يقف الجنرال السابق وقائد الجيش، الذي أصبح رئيسا لمصر، عبد الفتاح
السيسي، بعد عام من وصوله إلى الحكم، متهما من منظمات حقوق الإنسان، بملاحقة المعارضة وسجن وتعذيب من يقف في وجهه، وزيادة نسبية في عدد المفقودين.
وتقول لويز لفلاك في تقرير أعدته لصحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية: "بدت إسراء الطويل (23 عاما) في حالة من القنوط وهي تجلس متربعة محاطة بصور الأصدقاء الذين قتلوا أو سجنوا، وتقول: (لقد دفعنا ثمنا غاليا في هذه المعركة)، وتضيف: (لست متأكدة إن كانت تستحق)، وتعمل إسراء مصورة صحافية، وكانت حاضرة في التظاهرات التي نظمت لدعم الرئيس السابق محمد
مرسي كلها، وفي أثناء مشاركتها في إحداها في كانون الثاني/ يناير ارتدت طلقة وأصابت عمودها الفقري، مخلفة إياها بعاهة، تركتها لا تستطيع المشي اليوم دون عكازة، وأجبرتها على التأمل بما جرى".
وينقل التقرير عن الطويل قولها: "لا علاقة لي بالسياسة هذه الأيام، فقد اكتفيت منها"، وعلى ما يبدو أن ذلك لم يكن باختيارها. ففي الأول من حزيران/ يونيو انضمت إلى صفوف المعارضة التي اختفت من مشهد القاهرة. وبحلول عام على تولي السيسي للسلطة، تتهم منظمات حقوق الإنسان إدارته بتصعيد القمع ضد المعارضين له بذريعة "الحرب على الإرهاب"، مجبرا الصحافيين والناشطين والإخوان المسلمين على "الاختفاء من المشهد". فقد منع السيسي التظاهرات، وجرم من ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، وحتى أن حركة 6 إبريل، التي ساهمت في ثورة 2011 صنفت على أنها منظمة إرهابية.
وتذكر الصحيفة أن إسراء تعد واحدة من 66 شخصا اختفوا من المشهد دون ترك أثر، مع أن المراقبين يعتقدون أن العدد أكبر من ذلك، وأن هناك حالات اختفاء لم يتم الكشف عنها. ويقول صديق لإسراء: "العدد أكبر مما نعرفه"، وأضاف: "نعرف فقط عن حالات تستخدم فيها عائلاتهم وسائل التواصل الاجتماعي، فماذا عن الذين لا يشاركون؟".
وتشير لفلاك إلى أنه بحسب الأرقام التي جمعتها منظمة "الحرية للجدعان"، وهي منظمة مكونة من محامين متطوعين، فإن غالبية حالات الاختفاء حدثت في القاهرة. ووثقت المنظمة عشرات حالات الاعتقال العشوائي في الفترة التي حرم فيها المعتقلون من الاتصال بالمحامين أو بعائلاتهم.
ويلفت التقرير إلى أنه بوجود عشرات الآلاف من المعتقلين منذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في تموز/ يوليو 2013، فإن العاملين في المنظمات غير الحكومية يقولون إن ملاحقة الأعداد وتوثيق الحالات مثل محاولة عد حبات الرمل.
وتنقل الصحيفة عن عضو مجلس حقوق الإنسان في
مصر نصر أمين، قوله: "إن الأرقام مرعبة"، وقد أوصى المجلس بضرورة قيام حكومة السيسي ببناء سجون جديدة لاستيعاب العدد المتزايد من نزلاء السجون.
وتورد الكاتبة أن أكثر من سجين قد مات في سجون مصر القذرة والمزدحمة بالنزلاء. ومعظمهم فقد حياته بسبب المشكلات الصحية، التي ازدادت لعدم توفير العناية الصحية لهم، فيما مات آخرون تحت التعذيب.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأنه في ليلة اختفاء إسراء كانت تخطط لأن تشتري طعاما مكسيكيا هي وصديقين، هما صهيب محمد وعامر محمد، وكلاهما من مؤيدي مرسي، ويقولان الآن إن أيامهما السياسية أصبحت من الماضي.
وتنوه الصحيفة إلى أن مصادر في داخل الأجهزة الأمنية أكدت لعائلات المختفين أنهم في السجون. ولا يعرف مكان إسراء إلى اليوم، وقد رفضت وزارة الداخلية المصرية تقديم معلومات عن مكان اختفائها.
ويقول والد صهيب، سعد محمد: "لا نستطيع العثور عن أي أنباء حول الظروف التي أدت إلى الاختفاء، وبحثنا في كل مراكز الشرطة، وقدمنا شكوى إلى النائب العام"، بحسب الصحيفة.
وتبين لفلاك أنه في حبكة درامية أصدر النائب العام أمرا بالقبض على صهيب، مع أن الشرطة تقول إنه رهن الاعتقال. ويواجه صهيب (22 عاما) مع عدد من الطلبة إعادة محاكمة مع صحافيي الجزيرة الثلاثة، الذين اعتقلوا في كانون الأول/ ديسمبر 2013. وعندما لم يحضر الشاب إلى المحكمة الأسبوع الماضي، قال القاضي إنه سيصدر أمرا باعتقاله لو فشل في حضور الجلسة القادمة.
وينقل التقرير عن المحامين قولهم إنه لا توجد نهاية واضحة للذين اختفوا داخل سجون الدولة، وقد ينتهي بعضهم في السجون السرية، مثل السجن العسكري سيئ السمعة "العزولي" في مدينة الإسماعيلية شرق القاهرة. ويقول عبد الرحمن جاد الذي يعمل في المفوضية المصرية للحقوق والحريات إن عددا من موكليه يظهرون بعد فترة من التعذيب الرهيب.
وتشير الصحيفة إلى أنه كشف يوم السبت عن ثلاثة رجال اختفوا منذ شهر نيسان/ إبريل الماضي، وسيواجهون محكمة عسكرية بتهم الإرهاب، كما أظهرت اعترافات المصور الصحافي إسلام جمعة والطالبين أحمد صابر لبيب ومحمود عبد العزيز المرشدي، التي بثت على التلفزيون. وظهر الثلاثة في حالة من الإعياء والذهول، وظهرت على أعينهم آثار الضرب.
ويورد التقرير أن منظمة "هيومان رايتس ووتش" اتهمت السيسي وحكومته في تقرير لها، بـ"الاعتداء الصارخ" على حقوق الإنسان. واتهمت حكومته بغياب المحاسبة وقتل المتظاهرين والاعتقالات الجماعية، وتقديم المدنيين أمام محاكم عسكرية.
وتختم "ديلي تلعراف" تقريرها بالإشارة إلى أنه بحسب نائب مدير مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جوي ستوك فإن "حكومة السيسي، التي تقدم نفسها على أنها تحاول إعادة الاستقرار إلى مصر، تستخدم القمع بطريقة لم تر منذ عقود، والعلاج الذي تقدمه هو قتل المريض".