فتحت صحيفة "التايمز" البريطانية تحقيقا وعلى صفحتين، بما قالت إنه نشاطات الإخوان المسلمين المتعلقة بالعقارات في
بريطانيا.
وتقول الصحيفة إن طلاب الجامعة في بناية "سامرا بلازا" يدفعون أجورا تسهم بدعم نشاطات الإخوان المسلمين العالمية دون معرفة منهم. ويتم نقل الأموال التي يتبرع بها محسنون من الخليج، وتنفق من خلال جمعيات محظورة خلال الأعوام السابقة لصلاتها المزعومة بتنظيم القاعدة وحركة حماس. وقامت تلك الجمعيات بالاستثمار في قطاع
العقارات، بشراء 47 شقة سكنية في ليدز قرب الجامعة هناك.
ويشير التقرير إلى أن الطلاب الذين يدفعون الأجور، لا يعرفون طبيعة جماعة الإخوان المسلمين، التي أعلن مؤسسها أن "طبيعة الإسلام هو فرض القوانين الإسلامية على الأمم كلها، وتوسيع قوته في الكرة الأرضية كلها".
وتذكر الصحيفة أنه لا يعرف سبب الحملة على العمل الخيري في بريطانيا الآن، مستدركة بأن الإخوان المسلمين ممنوعون من العمل في مصر والإمارات العربية المتحدة والسعودية، ولكن ليس في بريطانيا، حيث أمر رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بمراجعة فكر ونشاطات الجماعة، لكن التقرير الذي خلصت إليه المراجعة لم ينشر بعد.
ويركز التقرير على نشاطات "
الوقف الأوروبي"، الذي قالت "التايمز" إن لديه عقارات تبلغ قيمتها حوالي 8.5 مليون جنيه إسترليني مرتبطة بشبكة من الجماعات الخيرية، وإن بشكل غير رسمي مع الإخوان المسلمين. وتضم هذه الشبكة "الرابطة الإسلامية البريطانية" (ماب)، التي اعتبرت في عام 2000 ممثلا للإخوان المسلمين في بريطانيا، إضافة إلى عدد من الكليات، منها كلية في ويلز. ويدير الوقف الأوروبي أحمد الراوي (67 عاما)، والمقيم في ليستر وكان رئيسا لـ"ماب".
وتحدثت الصحيفة عن مواقف الراوي العدائية لإسرائيل، وقالت إنه شارك في عام 2004 بتظاهرة مع حزب الله وحركة حماس، ودعا لـ"تطهير أرض الإسلام من قذارة الاحتلال".
وتقول "التايمز" إن أعضاء مجلس أمناء الوقف الأوروبي يضمون شخصيتين في منظمتين دوليتين حظرت إسرائيل عملهما، وقالت الحكومة الأمريكية إن حركة حماس أنشأتهما لنقل المال إلى المنظمات الإرهابية، وتعني بهذا ائتلاف الخير. مشيرة إلى أن هناك منظمة أخرى في الكويت، وهي لجنة الدعوة الإسلامية، التي اعتبرتها الأمم المتحدة غير شرعية لعلاقتها مع تنظيم القاعدة، ففرعها في باكستان كان يديره العقل المدبر لهجمات 11/ 9 خالد الشيخ محمد.
ويورد التقرير أن هناك جمعيات أخرى أنشئت عام 1996، وهي مسجلة في مفوضية الجمعيات الخيرية في بريطانيا. لافتا إلى أن من بين أمناء الجمعيات إماما أردنيا - فلسطينيا سجن عام 2001 لمدة شهر، بعد عثور الشرطة الإيطالية على أدوات لممارسة الختان من عيادة في المسجد الذي يديره، بالإضافة إلى رجل أعمال سوري يعيش في تركيا، ويقال إن لديه علاقات قوية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وكذلك الرئيس السابق للرابطة الإسلامية في ألمانيا، الذي حكمت عليه محكمة مصرية غيابيا بالإعدام؛ بسبب علاقاته مع جماعة الإخوان المسلمين. وقد حققت معه الشرطة الألمانية، ولكن لم تتم إدانته لنقله أموال إلى فرع جمعية سعودية في البوسنة، وهي الجمعية التي حظرتها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وأمريكا.
وتبين الصحيفة أن الوقف الأوروبي يشير في موقعه على الإنترنت إلى أنه يعمل على المساهمة في مجتمع متسامح، وتوفير فرص عمل متساوية، وتأمين حياة جيدة لكل فرد. ويقول تقرير الوقف السنوي إنه يريد نشر الإسلام، لكنه لا يشير إلى أن الوقف أنشئ باسم آخر، وبآلية تمويل مختلفة، وهي فيدرالية المنظمات الإسلامية في أوروبا.
ويذكر التقرير أن المسؤولين الأمنيين والأكاديميين حددوا الفيدرالية التي يرأسها الرواي ممثلا غير رسمي لشبكات الإخوان المسلمين، مبينا أن "ماب" تعد واحدة من أهم الجمعيات في القارة الأوروبية الداعية إلى الإسلام السياسي.
وتنقل الصحيفة عن ستيفن ميرلي، الذي قالت إنه مرجعية مهمة في حركة الإخوان المسلمين العالمية، قوله إن علاقة الوقف الأوروبي بفيدرالية المنظمات الإسلامية "واسعة ولا يمكن إنكارها". لافتة إلى أن الدكتور الراوي اعترف بأن هناك علاقة تربط الفيدرالية بالإخوان المسلمين وأن هناك تشاركا في الموقف العام، ولكنه قال: "من يقول إن الفيدرالية هي ممثل للإخوان فإنه مخطئ".
ويجد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أنه لا توجد أدلة على تمويل الوقف الأوروبي للإرهاب، خاصة أن حركة الإخوان المسلمين رفضت العنف الذي تمارسه الجماعات الجهادية، إلا أن المؤيدين للوقف مؤيدون لحركة حماس والعمليات الانتحارية في إسرائيل، وضد الجنود الأمريكيين والبريطانيين في العراق وأفغانستان.
وتفيد الصحيفة بأنها أرسلت المعلومات إلى مفوضية الجمعيات الخيرية؛ من أجل تقييمها والبحث عن مصدر خرق التعليمات. ولكنها لم تعلن عن
تحقيق في الوقف الأوروبي، ولم يصدر أي تعليق من الحكومة البريطانية.
وينوه التقرير إلى أن الإخوان المسلمين يعملون من خلال جمعيات خيرية ومؤسسات دون إظهار أنفسهم، فلا يوجد ممثل لهم ولا مكاتب في بريطانيا. ويقول المتحدث السابق باسم الإخوان المسلمين في الغرب كمال الهلباوي: "هناك أعضاء من الإخوان في الدول الغربية كلها، لكنهم لا يعملون تحت مظلة الإخوان، بل هم داخل عدد من المؤسسات لنشر أفكارهم".
ويقول ميرلي، وهو مسؤول أمريكي أمني سابق، وحقق في نشاطات الإخوان المسلمين، وتعاون مع "التايمز" في تحقيقها في نشاطات الوقف الأوروبي، إن الاعتماد على العقارات هو محاولة لتحصيل المال لدعم نشاط الجماعة، خاصة أن الإخوان كانوا يعتمدون تقليديا على الدعم الخليجي، لكنه أصبح محدودا، ولهذا "تعد بريطانيا مهمة لنشاطات الإخوان في أوروبا، وكذلك الوقف الأوروبي"، بحسب الصحيفة.
ويوضح التقرير أن المدير التنفيذي للوقف أحمد الراوي قد تحدثت عنه صحيفة "لوموند" الفرنسية عام 2004، بأنه واحد من عضوين في "المكتب العالمي"، الذي أنشئ عام 1982 لمتابعة نشاطات الإخوان الدولية.
ويقول الراوي المولود في العراق، ويعيش في بريطانيا منذ عام 1975، إنه لا يحب كلمة "إسلامي"، ونفى أن يكون من الإخوان. وعندما سألته الصحيفة إن كان يدعم الجماعة، قال إنه مسلم. ونفى أن يكون قد وقع على بيان يطالب بتطهير أرض الإسلام من الصهيونية، أو أن يكون دعم العمليات الانتحارية في إسرائيل والعراق، وقال إن الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل الخيري كلها ضد التفجيرات الانتحارية.
ويتحدث التقرير عن نشاطات الوقف الأوروبي، ويشير إلى أن استثمارات العقارات تذهب إلى الجمعيات التي تخدم أهداف الوقف، مستدركا بأنه قدم منحا منذ عام 2005 بقيمة 630 ألف جنيه إسترليني لعشرين منظمة في أوروبا. وتلقى المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية المبلغ الأكبر ويقدر بـ37 ألف جنيه إسترليني.
وتكشف الصحيفة عن عضوية الراوي في مجلس الإفتاء الأوروبي، الذي يترأسه الشيخ يوسف القرضاوي، حيث أشارت إلى موقفه من العمليات الانتحارية، واستثمارات الوقف في ليدز، ومشروع "سامرا بلازا"، ويقول إنه لا يؤمن بالأيديولوجية المتطرفة، وإنه عندما بدأ المشروع بحث عن دعم من الجالية العراقية للإسهام والاستثمار، وقام بتسويق المشروع في الشرق الأوسط، وتعامل مع المستثمرين "بناء على قواعد استثمارية خالصة"، دون أن يعرف عن مواقفهم السياسية.
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن من بين أصحاب الأسهم في المشروع رئيس الإخوان العراقيين السابق أسامة التكريتي، الذي قاد ابنه أنس "ماب" في فترة زمنية ماضية، ويرفض أنس ربط "ماب" بالإخوان المسلمين، ويقول: "مع أن هناك ارتباطا فكريا وأيديولوجيا مع الإخوان، إلا أن (ماب) ليست مؤسسة إخوانية".