ما إن صدر قرار من محكمة
مصرية، بإحالة أوراق الرئيس المصري محمد
مرسي ضمن 123 آخرين، في قضيتي "اقتحام السجون" و"التخابر"، للمفتي لاستطلاع رأيه في إعدامهم، حتى انتشرت دعوات سياسية وحقوقية لإلغاء عقوبة
الإعدام أو على الأقل تخفيفها.
والإحالة للمفتي في القانون المصري هي خطوة تمهد للحكم بالإعدام، ورأي المفتي يكون استشاريا، وغير ملزم للقاضي الذي يمكنه أن يقضي بالإعدام بحق المتهمين حتى لو رفض المفتي.
كانت آخر الدعوات، عبر نادر الفرجاني، الناشط اليساري، وأستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في القاهرة، الذي قال في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، الأحد: "أنا ضد القتل كعقوبة لسببين، الأول أنه يهدر الحق الإنساني الأساس وهو الحق في الحياة، والثاني أنه لا يمكن العدول عنه أو تصحيحه أو التعويض عنه في حالة الخطأ الوارد في أي قرار بشري".
وأضاف: "الإعدام حكمة لقتل القاتل في شريعة الإسلام"، مشيرا إلى أنه "ضد القتل في السياسة، لأنه ينفي عن القاتل إنسانيته".
عبد المنعم أبو الفتوح، المرشح الرئاسي الأسبق، ورئيس حزب مصر القوية (وسط)، طالب في بيان له، الخميس الماضي، بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام.
وقال: "بأي حال من الأحوال، يجب أن تُلغى عقوبة الإعدام مؤقتا، ويجب أن يوقف تنفيذ ما صدر من أحكام إعدام في الفترة الماضية، إلى أن تعود حالة الهدوء وحالة الرشد وحالة العقل".
وتابع: "علينا أن نخرج مؤسسة
القضاء إخراجا تاما من الصراع السياسي، ونتركها لواجبها الكبير والهام"، مضيفا: "حين يغيب العدل يضيع استقرار الوطن واستقرار الدولة، ويلجأ البعض بحماقة إلى العنف الذي يشكل خطرا على الوطن".
المنظمة المصرية لحقوق الإنسان (غير حكومية)، دعت في بيان لها، الجمعة الماضي، إلى استبدال عقوبة الإعدام بالسجن مدى الحياة.
وقالت المنظمة: "رغم أن الجرائم التي يتم الحكم فيها بالإعدام شديدة الخطورة وأن الأحكام صادرة من محاكم أول درجة، إلا أن المنظمة ترى أن هناك تصاعدا في عدد الدول التي تلغي عقوبة الإعدام وتستبدلها بعقوبة السجن مدى الحياة، الشيء المطلوب في نهاية المطاف هو إلغاء هذه العقوبة في جميع الدول، واستبدالها بالسجن مدى الحياة".
رئيس المنظمة حافظ أبو سعدة، وهو عضو بالمجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي)، قال في تصريحات صحفية أمس: "بعض أعضاء المجلس يتبنى هذا المطلب، وموقفه سلبي من تطبيق عقوبة الإعدام، ويتمنى لو تم التضييق على تنفيذ تلك العقوبة".
ولفت إلى أن "هناك 100 مادة في قوانين الجنايات والعقوبات والقوانين العسكرية تُعاقب بالإعدام في مصر".
وأضاف: "نطالب بأن تقتصر العقوبة على الأحكام المتعلقة بالشريعة الإسلامية، وأن يتم الحكم فيها، لكن يؤجل التنفيذ إلى حين الوصول لرؤية فقهية لاستبدال عقوبة الإعدام بأخرى ليس فيها إنهاء حق الحياة".
وتابع: "المنهج القرآني الداعي إلى القصاص يميل أكثر إلى العفو، واعتقد بأن الموضوع في حاجة إلى نقاش علمي شرعي كي يكون مقنعا".
وهو الرأي ذاته الذي ذهب إليه نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، عبد الغفار شكر، عندما قال في تصريحات صحفية أمس، إن "فكرة منع الإعدام بشكل نهائي ستخالف الشريعة الإسلامية ولذلك يمكن استبدالها بطرح أخر".
واقترح شكر أن "يتم تأجيل عقوبة الإعدام لمدة ثلاث سنوات مما يتيح فرصة للهدوء وعدم التعرض لانتقادات دولية".
وهو ما ذهب إليه أيضا المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، حين كتب تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "يخطئ من يعتقد أن الإعدام هو الحل".
وفي 16 آيار/ ماي الجاري، أمرت محكمة جنايات القاهرة، بإحالة أوراق مرسي و121 آخرين من إجمالي 166 متهما للمفتي لاستطلاع رأيه في إعدامهم بعد إدانتهم في قضيتي "التخابر الكبرى" و"اقتحام السجون"، وحددت يوم 2 حزيران/ يونيو المقبل للنطق بالحكم.
ومنذ الانقلاب على مرسي، المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، يوم 03 تموز/ يوليوز 2013 من قبل قيادات الجيش، صدرت أحكام إعدام غير نهائية بحق 480 شخصا كانوا ضمن 1481 إحالة إلى المفتي، وصدرت بعد استطلاع رأيه، بينما تمت تبرئة أو تخفيف العقوبات إلى السجن لفترات متفاوتة بحق باقي الأشخاص.
في الوقت الذي تم تنفيذ أحكام إعدام بحق سبعة مواطنين، أحدهم صادر من محكمة مدنية، وستة من محكمة عسكرية.
وبينما صدرت إدانات دولية لأحكام الإعدام وقرارات الإحالة للمفتي هذه، ردت السلطات المصرية بأنها ترفض التدخل في شؤون القضاء المصري، مؤكدة أنه "مستقل وغير مسيس".