء متعددة تعرضت للاعتداء في عام 2014 كلهم كانوا ضحايا، مضيفا أنه "لم نجد ولم نسمع أن هناك من جرت مساءلته على هذه الانتهاكات؛ باختصار إنهم يفلتون جميعا من العقاب".
 
انتهاكات بسلطة القانون
أبرز النتائج التي تحدث عنها فصل الانتهاكات ولفت الانتباه لها هو أن القانون بات أداة تلجأ لها السلطات العامة بصورة متزايدة للضغط على الإعلاميين ومنها إصدار تعاميم تحظر نشر معلومات عن الأجهزة الأمنية أو تداول بعض القضايا التي اعتبرها القانون مباشرة تمس أمن الدولة، إضافة إلى استمرار تحويل الصحفيين إلى محكمة أمن الدولة.
 
وبين أن أكثر الانتهاكات تكرارا وقع خلال فترة المقارنة، هو انتهاك حجب المواقع الإلكترونية بامتياز؛ حيث تكرر 317 مرة وبلغ ذروة تكرارها عام 2013 عندما حجب 291 موقعا إلكترونيا بموجب التعديلات على قانون المطبوعات والنشر الذي اشترط ترخيص المواقع الإلكترونية الإخبارية.
 
وبين التقرير أن الرقابة الذاتية استحكمت بقطاع الإعلام  وارتفعت نسبتها إلى 95.2%، و قال الرئيس التنفيذي للمركز نضال منصور، إن ارتفاع الرقابة الذاتية يأتي كنتاج سنوات من التشريعات المقيدة والضاغطة.
 
الصحفي المتخصص في قضايا حقوق الانسان خالد القضاة، يرى أن رقابة رئيس التحرير في الاردن  أقل حدة من رقابة الصحفي ذاته، مبررا نشوء الرقابة الذاتية بسبب الفترة التي تغولت فيها السلطة على الإعلاميين و بناء منظومة حدت من حرية الصحفيين  وتركت إرثا ما زال الصحفي يعاني منه ".
 
وقال القضاة في تصريح لصحيفة "عربي21": " حجب المعلومات  وسياسة العقاب الناعم من خلال عدم دعوة الصحفيين الى بعض الفعاليات والتضييق عليهم، بالاضافة لعرض بعض الصحفيين على محكمة أمن الدولة غير الدستورية".
 
حالة الإحباط
من جهة أخرى أظهرت نتائج استطلاع الحريات الإعلامية أن حالة الإحباط التي سيطرت على الصحفيين الأردنيين عام 2013 بقيت مستمرة، إن لم تزد عام 2014، فعلى الرغم من التراجع الطفيف للتدخلات الحكومية والتي سجلت في عام 2014 ما نسبته 81%، إلا أنه بمراجعة المتوسط الحسابي لتدخل الحكومات بالإعلام خلال آخر خمس سنوات بلغ 83.7%.
 
وفي تصريح لـ"عربي21" أكد رئيس تحرير موقع "جو 24"، باسل العكور، أن "الأرقام التي كشفها التقرير تعكس حالة الإعلام المتردي في الأردن الذي دخل أزمة كبيرة عنوانها حالة من التغول والتعدي الحكومي، المطبقة على وسائل الاعلام المحلية".
  
يقول العكور إن "الصحافة الأردنية لم تنجح في تجاوز هذه العقبات والتغولات بسبب وجود تشريعات سالبة للحرية، فهنالك إفلات من العقاب عندما يتعرض أي صحفي لانتهاك جسدي أو توقيف حيث لا يتم محاسبة الجهة التي ترتكب الجرم".
 
و يبرر العكور ارتفاع معدل الرقابة الذاتية "بسبب هاجس الصحفي والتخوف من القبضة الأمنية والإحالة على محكمة أمن الدولة خلافا لقانون المطبوعات والنشر الذي نص على تحويل الصحفيين لمحاكم مدنية وقضاة متخصصين".
 
يلفت التقرير أن ما كشفه الصحفيون يلخص واقع الحال عند إجاباتهم عن الطابوهات والخطوط الحمراء الرئيسية التي تنعكس مباشرة على عملهم الإعلامي.
 
وبترتيب أهم ثلاثة مواضيع يتجنب الإعلاميون انتقادها تقدم الديوان الملكي ليحتل المرتبة الأولى بنسبة 23.3%، وتبعه ثانيا الجيش والقوات المسلحة 22.4%، وحلت ثالثا الأجهزة الأمنية 13%، ورابعا البحث في القضايا الدينية بما يقارب 11.2%.
 
قانون المطبوعات
وأظهرت نتائج الاستطلاع أن الوجه الآخر لأزمة الإعلام في الأردن أنه وبعد مرور ثلاثة أعوام على قانون المطبوعات الذي اشترط ترخيص المواقع الإلكترونية، وما يقارب عامين على إنفاذه، فإن آراء الصحفيين ما تزال متعارضة في الموقف منه، ومن تأثيراته خاصة على الإعلام الإلكتروني، فمن يرى في شرط ترخيص المواقع الإلكترونية قيدا على الحريات 34.1% يوازيه 34.5% يجدون أن ذلك أسهم في تقدم الحريات، و30.1% لم يؤثر عليها.
 
وفي السياق ذاته فإن 39.4% يعتقدون أن حجب المواقع الإلكترونية التي لم ترخص يعتبر قيدا، ويقابله 34.5% يرون عكس ذلك ويجدونه أسهم في تقدم الحرية، و25.7% يرى بأن هذا لم يؤثر على الحريات.
 
وكشف الاستطلاع بأن الشروط التي وضعت بقانون المطبوعات والنشر لم تنتج احترافا مهنيا، ولم تساعد في إنهاء الظواهر السلبية، وما يعتبرا فسادا في الإعلام الإلكتروني.