لوّح صحفيون أردنيون بالتصعيد وتنفيذ سلسلة فعاليات، احتجاجا على توقيف مدعي عام محكمة أمن الدولة لصحفي يعمل في صحيفة الرأي اليومية (حكومية) "لعدم التزامه بقرار منع النشر في قضية المخطط الإرهابي الإيراني ضد الأردن، الذي أعلنت عنه الأردن مؤخرا".
وأفضى اجتماع عُقد في مقر صحيفة الرأي، مساء الأربعاء، لصحفيين أردنيين بحضور نقابة الصحفيين ومركز حماية حرية الصحفيين "إمهال نقابة الصحفيين إلى ظهر الخميس للتواصل مع السلطات، والإفراج عن الصحفي
غازي المرايات".
وقال الصحفي الأردني، راكان السعايدة، لـ"عربي21" إنه في حال عدم تلقي النقابة ردا إيجابيا من السلطات الأردنية سيبدأ الصحفيون بخطوات تصعيدية، وسينفذون وقفات احتجاجية أمام صحيفة الرأي ومحكمة أمن الدولة، ليصار إلى تصعيد الاحتجاجات مع بداية الأسبوع المقبل.
و دعا السعايدة جميع الصحفيين الأردنيين للتضامن مع الصحفي المسجون، رفضا لتوقيف الصحفيين في قضايا المطبوعات والنشر، واستمرار إحالة الصحفيين إلى محكمة أمن الدولة العسكرية.
ويأتي توقيف الصحفي الأردني، غازي المرايات، بعد يوم من نشر صحيفة الرأي لائحة الادعاء بحق متهم عراقي الجنسية، قالت السلطات الأردنية إنها ألقت القبض عليه في نيسان/ أبريل الماضي، بعد أن أفشلت مؤخرا مخططا لشخص يتبع لفيلق القدس الإيراني، وبحوزته كمية كبيرة من المواد شديدة الانفجار، كانت مخبأة في منطقة شمال المملكة.
مطالب بالإفراج الفوري
من جهته، اعتبر نقيب الصحفيين الأردنيين، رئيس تحرير صحيفة الرأي طارق المومني، إيقاف الصحفي المرايات "انتهاكا لحرية الصحافة، وحق الجمهور في المعرفة والاطلاع".
ورفض المومني لـ"عربي21" محاكمة الصحفيين في قضايا المطبوعات والنشر أمام محكمة أمن الدولة، مطالبا السلطات الأردنية "بسرعة إطلاق سراح الصحفي المرايات".
وقال نقيب الصحفيين إن "صحيفة الرأي لم تتلق أي تعميم مكتوب من المدعي العام يقضي بمنع النشر حول قضية مخطط
فيلق القدس الإيراني".
تراجع الحريات الإعلامية في الأردن
ويتزامن سجن الصحفيين في الأردن مع إعلان مركز حماية وحرية الصحفيين عن تقرير حول واقع الحريات الصحفية، ينتقد فيه تراجع حرية الإعلام والرأي في الأردن.
وبين التقرير الذي جاء تحت عنوان "طريق مسدود"، أن الغالبية العظمى من الإعلاميين لا ترى تقدما في الحريات الإعلامية، ومن يرونها تراجعت بشكل كبير بلغت نسبتهم 19.7 بالمئة، في حين لم تتجاوز نسبة من يرونها قد تقدمت بشكل كبير 3.2 بالمئة.
واعتبر الرئيس التنفيذي لمركز لحماية وحرية الصحفيين، نضال منصور، في حديث لـ"عربي21" أن "الوعود الحكومية الأردنية بالتوقف عن إحالة الصحفيين إلى محكمة أمن الدولة تذهب أدراج الرياح، بعد تكرار محاكمة الصحفيين أمام أمن الدولة مؤخرا".
واعتبر أن توقيف المرايات لا ينسجم مع المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتحديدا حين نصت في فقرتها الثانية على أن: "لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار، وتلقيها ونقلها إلى آخرين، دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع، أو في قالب فني، أو بأي وسيلة أخرى يختارها".
وقال منصور إن "تعميمات منع النشر التي صدرت مؤخرا فرضت قيودا على حرية الإعلام، وعززت الرقابة الذاتية لدى الصحفيين الأردنيين، الذين باتوا يخشون من النشر".
وبينت نتائج تقرير المركز أن ما نسبته 95.2 بالمئة من الصحفيين الأردنيين المستطلعين يمارسون الرقابة الذاتية على أنفسهم، في صعود كبير بمعدلات هذه الظاهرة التي تراجعت عام 2012 إلى 85.8 بالمئة، وعاودت الصعود عام 2013، لتصل إلى 91 بالمئة.
تعميمات تحظر النشر
وأصدرت السلطات القضائية الأردنية مؤخرا مجموعة تعميمات تحظر النشر في قضايا تتعلق بالقوات المسلحة والأمن العام وقضايا اجتماعية، تعميمات لا يراها الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين أنها ترتقي للقانون، وتفرض رقابة مسبقة على النشر.
ومن هذه التعميمات، حظر النائب العام نشر أي صور أو أخبار يبثها تنظيم الدولة تسيء للطيار معاذ الكساسبة، وحظر نشر أي تحليلات عسكرية تخص القوات المسلحة الأردنية بهذا الشأن، وذلك تحت طائلة المسؤولية.
وسبق ذلك تعميم آخر قبيل مشاركة الأردن قوات التحالف في قصف مواقع تنظيم الدولة، أرسلته دائرة المطبوعات والنشر إلى مالكي ورؤساء تحرير المواقع الإلكترونية الإخبارية، وتضمن الكتاب منع نشر أخبار القوات المسلحة إلا بطلب مباشر من المصادر المسؤولة.
حبس المرايات ليست سابقة
ولم تكن حادثة الصحفي المرايات هي الأولى من نوعها، إذ حوكم عشرات الصحفيين الأردنيين أمام محكمة أمن الدولة في قضايا تتعلق بالنشر، بتهم مختلفة، كان آخرها سجن رئيس تحرير موقع "سرايا نيوز" هاشم الخالدي، والمحرر المسؤول سيف عبيدات، 14 يوما على ذمة التحقيق، لتجدد فيما بعد، ويفرج عنهم بكفالة مالية، بعد كسرهم لتعميم من مدعي عام أمن الدولة يمنع فيه نشر الأخبار الصادرة عن تنظيم الدولة في قضية مقتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة.
ولجأ مدعي عام محكمة أمن الدولة لمحاكمة الصحفيين بناء على قانون منع الإرهاب المثير للجدل، ووجه تهما للصحفيين تتعلق باستخدام وسائل إعلامية للترويج لأفكار جماعة إرهابية، والقيام بأعمال من شأنها تعريض سلامة الأردنيين لخطر أعمال عدائية وانتقامية، خلافا لأحكام المادتين 3 و7 من قانون منع الإرهاب.
وأعاد القانون المعدل لقانون منع الإرهاب السطوة لمحكمة أمن الدولة، ووسع صلاحياتها، بعد أن نجح الضغط الشعبي من خلال مسيرات جابت المدن الأردنية بتقليص صلاحيات هذه المحكمة، واقتصارها على ثلاثة اختصاصات منها قضايا الإرهاب، ليأتي القانون ويشمل بنودا "مطاطة" تندرج تحتها العديد من القضايا.
وتصنف محكمة أمن الدولة محكمة خاصة أنشأتها الحكومة الأردنية بقانون خاص يسمى قانون محكمة أمن الدولة، بعد سنتين من إعلان الأحكام العرفية في عام 1957، التي ألغيت عام 1991.