منذ انقلاب يوليو 2013، حكم القضاء
المصري بالإعدام على مئات المعارضين السياسيين، وتم تنفيذ الحكم فعليا في سبعة متهمين فقط حتى الآن، لكن أهم شخصية حكم عليها بالإعدام حتى الآن هو الرئيس محمد
مرسي.
وأثار الحكم الصادر بإحالة أوراق مرسي للمفتي تساؤلات حول قدرة نظام عبد الفتاح
السيسي على تنفيذ هذه الخطوة الخطيرة والإقدام على قتل الرئيس.
وكانت محكمة جنايات القاهرة أصدرت قراراً السبت الماضي بإحالة أوراق مرسي ونحو مئة من قيادات وأعضاء جماعة
الإخوان المسلمين وحركة حماس وحزب الله اللبناني إلى المفتي، تمهيدا لإعدامهم في قضية الهروب من السجن، كما أحالت أوراق 16 من قيادات الإخوان إلى المفتي في قضية التخابر مع حماس.
الخوف من الانتقام
ويخشى كثيرون داخل مصر وخارجها من أن يشعل
إعدام مرسي موجة واسعة من الاضطرابات تضرب البلاد لمدة طويلة، خاصة في ظل تزايد الهجمات المسلحة التي تعكس، بحسب مراقبين، اقتناعا متعاظما لدى شرائح عديدة من المصريين أن العنف أصبح الرد المناسب على ظلم النظام.
ويقول مراقبون إن إعدام مرسي قد يدفع بالعديد من أعضاء الإخوان والمتعاطفين معهم إلى الانضمام إلى جماعات جهادية مثل تنظيم الدولة.
وفي أقوى رد لها حتى الآن، حذرت جماعة الإخوان المسلمين من أن العالم كله سيدفع الثمن إذا تم إعدام مرسي، كما حذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من حدوث اضطرابات في المنطقة إذا تم تنفيذ حكم الإعدام بحق مرسي.
من جانبها، حذرت صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية من أن تنفيذ حكم إعدام مرسي سيفجر غضبا واسعا لا يمكن توقع حجمه، وأن الغرب هو الآخر سيكتوي بنار الغضب من هذا القرار.
الحفاظ على ورقة التفاوض الرابحة
وحتى الآن، يحرص النظام المصري على الاحتفاظ بقيادات الإخوان المعتقلين لأطول وقت ممكن، ليكونوا بمثابة ورقة رابحة للتفاوض عليها لإنهاء المعارضة المستمرة للانقلاب منذ عامين.
وتضمنت كافة المبادرات ومحاولات التصالح بين الإخوان والنظام الحاكم في مصر بندا رئيسيا يتعلق بإطلاق سراح المعتقلين، وعلى رأسهم قيادات الجماعة والرئيس مرسي، مع قيود إضافية حول دورهم في المشهد السياسي مستقبلا.
وفي هذا السياق، يقول الناشط السياسي ممدوح حمزة عبر تويتر إن الحكم لن ينفذ، حيث سيأتي المنقذ ويعفي أو يخفف الحكم لأسباب ستساق لنا في حينه، وكله لمصلحه الحكم، حسب تعبيره.
الضغوط الدولية
ويعول معارضون للانقلاب على المواقف الدولية، متمنيين أن يؤدي الرفض الدولي للأحكام الأخيرة إلى إيقاف إعدام مرسي، فكل المنظمات الدولية ودول العالم تقريبا -بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة- أدانت الحكم، وأكدت أنه يخالف القانون، ودعت مصر إلى إلغائه أثناء مرحلة الاستئناف".
وقالت القناة الأولى في التلفزيون الإسرائيلي إن العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز قد يضغط على السيسي لمنع إعدام مرسي، وذلك تماشيا مع سياسته المغايرة لنهج سلفه الملك عبد الله تجاه الإخوان المسلمين.
ومن المحتمل أن تقلل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مساعدتهما الاقتصادية والعسكرية للسيسي إذا أعدم مرسي، وهو ما يلقي بظلال من الشك حول قدرة النظام على تحمل كل هذا الضغط.
منع تحول مرسي إلى أسطورة
وقالت صحف عالمية إن إعدام مرسي سيحوله من رئيس سابق خيب آمال الكثيرين إلى شهيد وبطل.
وأكدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في افتتاحيتها الثلاثاء إنه إذا تم إعدام مرسي، فإن ذلك سيكون ذلك ظلما بينا، وسيرسل رسالة كريهة للمصريين الذين يرفضون التشدد بطبيعتهم، بأن حمل السلاح هو السبيل الوحيد لاسترداد حقوقهم.
وقالت النائبة بالكنيست الإسرائيلي كسينيا سفيتلوفا في مقال نشره موقع " آي 24 نيوز" الإسرائيلي إن السيسي عليه أن يعتبر بما حدث مع الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، عندما أعدم سيد قطب عام 1966، فحوله من كاتب إسلامي غير معروف نسبيا إلى رمز وشهيد وملهم روحي للملايين من أعضاء الحركات الإسلامية السنية الراديكالية.
واختتمت سفيتلوفا مقالها بالقول إن السيسي ينبغي أن يأخذ في حسبانه كافة تلك الحقائق، حيث أن خطأ واحدا مثل هذا قد يكلف نظام السيسي الكثير، وربما حياته هو شخصيا.
آراء مغايرة
وعلى النقيض من تلك الآراء، أكدت أصوات أخرى أن السيسي غير عابئ بأي تحذيرات. فقد رأت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية أن تنفيذ إعدام بحق الرئيس محمد مرسي سيقوي قائد الانقلاب ويضع نهاية للمطالبات بعودة مرسي للحكم.
كما هاجم ثروت نافع عضو مجلس الشعب السابق عبر "فيسبوك" من يدعي عدم تنفيذ أحكام الإعدام بحق مرسي وقيادات الإخوان، واصفا أصحاب هذا الرأي أنهم إما سذج أو راغبون في امتصاص غضب الجماهير.
وأكد عبر "فيسبوك" أن هؤلاء هم من قالوا مسبقا إن القاضي لم يحكم على مرسي بالإعدام في قضية الاتحادية الشهر الماضي، خوفا من رد فعل الشارع.