حركة نشطة لآليات "كتائب
القسام" على امتداد حدود قطاع
غزة الشرقية، بدأت بعد الحرب الأخيرة على القطاع، في مشهد بات يؤكد، بحسب خبير أمني، أن "كتائب القسام" شرعت في "تبني استراتيجية جديدة" في تعاملها مع الاحتلال الذي لا يفصل جيشه عن جنود المقاومة سوى مسافة قصيرة، كل منهم يترقب ويراقب عن كثب ما يقوم به الطرف الآخر.
كرّ وفرّ
وباشرت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "
حماس"، في منتصف أيار/ مايو الماضي بشق طريق محاذ للحدود الشرقية للقطاع مع أراضي 1948؛ يمتد من مدينة رفح جنوبا وحتى بيت حانون شمالا، ويبتعد عن الحدود قرابة 250 مترا، كما أن الكتائب أقامت موقع "
فلسطين" العسكري المتاخم للحدود شمال القطاع، وأنشأت أبراجا للمراقبة، فيما تقوم بتسيير دوريات على الحدود.
في غضون ذلك، أكد الخبير في الأمن القومي إبراهيم حبيب، أن "استراتيجية كتائب القسام الجديدة في تعاملها مع الاحتلال
الإسرائيلي عنوانها "اليوم نغزوهم"، موضحا أن "المواجهة لم تعد فقط قضية كر وفر، وإنما انتقلت لحالة من التحدي والند بالند"، بحسب تقديره.
وبين حبيب لـ"
عربي21" أن "القرار الجريء الذي اتخذته الكتائب بتعبيد طريق جديد على طول السياج الفاصل مع الاحتلال؛ يعكس حالة الثقة العالية التي باتت تتمتع بها كتائب القسام، وحالة الرعب التي باتت تُخيّم على الاحتلال الإسرائيلي".
وكشف حبيب أن الاحتلال "حاول منع تنفيذ هذا الطريق إلا أن القسام رد عليه بإطلاق النار، ما جعل الاحتلال الإسرائيلي يدرك تماما أن منع القسام من بناء هذا الطريق يعني اندلاع مواجهة جديدة مع قطاع غزة"، مشيرا إلى أن "إسرائيل ليست جاهزة في هذه المرحلة لأي مواجهة، لأن جبهتها الداخلية لا تزال تعاني من آثار العدوان الأخير على غزة".
ملامح جديدة
ويرى خبير الأمن القومي أن الطريق الذي تعبده كتائب القسام على طول الحدود الشرقية مع الاحتلال عمل على "نقل المنطقة العازلة التي حاول الاحتلال فرضها داخل حدود قطاع غزة كما درجت العادة، إلى أن أصبحت المنطقة العازلة داخل أراضينا المحتلة عام 1948 (داخل السياج الحدودي)".
وأضاف: "هذا الطريق يؤشر إلى أنه في مرحلة لاحقة قد يكون بوابة للانقضاض والهجوم على الداخل الفلسطيني المحتل، في حال وقوع أي مواجهة قادمة مع الاحتلال".
ويعتقد حبيب أن "أي انجاز لاتفاق سياسي أو هدنة لا بد أن يمر عبر بوابة حماس وليس بوابة السلطة الفلسطينية، كما كان دارجا في المرحلة السابقة، أو حركة فتح"، مرجعا ذلك إلى أن كتائب القسام هي من "يمتلك القوة الميدانية على الأرض، وتستطيع فرض إرادتها على كل الأطراف".
وتابع: "وهذا ما يدفع بالوفود الدبلوماسية الغربية التي تتقاطر على غزة لزيارة المكتب السياسي لحماس، وتقديم مقترحات في محاولة منها لرسم ملامح جديدة للوصول إلى هدنة طويلة الأمد مع الاحتلال الإسرائيلي".
من جانبه، كشف الخبير في الشأن الصهيوني نظير مجلي، أن "هناك قبولا بأمر واقع في غزة من قبل قيادة الحكومة الإسرائيلية وبضغط من الجيش الإسرائيلي"، موضحا أن "لدى الاحتلال الاستعداد للذهاب لهدنة طويلة مع حركة حماس المسيطرة على قطاع غزة"، وفق قوله.
الصمت الإسرائيلي
ويرى مجلي لـ"
عربي21"، أن "الصمت الإسرائيلي عن النشاط العسكري الداخلي لكتائب القسام يأتي في إطار ضمان استقرار الأوضاع داخل قطاع غزة، بحيث لا يتمكن أحد من إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل"، منوها إلى أن من "يقود هذا التوجه لدى الاحتلال هو رئيس الإدارة المدنية يوآف مردخاي؛ الذي عمل على إقناع القيادات السياسية والعسكرية بوجود مصلحة مشتركة في هذا التوجه".
وبناء على ما سبق، فإن مجلي يعتقد أن "موقف الاحتلال تجاه حركة حماس لم يتغير وكذلك العكس"، مؤكدا أن كل طرف "يعمل ضمن تكتيك طبيعي يضمن له مصالحه؛ فالاحتلال إذا قُصف سيرد، وإذا قصف سيتلقى ردا".
وأوضح الخبير في الشأن الصهيوني أن هناك "العديد من المنعطفات والمصالح التي تفيد بأن لا أحد لديه مصلحة للذهاب الى قلب الأوضاع"، مستدركا بأن "الحروب تتدحرج أحيانا لأسباب منطقية وغير منطقية؛ فشرارة صغيرة تحدث حريقا هائلا".
وذكر موقع "والا" العبري في 12 حزيران/ يونيو الجاري؛ أن كتائب القسام توعدت أنه في حال قصف الاحتلال الإسرائيلي أي موقع في قطاع غزة، فسيتم "تغيير قواعد الاشتباك والرد على هذه الغارات"، وذلك عقب قصف طائرات الاحتلال مطلع الشهر عدة مواقع تابعة للقسام في مناطق متفرقة في قطاع غزة.