قالت صحيفة "الغارديان" إن التعليمات التي أصدرتها الحكومة
المصرية تمنع بموجبها الصحافيين نشر معلومات غير حكومية تتعلق بالإرهاب، اعتبرتها المنظمات الدولية هجوما شرسا على
الحريات وحقوق الإنسان.
وكتب باتريك كينغزلي ومانو عبده من القاهرة تقريرا عن القانون الجديد، الذي صدر بعد اجتماع للحكومة يوم السبت، حيث يجرم القانون نشر أرقام تتعلق بالهجمات
الإرهابية غير الأرقام التي تصدرها الحكومة.
ويشير التقرير إلى أنه بموجب بند في قانون الإرهاب الجديد، الذي قدم للرئيس للمصادقة عليه، فإن الصحافيين يواجهون عقوبة السجن لمدة عامين، إن نشروا أرقاما تناقض الأرقام التي تقدمها مؤسسات الدولة، أو البيانات التي يصدرها الجيش.
وتبين الصحيفة أن القانون الجديد يحرم على الإصدارات الدولية "نشر أخبار أو بيانات حول العمليات الإرهابية، تناقض البيانات الصادرة عن السلطات المعنية".
ويذكر الكاتبان أن هذا التحرك جاء للحد من حرية الصحافة الدولية، بعد الهجوم القاتل، الذي نفذه جهاديون في سيناء ضد مواقع في الجيش المصري، حيث سيطروا على بلدة الشيخ زويد لمدة قصيرة، قبل أن يضطروا للانسحاب منها. وقد رفض الجيش المصري الأرقام التي انتشرت حول أعداد القتلى، ونفى أن يكون قد خسر أكثر من 17 جنديا، وانتقد الصحف الدولية التي نشرت أرقاما أعلى من هذا الرقم.
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن المسؤولين بنوا على هذا النقد بإصدار قانون جديد ونص طويل جدا يوسع العقوبات ضد الجرائم الأخرى المتعلقة بالإرهاب.
وتنقل الصحيفة عن مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان، ومقرها القاهرة، جمال عيد، شجبه للقانون المقترح، وقد قارنه بأفعال النازية. وقال: "نواجه بندا يدفع
الإعلام باتجاه إعلام غوبلز (أي إعلام برأي واحد)". وأضاف أن القانون هو "ضد حرية الصحافة الناقدة والمهنية".
ويورد الكاتبان أن وزير العدل أحمد الزند قال لوكالة الأنباء الفرنسية: "لم يكن هناك أي خيار أمامنا سوى فرض بعض المعايير؛ لأن الحكومة عليها واجب حماية مواطنيها من المعلومات الكاذبة، وآمل ألا يفسر أحد هذا القانون على أنه تقييد لحرية الإعلام، إنه عن الأرقام فقط".
ويفيد التقرير بأن هذا القانون يعد الأخير في سلسلة المواجهات بين الدولة السلطوية وما تبقى من منظمات المجتمع المدني المستقلة. فمنذ إطاحة الجيش بالرئيس محمد مرسي من الرئاسة قبل عامين، استخدمت الحكومة ذريعة مواجهة موجات التشدد، التي قتل فيها مئات من رجال الشرطة والجيش، بالإضافة إلى إصدار سلسلة من القيود التي يقول خبراء القانون إنها الاكثر تشددا منذ الخمسينيات من القرن الماضي.
وتشير الصحيفة إلى أن الشرطة قد اعتقلت الآلاف من المعارضة الإسلامية، وقتلت أكثر من ألف متظاهر، وحدت من نشاطات الجمعيات غير الحكومية والأحزاب السياسية.
ويقول الكاتبان إن
السيسي قد وعد الأسبوع الماضي بتحديد حقوق السجناء في تقديم استئناف على الأحكام الصادرة ضدهم، وذلك بعد اغتيال النائب العام الأسبوع الماضي. ويجدان أنه تعهد قدم على أنه محاولة صادقة لتسريع عقوبة االإرهابيين، ولكن منظمات حقوق الإنسان والمدافعين عنها يرون فيه محاولة غير مباشرة للحد من الحقوق الأساسية للإنسان.
ويستدرك التقرير بأنه مع انتشار المشاعر الوطنية في أجزاء واسعة من الدولة المصرية، فإن قطاعا كبيرا من الإعلام الخاص والدولة قد دعموا الحكومة، فيما تم استهداف الصحافيين الذي تجرأوا وانتقدوا الحكومة. مشيرا إلى أن هناك اليوم 18 صحافيا في السجون المصرية، وذلك بحسب أرقام لجنة حماية الصحافيين.
وتوضح الصحيفة أنه في الوقت الذي أفرجت فيه السلطات عن صحافيي الجزيرة، إلا أنهم لا يزالون يحاكمون. وفي الشهر الماضي هرب صحافي يعمل لصالح الصحيفة الإسبانية في القاهرة "البايس"، بعد أن حذره دبلوماسي إسباني من الاعتقال.
وينوه الكاتبان إلى أنه منذ وصول السيسي إلى السلطة، انتقد مسؤولو حكومته الإعلام الإجنبي؛ لأنه ينشر تقارير تناقض روايتهم.
ويورد التقرير أنه في آخر الأمثلة، انتقدت وزارة الخارجية الصحافيين بشأن استخدامهم مصطلحات تصف
تنظيم الدولة الإسلامية، مقترحة أسماء بديلة مثل "الذابحين والحشاشين والمدمرين والقتلة والمجرمين". ودعت إلى تجنب استخدام "الجهاديين وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام والدولة الإسلامية والإسلاميين".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن دار الإفتاء المصرية قامت بإعداد قائمة من الفتاوى في شباط/ فبراير هذا العام، ولم توزعها الحكومة في مذكرة نصيحة للصحافة الأجنبية، إلا يوم الأحد. وخلافا لقانون الإرهاب فإن المذكرة لا تحمل أي صفة قانونية.