"الفقر".. الشكوى التي تجمع مؤيدي ومعارضي السيسي (فيديو)
القاهرة - الأناضول09-Jun-1512:38 PM
شارك
لم يلزم السيسي نفسه بتقديم كشف حساب بعد مرور عام من حكمه - أ ف ب
يقف أحمد وسط محل البقالة الصغير الذي يملكه، منقّلا بصره بين باب المحل، بانتظار أي مشتر، وبين شاشة التلفاز التي تستعرض إحدى قنواتها المملوكة للدولة تقريرا عن الأوضاع الاقتصادية في البلاد، بدا أن الشاب المصري العشريني لا يستوعب كثيرا من الأرقام الواردة فيه.
أحمد واحد من مؤيدي عبد الفتاح السيسي، لكن سرعان ما شاب هذا التأييد قلق إزاء الحالة الاقتصادية، والتي تؤثر على أوضاعه المعيشية كما يقول للأناضول.
ويستطرد أحمد معلقا على زيارة السيسي الأخيرة لألمانيا: "هذه الزيارة بشرة خير لنا، والرجل (يقصد السيسي) لا يدخر جهدا في الذهاب هنا وهناك وإجبار الدول الأخرى على احترامنا، لكن نرجو أن يخفض الأسعار لأجلنا قليلا".
يتابع أحمد الذي كان يعمل في مجال السياحة، وتركه بعد شهور من ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، ليفتح محل البقالة الصغير الذي ما زال يكافح من أجل كسب عيشه: "انتخبت السيسي، ولا أعرف أن العام مر بهذه السرعة، صحيح أنه نجح في أن يطيح بمحمد مرسي، لكن كنا نتوقع أن يحل كل الأزمات التي عانينا منها قبل الثورة".
وفي تموز/ يوليو 2013، انقلب السيسي -الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع آنذاك- على محمد مرسي، أول رئيس منتخب بعد ثورة 25 كانون الثاني/ يناير.
التقت الأناضول عددا آخر من المصريين، رفضوا الإفصاح عن أسمائهم، إلا أنهم وإن اختلفوا حول تأييد السيسي أو معارضته، أجمعوا في أحاديث منفصلة على أن "تدهور الأوضاع الاقتصادية"، هو الشعور المسيطر عليهم بعد عام من تنصيب السيسي.
طالب مصري قال: "لا أرى أي إنجازات، وكل الوعود كانت مجرد كلام.. ما زال الغلاء مستمرا والدعم تم رفعه.. والمواطن البسيط يُداس أكثر من السابق، ولا يوجد أي فرق.. قد يكون غيري قد شعر بالفرق لكنني كطالب لم أشعر بأي فارق.. الوضع من سيئ لأسوأ".
طالب آخر، في تقييمه للوضع أشار إلى أن "الأمن استطاع أن يحجم من بعض الأشياء، وهو ما جعل الوضع يتحسن إلى حد ما، ليس كبيرا.. وفي الوقت نفسه القمع زاد في المرحلة الأخيرة وأصبح الإخوان هم البعبع (الفزاعة) رغم أنه بهذا المنطق فإن الشعب كله إخوان، لأن حالات القمع باتت كثيرة".
وانتقد أداء وسائل الإعلام قائلا: "عندما غرقت ناقلة تحمل مادة الفوسفات في النيل لم يجرؤ أحد على تناول الموضوع، ولكن لو كان عصير قد وقع في النيل في عهد مرسي كانوا عملوا فضيحة.. أتمنى أن نكيل بنفس المكيال".
شاب ثلاثيني آخر، قال: "الأمور كما هي، الناس كلها تعبانة (متعبة) وتشتكي.. الأغنياء في ازدياد والفقراء يزداد وضعهم سوءا، ونريد أن نشعر بوجود تغيير وأن يستطيع الفقير العيش".
يوافقه الرأي رجل مسن يرتدي جلبابا ريفيا بسيطا، بقوله: "لم يفعل شيئا (يقصد السيسي).. أقول حسبي الله ونعم الوكيل.. لم يفعل أي شيء لصالح الشعب، وإنما يعمل هو ونظامه لصالح أنفسهم.. هذه بلاد للحرامية مش (ليست) للغلابة (البسطاء).. ماذا فعلوا؟ الفرخة (الدجاج) الكيلو بـ25 جنيها (ما يقارب الـ4 دولارات)".
ويتابع مواطن آخر ذات الشكوى: "الأسعار ازدادت.. وهناك غلاء في أسعار الخضار والفاكهة وهي المشكلة الوحيدة لكن الأمن والاستقرار بدأ يتحسن".
عامل مصري، لديه ابنتان، ويشتكي من تردي الأوضاع قائلا: "مازلنا نأكل فول وطعمية، نريد أن نأكل جاتوه مثلهم (يقصد المسؤولين)".
ويصف مواطن آخر الظروف المعيشية الصعبة التي تواجهه بقوله: "أنا كمواطن دخلي متوسط لن أبحث عن أسعار النفط والذهب والوقود، لكن مثلا عندما يبلغ سعر كيلو الطماطم 10 جنيهات (أقل من دولارين) أتأثر به جدا.. والحقيقة أن الأسعار في زيادة مستمرة".
ويلفت مواطن آخر إلى وجود ما أسماه بـ"شماعة النظام"، قائلا: "أصبح هناك شماعة يستطيع النظام أن يعلق عليها أي تجاوز، فأي مخالف له يتهمه بانتمائه لجماعة الإخوان المسلمين"، قبل أن يضيف: "البلد أصبح فيه ظلم وتجاوزات كثيرة".
ورغم أن السيسي، لم يلزم نفسه بتقديم كشف حساب بعد مرور عام من حكمه (8 حزيران/ يونيو الحالي)، غير أن مراقبة أدائه أخذت حيزا أكبر لدى جهات عديد مستقلة وحزبية، وكذلك وسائل الإعلام.
ومن بين هذه الجهات كان موقع "سيسي ميتر" الذي أطلقه نشطاء سياسيون، على غرار الموقع الأمريكي الشهير "أوباميتر" الذي يتابع أداء الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
وخلال عام طرح الموقع تسعة محاور رئيسة في تقييم السيسي وهي: "الأمن والإسكان والسياسة الخارجية والصحة والطاقة والمرور والمحليات والعدالة الاجتماعية والتعليم". وهي محاور حصلت ستة منها على "أداء ضعيف" بنسبة تجاوزت الـ80%، فيما عدا "الأمن والسياسة الخارجية والتعليم".
ويرى مختار غباشي، نائب رئيس "المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية" (مركز مستقل) أن "أكبر إنجاز حققه السيسي كان على صعيد السياسة الخارجية، التي بدت أكثر تقدما ووضوحا في الرؤية من الداخلية، ويتجلى ذلك في علاقته مع الدول الخليجية التي قدمت يد العون اقتصاديا لمصر، أو القارة الأفريقية وفي مقدمتها السودان وأثيوبيا لحل مشكلة سد النهضة، أو حتى إقامة علاقات متوازنة مع روسيا في ظل علاقة لم تكن بكامل حيويتها مع الولايات المتحدة في بدايات توليه الحكم".
ويضيف غباشي في تصريحاته لمراسلة الأناضول: "حتى في اختياره مؤخرا لزيارة ألمانيا، كان ذكيا، لأنها تسبق نهاية حكمه الأول، ليتوج بذلك أن الدول الغربية تعترف بشرعيته، بغض النظر عن الانتقادات الحقوقية التي ما زال يعاني من مواجهتها، وتقف له كعقبة واضحة في تغيير خلفيات الغرب عن حكمه، ولا سيما الاتحاد الأوروبي".
يستدرك غباشي بأن "هذا النجاح لم يظهر انعكاساته على الداخل بشكل صريح، وهذه مشكلة كبيرة، فلم يستشعر المواطن المصري تلك الانعاكسات على أوضاعه المعيشية، حتى مع محاولات بذل جهود اقتصادية في مقدمتها المؤتمر الاقتصادي في آذار/ مارس الماضي، أو مع ترتيبات مثل تنظيم مؤتمر دافوس القادم في القاهرة (2016)".
ويضيف أن "هناك إخفاقا متمثلا في عدد من الملفات؛ في مقدمتها حالة الاستقطاب السياسي وإقصاء لاعب سياسي هام من المشهد، وهو جماعة الإخوان المسلمين، إلى جانب المشكلات الحياتية التي تتنوع بين ارتفاع معدل البطالة والفوضى المرورية وتنامي المساكن العشوائية، وضبط العلاقة بين الحدين الأدنى والأقصى من الأجور".
ويحدد غباشي عنصرا اعتبره بمثابة "إخفاق واضح"، وهو "تعطيل الانتخابات البرلمانية"، والتي كانت أحد استحقاقات "خارطة الطريق" التي أعلنها اليسسي عقب عزل مرسي، مضيفا أنه "حتى لو كان هناك وعد بإتمام هذا الاستحقاق قبل نهاية العام الجاري، فإنه مازال معطلا، بالإضافة إلى أن ذلك يتزامن مع حياة سياسية ضعيفة، لا يوجد فيها تمثيل قوي لأحزاب، وهناك تيار بكامل فئاته خارج اللعبة السياسية"، في إشارة إلى جماعة الإخوان.