خطرت لي مقارنة قد لا تكون عادلة بعض الشيء لدى بعض المتابعين للشأن التونسي، بين وزير الخارجية الطيب البكوش السابح في ملكوت التصريحات العشوائية، وبين مدير هيئة الإعلام بالحكومة المؤقتة التابعة لمجلس النواب الليبي عمر القويري.
فكلاهما لديه قدرة غير مسبوقة في عالم السياسة على إطلاق التصريحات غير المسؤولة أو المدروسة، ومكمن التشابه بين الحالتين هو إطلاق الكلام على طريقة ردود أفعال معارك الشارع العادية القائمة على الانفعالات العصبية، حتى أن بعض الناس يتندرون على ما يهرفان به.
بالتأكيد لا يوجد عاقل في ليبيا يساند عمليا وشعوريا خطف دبلوماسيين تونسيين مقابل الإفراج عن ليبي محتجز لدى السلطات التونسية، لم تفصح الحكومة التونسية حتى اللحظة عن أسباب اعتقاله.
أيضا بالتأكيد يرفض عقلاء تونس من كل التيارات السياسية التصريحات غير المسؤولة لوزير الخارجية، والإجراءات التي أعلن عنها البكوش، كإغلاق القنصلية التونسية بطرابلس، أو دعوته للعمالة التونسية بالعودة إلى بلادهم.
وكذلك نشعر ونلمس رفض عقلاء تونس للبرامج المتلفزة في بعض وسائل الإعلام التي تقتات على فتات المراهقة السياسية للسيد البكوش، والتي تصور الشعب الليبي كشعب متطرف وإرهابي، في الوقت الذي تصدر فيها الخضراء قوافل القتلة والإرهابيين لليبيا، ينفذون عمليات إرهابية ضد الليبيين في درنة وبنغازي ومصراتة وسرت وطرابلس.
أيضا يعي العقلاء من كلا الشعبين أن حكومة الصيد "الندائية" تصدر مشاكلها وفشلها وعجزها إلى ليبيا باعتبارنا الحلقة الضعف في منظومة جوار تونس، فالحكومة التونسية تتغاضى رغم تماسك أجهزتها الأمنية والاستخباراتية والعسكرية، إن لم تكن تتعاون بالتسهيل لمئات التونسيين الذين يتركون بلادهم آمنة مطمئنة، ويأتون إلى ليبيا طالبين جنة عرضها السموات والأرض بقتل أبنائنا وسفك دماءهم.
لا أحد في ليبيا يستطيع أن ينكر دور تونس في مساندة الشعب الليبي إبان ثورة شباط/ فبراير، والمساعدات التي قدمتها حكومة وشعبا لليبيين، بل واستمرار هذه المساعدات باستقبال ليبيين على أراضيها من شتى التوجهات السياسية المختلفة.
لكن الأسلوب والنهج الذي تتخذه حكومة النداء التونسية في معالجتها للأزمات الطارئة، لا تنم عن وعي أولا، وقدرة ثانيا على إدارة الأزمة.
إذ يجب أن تعترف حكومة النداء بأن جزءا ليس باليسير من اقتصادها خاصة في المناطق الحدودية يعتمد بشكل رئيس على علاقاتها المتبادلة بين البلدين.
فعندما طالب وزير الخارجية البكوش من العمالة التونسية في ليبيا العودة إلى تونس، هل فكر في البدائل التي سيقدمها لتلك العمالة الراجعة إلى بلدها؟ وهل فكر في الخسائر التي سيتكبدها الاقتصاد التونسي المترهل والراكد؟ أم هي العنتريات العربية الجوفاء فقط! التي تذكرنا بعهد عبد الناصر الذي توعد برمي دولة الاحتلال الإسرائيلي في البحر، فرمت إسرائيل الزعامات العربية في منافي عالم الشهادة.
لا أظن أن أزمة طارئة كتلك التي تمر بها العلاقات الليبية التونسية تستدعي التضحية بمجمل ما بينهما من أواصر ومصالح مشتركة. على الأقل فلتغلب لغة المصالح والاقتصاد في هذه المرحلة، التي نحتاج فيها إلى تنسيق مشترك على مستويات أمنية وعسكرية وسياسية واقتصادية.
بالتأكيد بلدنا ضعيف وهش ولديه من المشاكل التي نعترف بها، ويعترف بها العالم معنا، لكن على المستوى الشعوري والنفسي لن نقبل من وزير خارجية حكومة هي الأخرى فاشلة على الأصعدة كافة، ليس أقلها اللياقة الدبلوماسية وذاكرة رئيس الدولة المهتزة.
إن تصوير ليبيا في برنامج تليفزيوني - متأكدون أن منتجوه ومنفذوه من خريجي معهد صحافة بن علي- على أساس أنه إرهابي ومتطرف، فيه من الاختزال والتسطيح ما فيه حد الاشمئزاز.
ملايين الصحفيين حول العالم لديهم المهارة الكافية للإجابة عن أسئلة الخبر الصحفي الخمس أو الست، والقدرة على كتابة وإنتاج وإخراج التقارير الصحفية. لكن قلة من هذه الجموع التي تتمثل قيم الحرية والإيمان بها بل والموت في سبيلها.
ومئات آلاف الأشخاص من ذوي الياقات البيضاء وربطات العنق الملونة والمزركشة تولوا مناصب هامة في دولة من حيث التسمية والدرجة والمرتب والامتيازات، لكن القلة من هؤلاء يمكن تسميتهم بالسياسيين، أو قل العقلاء.
فكلاهما لديه قدرة غير مسبوقة في عالم السياسة على إطلاق التصريحات غير المسؤولة أو المدروسة، ومكمن التشابه بين الحالتين هو إطلاق الكلام على طريقة ردود أفعال معارك الشارع العادية القائمة على الانفعالات العصبية، حتى أن بعض الناس يتندرون على ما يهرفان به.
بالتأكيد لا يوجد عاقل في ليبيا يساند عمليا وشعوريا خطف دبلوماسيين تونسيين مقابل الإفراج عن ليبي محتجز لدى السلطات التونسية، لم تفصح الحكومة التونسية حتى اللحظة عن أسباب اعتقاله.
أيضا بالتأكيد يرفض عقلاء تونس من كل التيارات السياسية التصريحات غير المسؤولة لوزير الخارجية، والإجراءات التي أعلن عنها البكوش، كإغلاق القنصلية التونسية بطرابلس، أو دعوته للعمالة التونسية بالعودة إلى بلادهم.
وكذلك نشعر ونلمس رفض عقلاء تونس للبرامج المتلفزة في بعض وسائل الإعلام التي تقتات على فتات المراهقة السياسية للسيد البكوش، والتي تصور الشعب الليبي كشعب متطرف وإرهابي، في الوقت الذي تصدر فيها الخضراء قوافل القتلة والإرهابيين لليبيا، ينفذون عمليات إرهابية ضد الليبيين في درنة وبنغازي ومصراتة وسرت وطرابلس.
أيضا يعي العقلاء من كلا الشعبين أن حكومة الصيد "الندائية" تصدر مشاكلها وفشلها وعجزها إلى ليبيا باعتبارنا الحلقة الضعف في منظومة جوار تونس، فالحكومة التونسية تتغاضى رغم تماسك أجهزتها الأمنية والاستخباراتية والعسكرية، إن لم تكن تتعاون بالتسهيل لمئات التونسيين الذين يتركون بلادهم آمنة مطمئنة، ويأتون إلى ليبيا طالبين جنة عرضها السموات والأرض بقتل أبنائنا وسفك دماءهم.
لا أحد في ليبيا يستطيع أن ينكر دور تونس في مساندة الشعب الليبي إبان ثورة شباط/ فبراير، والمساعدات التي قدمتها حكومة وشعبا لليبيين، بل واستمرار هذه المساعدات باستقبال ليبيين على أراضيها من شتى التوجهات السياسية المختلفة.
لكن الأسلوب والنهج الذي تتخذه حكومة النداء التونسية في معالجتها للأزمات الطارئة، لا تنم عن وعي أولا، وقدرة ثانيا على إدارة الأزمة.
إذ يجب أن تعترف حكومة النداء بأن جزءا ليس باليسير من اقتصادها خاصة في المناطق الحدودية يعتمد بشكل رئيس على علاقاتها المتبادلة بين البلدين.
فعندما طالب وزير الخارجية البكوش من العمالة التونسية في ليبيا العودة إلى تونس، هل فكر في البدائل التي سيقدمها لتلك العمالة الراجعة إلى بلدها؟ وهل فكر في الخسائر التي سيتكبدها الاقتصاد التونسي المترهل والراكد؟ أم هي العنتريات العربية الجوفاء فقط! التي تذكرنا بعهد عبد الناصر الذي توعد برمي دولة الاحتلال الإسرائيلي في البحر، فرمت إسرائيل الزعامات العربية في منافي عالم الشهادة.
لا أظن أن أزمة طارئة كتلك التي تمر بها العلاقات الليبية التونسية تستدعي التضحية بمجمل ما بينهما من أواصر ومصالح مشتركة. على الأقل فلتغلب لغة المصالح والاقتصاد في هذه المرحلة، التي نحتاج فيها إلى تنسيق مشترك على مستويات أمنية وعسكرية وسياسية واقتصادية.
بالتأكيد بلدنا ضعيف وهش ولديه من المشاكل التي نعترف بها، ويعترف بها العالم معنا، لكن على المستوى الشعوري والنفسي لن نقبل من وزير خارجية حكومة هي الأخرى فاشلة على الأصعدة كافة، ليس أقلها اللياقة الدبلوماسية وذاكرة رئيس الدولة المهتزة.
إن تصوير ليبيا في برنامج تليفزيوني - متأكدون أن منتجوه ومنفذوه من خريجي معهد صحافة بن علي- على أساس أنه إرهابي ومتطرف، فيه من الاختزال والتسطيح ما فيه حد الاشمئزاز.
ملايين الصحفيين حول العالم لديهم المهارة الكافية للإجابة عن أسئلة الخبر الصحفي الخمس أو الست، والقدرة على كتابة وإنتاج وإخراج التقارير الصحفية. لكن قلة من هذه الجموع التي تتمثل قيم الحرية والإيمان بها بل والموت في سبيلها.
ومئات آلاف الأشخاص من ذوي الياقات البيضاء وربطات العنق الملونة والمزركشة تولوا مناصب هامة في دولة من حيث التسمية والدرجة والمرتب والامتيازات، لكن القلة من هؤلاء يمكن تسميتهم بالسياسيين، أو قل العقلاء.
شارك
المزيد من هذا الكاتب
