تدفق الآلاف من
العرب السنة في شمال
سوريا إلى جنوب تركيا؛ نتيجة حملة تطهير عرقي تقوم بها قوات الحماية الشعبية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الموالي لحزب العمال الكردستاني التركي.
ونقلت صحيفة "التايمز" البريطانية عن مصدر في منظمات الإغاثة المدنية، قوله إن قوات الحماية الشعبية، التي تعد حليفا للغرب والولايات المتحدة في الكفاح ضد
تنظيم الدولة، قامت بحرق قرى العرب في منطقة شمال شرق سوريا الواقعة تحت سيطرتهم.
ويشير التقرير، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، إلى أن عمليات التطهير العرقي ضمت قرى تقع قريبة من بلدة كوباني، التي كانت مسرح قتال بين تنظيم الدولة والمقاتلين
الأكراد، استمر لمدة شهرين، ولم يحسمه سوى التدخل الجوي الأمريكي، حيث انسحب مقاتلو التنظيم من البلدة.
وتبين الصحيفة أنه يعتقد أن أكثر من عشرة آلاف عربي هجروا من بلداتهم وقراهم خلال الستة أشهر الماضية.
وينقل التقرير عن محمد صالح الكاتي، الذي فرّ من قريته تل الطيب الشرقي، قوله: "حرقت قوات الحماية الشعبية قرانا ونهبت بيوتنا". وأضاف أن قريته، التي تقع قرب بلدة رأس العين، قد هاجمتها قوات الحماية في كانون الأول/ ديسمبر، ويقول: "أعرف واحدا منهم جاء من القرية الجارة لقريتنا، وهو الذي صب الكاز على أثاث بيتي".
وتلفت الصحيفة إلى أن منطقة شمال شرق سوريا، تعد من المناطق المختلطة سكانيا، وكانت محل نزاع الجماعات السورية المعارضة لنظام بشار الأسد، من الجيش السوري الحر إلى تنظيم جبهة النصرة إلى قوات الحماية الشعبية.
ويذكر التقرير أن حملة التطهير هذه هي حملة انتقامية ضد العرب السنة، الذين يتهمهم الأكراد بالتعاطف مع تنظيم الدولة في العراق وسوريا. وتقع المنطقة التي يعيش فيها الأكراد والعرب السنة والمسيحيون بين عاصمتي تنظيم الدولة، الرقة في سوريا والموصل في العراق.
ويقول الكاتي للصحيفة: "هددتنا قوات الحماية الشعبية بالقول: (سنطلق الرصاص على أبنائكم وستموتون لو بقيتم هنا). ورأيت أحد عناصر الحماية الشعبية يكتب على الجدار (لا ننسى ولا نسامح)".
ويورد التقرير أن صورا عن آثار هجوم أخير قامت به قوات الحماية الشعبية على
الحسكة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث شوهد مئات السكان وهم يهربون في الحقول تحت الشمس الحارقة، ويحملون ما استطاعوا حمله من أشياء.
ويخبر محمد العواد الصحيفة أنه أجبر وعائلته المكونة من ستة أفراد على الهروب من قرية الرزاز، التي تبعد 15 ميلا عن الحسكة، بعد احتلالها من قوات الحماية الشعبية، ويقول: "بعد انسحاب مقاتلي تنظيم الدولة، طلب منا عناصر الحماية الشعبية الخروج، ولكننا بقينا. وجاء أحدهم يحمل عجلة سيارة، وهدد بإشعالها داخل البيت، ولم يكن أمامنا خيار سوى الخروج. وقبل أن نصل الطريق الترابي شاهدت لهيب النيران ينبعث من بيتي".
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن معظم الهاربين من قراهم يقولون إن الأكراد ينتقمون من السكان العرب، حيث يرونهم متعاطفين مع تنظيم الدولة.
وتنقل الصحيفة عن محمد (25 عاما) قوله: "إنهم يعدون أي منطقة كانت تحت سيطرة تنظيم الدولة قاعدة شعبية له، ولكن في الحقيقة السكان فيها كلهم مدنيون". وقد هرب محمد، الذي يدرس القانون في الجامعة، من بلدة العالية القريبة من خطوط القتال بين الأكراد وتنظيم الدولة، في 10 أيار/ مايو، عندما بدأت قوات الحماية بحرق القرى وتهجير السكان.
ويقول محمد إن ممثلين عن القرية ذهبا إلى رأس العين، والتقيا مع قائد الحماية فيها حسين كوتشير، فقال لهما إن الشباب في القرية كلهم مطلوبون لأسباب سياسية، رغم أنه لم يكن يوجد فيها إلا متعاطف واحد مع تنظيم الدولة من بين 40 عائلة، بحسب الصحيفة.
ويوضح التقرير أن معظم الذين هجروا من مناطقهم هربوا إلى المنطقة الجنوبية من الحسكة، القريبة من جبل عبد العزيز، التي تقع تحت سيطرة تنظيم الدولة.
وتنوه الصحيفة إلى أن المعابر كلها قد أغلقت من سوريا وتركيا، وقتلت القوات التركية عشرة سوريين كانوا يحاولون التسلل. ولهذا لم يجد العرب، الذين وجدوا أنفسهم وسط الأطراف المتنازعة، أي خيار سوى الفرار إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة تنظيم الدولة.
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن طائرات التحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة، تقوم بغارات جوية في مناطق شمال شرق سوريا، وهو ما يعطي دفعة لقوات الحماية الشعبية، وفي الوقت ذاته زيادة العرب الذين أصبحوا ضحايا أصدقاء الغرب الأكراد. ويقول العواد: "قد حرقوا بيتي والمحاصيل التي كنت أعدها للحصاد، ولا أعرف إلى أين سأذهب، أشعر بالشلل".