ألقى الوزير الأول
الجزائري،
عبد المالك سلال "قنبلة"، وسط الشارع الجزائري وطبقاته السياسية، و"انصرف" إلى شؤونه، ولم يدر أن تصريحاته، ستلقى تعليقات صاخبة من طرف مواطنيه ومعارضي النظام على الخصوص.
سلال قال يوم 26 أيار/ مايو الجاري، إن "احتياطي الجزائر من العملة الصعبة سيتراجع إلى تسعة ملايين دولار، بحدود عام 2019، إذا استمرت أسعار البترول في التقهقر"، ورسم سلال صورة قاتمة عن الوضع المالي لبلد صرف ما يقارب الـ800 مليار دولار منذ اعتلاء الرئيس
بوتفليقة سدة الحكم العام 1999، في حين أن تلك الصورة التي صدمت الجزائريين لم يرسمها حتى أشد معارضي النظام تطرفا.
وتأتي تصريحات الوزير الأول الجزائري، بالتوازي مع تحذيرات أطلقتها أحزاب المعارضة، إزاء استمرار سياسة تبذير المال العام وهشاشة البرامج التنموية التي خصصت لها أظرفة مالية ضخمة في حين أن أثرها في الواقع شحيح، ونبهت المعارضة إلى "سنوات عجاف تنتظر الجزائر".
لكن، يبدو أن تصريحات سلال قد انقلبت عليه، بوقت تطالب فيه أحزاب المعارضة الرئيس بوتفليقة بإقالة الحكومة ومحاسبتها، في أقل من 15 يوما من التعديل الوزاري الذي أجراه رئيس البلاد الموصوف بـ"غير المجدي".
وقالت كبرى الأحزاب الإسلامية بالجزائر "حركة مجتمع السلم" الخميس، إنها "تستهجن التصريحات الأخيرة للوزير الأول حول وضعية الاقتصاد الوطني ومستقبله، بنبرة الاستعطاف للرأي العام وطلب التضامن"، وذكّرت الحركة في بيان تلقت "
عربي21" نسخة منه، بتحذيرات سابقة تجاه الوضعية المالية للبلاد، موضحة أن "السلطة أدارت ظهرها لتحذيرات الخبراء والسياسيين ومنهم حركة مجتمع السلم من أجل فتح حوار وطني شامل؛ لتحقيق انتقال ديمقراطي سلس يحفظ مؤسسات الدولة، ويحل مشكلة ارتباط الاقتصاد الكلي بالمحروقات وغياب البدائل".
وأكدت الحركة التي انسحبت من الحكومة عام 2012، وتخندقت بصف
المعارضة الجزائرية، أن "تصريحات الوزير الأول، اعتراف بالفشل التام في تسيير ملف الاقتصاد، برغم صرف 800 مليار دولار منذ 1999 دون أن تحقق الحكومة معدل تنمية مقبولا أو تنجز نسيجا صناعيا واقتصاديا بديلا لاقتصاد الريع".
ولم تتوقف ردود الأفعال الغاضبة و المستغربة في آن واحد، حيث إن جيلالي سفيان، رئيس حزب "جيل جديد" الحداثي، أفاد بتصريح لصحيفة "
عربي21" الخميس، بأنه "شرع بالحفر في احتياطات خزائن الدولة"، منتقدا سياسة التبذير وانعدام الحكامة وترشيد النفقات، بالقول: "لقد درجت السلطة على توزيع المال العام في كل اتجاه في ظل غياب الرقابة والضرب بالقانون عرض الحائط، كما أن السلطة دأبت على شراء السلم الاجتماعي بمقابل زرع
الفساد".
وتساءل جيلالي: "كيف يأتي اليوم الذي يظهر فيه هؤلاء المسؤولون قلقهم حول مستقبل احتياطياتنا المالية، بالإعلان عن استدانة وشيكة من الخارج؟".
وكانت الجزائر عاشت لأكثر من 10 سنوات رخاء ماليا جراء ارتفاع أسعار النفط، لكنها لم تستثمر الأموال ببناء اقتصاد منتج بديل عن النفط، كما يعتقد العديد من الخبراء.
ومسحت الحكومة الجزائرية، جراء الرخاء المالي، ديون 14 دولة إفريقية وعربية.
وطالب كل من جيلالي سفيان وعبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم، باستقالة الحكومة ومحاسبتها، بينما أكدت رئيسة حزب العمال، اليساري، لويزة حنون، يوم 7 أيار/ مايو الجاري أن "ثلث الوزراء بالحكومة الجزائرية مشبوهون بالفساد، سواء بطريقة مباشرة أم غير مباشرة".
وأشار التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، العلماني، المعارض، بالجزائر، إلى أن "سلال الذي أعلن أن الوضع تحت السيطرة، يجب أن يعلم أن حكومته غير مؤهلة والشعب لا يثق فيها حتى في تسيير محل صغير". وقال في بيان صادر عنه الأربعاء، تلقت صحيفة "
عربي21" نسخة منه، إن "تصريح سلال يستحق التنبيه إلى أن السلطة مسؤولة عن النهب العام، وأن أي إعلان لا يخفي الحقيقة المرة التي تنتظر الجزائريين، بسبب غلطة النظام الذي قرر التضحية بالجزائريين من أجل بقائه".