معادلة الانتخابات

كتب فهمي كورو: تم في الفتر الأخيرة تناقل أخبار تفيد بأن أصوات حزب العدالة والتنمية بدأت تتضاءل مع اقتراب الانتخابات التشريعية في تركيا. والحقيقة أن هذه القناعة بدأت تتشكل لدى البعض شيئا فشيئا.

والحقيقة أننا نعيش أوضاعا قريبة مما عاشه الشارع البريطاني والإسرائيلي من قبل، حيث ادعت مؤسسات وقتها تضاؤل أصوات الحاكمين في كل من بريطانيا وإسرائيل، قبل الانتخابات. لكنها أجبرت على الاعتذار من مشتركيها فيما بعد، لأن الأحزاب الحاكمة في تلك الحكومات نجحت مرة ثانية.

إن من يجعل تلك المؤسسات تخطئ في إحصاءاتها هم الناخبون الرماديون. حيث إنهم عندما يقومون بتوجيه السؤال لتلك الطبقة الرمادية فإنهم لا يفصحون عن اسم الحزب الذي سينتخبونه أو إنهم سيذكرون اسم حزب آخر. وهذا ما يؤدي إلى تقييم خاطئ لتوقعات نتيجة الانتخابات قبل إجرائها.

والباحثون البريطانيون وقعوا في فخ الناخب الرمادي الذي لا يعلم بعد لصالح أي حزب سيدلي بصوته.
وفي الحقيقة أن كوادر الأحزاب التي تديرها هي كوادر تتكون من مجموعة من الطبقة البراغماتية (الذرائعية). وهؤلاء الباحثون هم نفسهم الذين يسيّرون مراكز الأبحاث التي تعمل لتحصيل هذه الإحصاءات من فئات الشعب، وهم نفسهم أيضا الذين يصيغون نتائج الإحصاءات مرة ثانية، لخبرتهم في هذا المجال.

ومن المعلوم للجميع أن حزب العدالة والتنمية هو أكثر حزب يهتم بتلك المؤسسات وتنميتها وإقامة علاقات جيدة معها. فهو يعمل اليوم مع ثلاث مؤسسات إحصاء كبيرة ومختلفة. وحزب العدالة والتنمية وصل إلى سدة الحكم عام 2002 من خلال المعطيات الدقيقة التي كان يأخذها من تلك المؤسسات.

والآن، إذا كانت مؤسسات الإحصاء توحي بتناقص أصوات حزب العدالة والتنمية فإن الكادر لديها سيكون قد غير نتيجتها مسبقا.

وفقد زعماء كثر الانتخابات مثل تورغت أوزال وسليمان دميرال وبولنت أجاويد من قبل، نتيجة تخوفهم من الاستطلاعات الأولية للاحصاءات التي كانت توحي بفشلهم، رغم قوتهم فيها.

وهي نتيجة واجهها حزب الحركة القومية، الذي أصر على ضرورة الذهاب في انتخابات مبكرة عام 2002 أمام حزب العدالة والتنمية، وكان قد أخذ استطلاعات أولية تفيد بتراجع حزب العدالة والتنمية، لكن الأمر كان عكس ذلك وخسر حزب الحركة القومي فيها، ونجح منافسه العدالة والتنمية.

وهكذا نجح حزب المحافظين في بريطانيا، عندما علم أنه لن ينجح بالانتخابات قبل أسبوع واحد فقط، فقام بتغييرات جذرية نجح على إثرها. والناخب غير الراضي عنه، صوّت له في صناديق الاقتراع بعدما كان في حيرة من أمره قبلها.

ويبدو أن أنصار حزب العدالة والتنمية يثقون بحزبهم ومقتنعون بمغالطات الاستبيانات الأولية. وهم يثقون بكتابهم في الصحف أكثر من الاستبيانات تلك، ويراهنون على فوزهم من خلال توقعات وتحليلات الكتاب المناصرين لهم.

(عن صحيفة "خبر تورك"- ترجمة وتحرير: عربي21)