* نسعي لتطوير الحراك الثوري السلمي في الداخل وسيتم تكثيف التحركات الخارجية المناهضة للانقلاب
* النظام يسعي لإشعال الحرب الأهلية ككارت أخير في يده
* مرسي أصبح زعميا ورمزا للثورة.. وصموده جعل الكثيرين يصرون على عودته
* هذه أسباب عدم سقوط الانقلاب حتى الآن
* البعض يطلب منا القبول بالأمر الواقع.. ومعظم الحكومات الغربية لا تزال تدعم النظام
* تصريحات البرادعي الأخيرة خرجت عن سياقها وليس بها جديد
حوار: عمر عويس
كشف عمرو دراج، وزير التخطيط والتعاون الدولي في حكومة هشام قنديل، عن أن هناك تحركات ومبادرات للتقريب بين شركاء ثورة يناير، وأن هناك خطوات فعلية لتطوير الحراك الثوري السلمي في الداخل، وسيتم تكثيف التحركات الخارجية المناهضة للانقلاب
وتحدث دراج، الذي يرأس المكتب السياسي للإخوان المسلمين في الخارج؛ عن أن هناك نتائج مبشرة لهذه الجهود على أرض الواقع، مشدّدا على أنه من المستحيل أن تكون هناك أي مبادرات مع عبد الفتاح
السيسي.
وأرجع دراج، في حوار خاص لـ"
عربي 21"، عدم سقوط الانقلاب العسكري في
مصر إلى استمرار دعم الكثير من الجهات الدولية والإقليمية للانقلاب، ونظرا للاستخدام المفرط للقوة والقمع في مواجهة الاحتجاجات، والتوسع في الاعتقالات وأحكام الإعدام والسجن المشدد، إضافة لاستمرار التضليل الإعلامي. ورأى أن هذا الانقلاب ربما يكون الأسوأ والأبشع خلال المائة سنة الأخيرة.
وفي جوابه على سؤال حول تنفيذ أحكام الإعدام، قال دراج: "أعتقد أن تنفيذها أقرب مما نتصور، في ظل ممارسات سلطة الانقلاب، والموافقة على قانون ما يسمى بـ"مكافحة الإرهاب"، وحتما سيكون لها تداعيات كبيرة وخطيرة على المشهد المصري في الداخل والخارج"، مؤكدا أن النظام يسعي لإشعال حرب أهلية ككارت أخير بيده، لمحاولة أن يصل إلى وضع السيطرة على مقاليد الأمور بأية طريقة.
وذكر دراج، أن الرئيس مرسي أصبح زعميا ورمزا للثورة، بعدما كان رئيسا مختطفا، بفضل صموده وتضحياته وبطولته، وقال إن هذا الصمود زاد الكثيرين إصرارا على عودته، بحسب قوله.
وفيما يلي نص الحوار:
* لماذا لم يسقط الانقلاب حتى الآن؟
- عملية سقوط الانقلابات هي عملية معقدة جدا، وتحدث كحصيلة لعدد كبير من العوامل، والانقلاب في مصر لم يسقط بعد، نظرا لاستمرار دعم الكثير من الجهات الدولية والإقليمية للانقلاب، وللاستخدام المفرط للقوة والقمع في مواجهة الاحتجاجات، والتوسع في الاعتقالات وأحكام الإعدام والسجن المشدد، ما يكرس حالة من الخوف الشديد بين عموم الشعب ويمنع الكثيرين من الانضمام للحراك ويعطل توسعة الحراك، إضافة لاستمرار التضليل الإعلامي، وأسباب أخرى كثيرة.
وكما شرحت من قبل، فإنه بدراسة الكثير من الانقلابات العسكرية التي أسقطتها الشعوب، فمتوسط المدى الزمني لهذا الأمر يتراوح بين عام وثلاثة أعوام أو أكثر لكي تسقط، ويجب أن نراعي أن الانقلاب العسكري في مصر قد يكون الأسوأ والأبشع على الإطلاق خلال المئة سنة الأخيرة.
* تحالف دعم الشرعية والمجلس الثوري والبرلمان المصري.. كيانات مناهضة لسلطة الانقلاب شهدت انسحابات واستقالات وهجوم.. كيف تقيم أداءها؟ وما هي إنجازاتكم؟
- لست عضوا بالبرلمان المصري، وبالتالي سوف أتحدث عن التحالف والمجلس الثوري فقط، وبالتأكيد هناك إيجابيات وسلبيات لهما. فالتحالف استطاع أن يبدأ جذوة النضال الثوري ضد الانقلاب ويحافظ على استمراره دون تراجع رغم بطش النظام وممارسته الإجرامية. ومن سلبياته أنه لم يستطع توسيع قاعدة مكوناته بشكل كبير، إلا أنه لا زال متماسكا ويوجه الدعوة للتظاهر وينظم الفعاليات الثورية الأسبوع تلو الآخر.
أما المجلس الثوري فقد بدأت جهوده تظهر على الساحة الخارجية بشكل ملموس، ويتحرك بشكل مكثف في المجالات السياسية والحقوقية والقانونية والإعلامية، وقد تم تجديد الكثير من قياداته عبر انتخابات تمت في جمعيته العمومية التي عُقدت مؤخرا. لكن العقبة الرئيسية التي تواجهه هي ضعف الإمكانات المادية، حيث أنه يمول من جيوب أعضائه فقط، ويضطر لتحجيم العديد من الأنشطة لغياب الموارد المالية الكافية.
* لكن هل الاستمرار في الحراك الثوري وحده أمر كاف لإسقاط الانقلاب؟
- بالطبع ليس كافيا، لكن استمراره ضروري حتى تجتمع الظروف المواتية لحسم المشهد لصالح الثورة.
* هل أصبحت لديكم رؤية واضحة ومحددة لإسقاط الانقلاب الذي مر عليه ما يقرب من عامين كاملين؟
- الرؤية موجودة بالفعل، لكن التطوير والتفاصيل هي التي يطرأ عليها تغييرات طبقا للمستجدات، ونحن نعمل بشكل مستمر على التطوير وتحسين الأداء، لكن الثوار يجب أن يتحلوا بالصبر والصمود، فعوامل سقوط الانقلاب لم تكتمل بعد.
* الدكتور جمال حشمت أكد أن هناك محاولات تجري للتجهيز لانقلاب على الانقلاب.. فما هي حقيقة وأبعاد هذا الأمر؟
- لا أظن أن الدكتور جمال كان يقصد هذا المعنى أو هذه الصورة، فليست لدينا معلومات حول هذا الأمر وأبعاده، رغم ما يتم تداوله إعلاميا ويؤشر على وجود خلافات بالفعل داخل معسكر الانقلاب، إلا أننا لا نعول على مثل تلك الأمور، لأن الثورة المصرية ستنتصر بالإرادة الشعبية البحتة.
* هل هناك ثمة مبادرات أو تحركات حالية لإنهاء الأزمة خاصة في ظل رسالة يوسف ندا وتصريحات راشد الغنوشي؟
- مع من تكون المبادرات؟! من المستحيل أن تكون مع السيسي، لكن هناك تحركات ومبادرات بالفعل للتقريب بين شركاء ثورة يناير، وستكون هناك خطوات فعلية لتطوير الحراك الثوري السلمي في الداخل، وسيتم تكثيف التحركات الخارجية المناهضة للانقلاب، وقريبا سنرى نتائج لهذه الجهود على أرض الواقع بإذن الله.
وبالنسبة لرسالة الأستاذ يوسف ندا، فقد تحدث عن أنها رؤية شخصية، وتصريحات كل قيادات
الإخوان أكدت أنها أمر يخص شخصه الكريم، ولا علاقة للجماعة بها، كما أن تصريحات الشيخ راشد الغنوشي تؤشر على وجود محاولة منه لحل الأزمة والسعي لدى المملكة السعودية تحديدا، ولكل العقلاء، بالضغط على سلطة الانقلاب لوقف الانتهاكات ضد الشعب المصري واستعادة المسار الديمقراطي، ونحن نثمن ما يقوم به ونتمني أن يوفقه الله في ذلك.
* هل لا تزال الجماعة متمسكة بشرط عودة مرسي للحكم بنفس القدر والدرجة التي كانت عقب الإطاحة به مباشرة؟
- هذا السؤال لا يوجه للإخوان، بل للقوى الشعبية والثورية الرافضة للانقلاب، فالرئيس مرسي أصبح زعميا ورمزا للثورة، بعدما كان رئيسا مختطفا، بفضل صموده وتضحياته وبطولته، وبالتالي فهو ليس ملكا للإخوان، بل للشعب الذي انتخبه، رغم كونه في السابق رئيسا لحزب الحرية والعدالة. وأنا أرى أن هذا الصمود زاد الكثيرين إصرارا على عودته.
* البعض لا يرى وجود تغير ملموس في استراتيجية الإخوان رغم التغيرات التي تحدثت عنها الجماعة على مستوى القيادة.. ما ردكم؟
- التغييرات في إدارة جماعة الإخوان هي أمر داخلي، إلا أن الكثيرين من خارج الجماعة يهتمون بهذا الأمر بحكم وضع ومكانة جماعة الإخوان المسلمين ودورها الهام في الحراك الثوري. وأنا أرى أن الروح الثورية المستمرة والتصميم على انتصار إرادة الشعب هي إحدى ثمار هذه التغييرات، بسبب زيادة مكون الشباب في القيادة والعمل على كل المستويات.
* إلى ماذا انتهت الخلافات التي كانت داخل الإخوان؟
- هذه الخلافات موجودة داخل كل الكيانات، وهي أمر طبيعي وصحي، خاصة في ظل اللحظات والمتغيرات التاريخية التي نمر بها، وبالفعل قد يكون هناك تباين في بعض وجهات النظر، لكن هذه الخلافات تكون غير مؤثرة على الحراك الثوري إذا ظلت في أطار الرؤى المختلفة لتناول الأمور، ولم تؤد إلى ما يمكن وصفه بالانشقاق أو الخروج من الجماعة، وهذا ما لا نتصور حدوثه بشكل واسع بإذن الله.
* تقارير صحفية تحدثت عن إجراء انتخابات مبكرة على مستوى مكتب الإرشاد ومجلس الشورى لإنهاء هذه الخلافات الداخلية.. فما مدى صحة ذلك؟
- يحسم ويحدد هذا الأمر القيادة بالداخل، وليست لدي تفاصيل كاملة أو جديدة بشأن هذا الأمر.
*هناك توقعات بقرب تنفيذ أحكام الإعدام خاصة بعد مطالبة السيسي بما أسماه "العدالة الناجزة" وتأكيده للقضاة أثناء مشاركته في تشييع النائب العام هشام بركت؛ أن الأحكام التي يصدرونها ستنفذ سواء كانت بالإعدام أو بالمؤبد.. فهل تتوقع تنفيذها قريبا؟
- بالفعل أعتقد أن تنفيذ أحكام الإعدام أقرب مما نتصور، في ظل ممارسات سلطة الانقلاب، والموافقة على قانون ما يسمى بـ"مكافحة الإرهاب"، واستمرارا للتنكيل بالمناهضين لسلطة الانقلاب.
* وماذا لو حدثت بالفعل؟ وما هي تداعياتها المرتقبة؟
- بالطبع نحن لا نتمنى تنفيذ أحكام الإعدامات، لكن في حال تنفيذها سينضم من تم إعدامهم لقائمة الشهداء مثل إخوانهم الذين سبقوهم، وحتما سيكون لهذا تداعيات كبيرة وخطيرة على المشهد المصري في الداخل والخارج، حيث ستؤدي إلى تصاعد وإشعال وتيرة الثورة في الداخل بشكل أكبر وأقوى تأثيرا، وقد تواجه بانتقاد حقوقي قوي جدا في الخارج وكذلك في وسائل الإعلام، إلا أننا نعول في البداية والنهاية على سواعد الشعب المصري في انتزاع حريته.
* لكن هناك تخوف لدى البعض من تصاعد وتيرة العنف وما يمكن تسميته بتسليح الثورة!
- هذا ما نحذر منه طوال الوقت، ورغم كل الممارسات الفاشية والاستبدادية للنظام إلا أن الثوار يصرون على التمسك بسلميتهم. والانقلاب يسعى لخلق حالة غضب شديدة لدى الشعب، بحيث يتحول الحراك الثوري السلمي إلى فوضي وعنف، لكي يأخذ الشعب إلى المربع الخاص به ليعضد مزاعمه بوجود الإرهاب ويخلق مبررا ومسوغا للتنكيل بشكل أوسع وأشرس بالشعب، وهو منذ فترة طويلة يسعى لذلك منذ فض اعتصام رابعة.
وهو الآن يسعي لإشعال حرب أهلية، والتي تعتبر بمثابة الكارت الأخير له، لمحاولة أن يصل إلى وضع السيطرة بأية طريقة حتى لو كان من خلال سياسة القمع والقتل التي تصل إلى مستوى الحرب، بالإضافة إلى تصاعد وتيرة التحريض الإعلامي بشكل مثير للقلق، ونحن نحذر أبناء شعبنا من الوقوع في هذا الكمين والانزلاق في المستنقع الخطر الذي يحاول الانقلابيون جرنا إليه.
* برأيك، هل التطورات الإقليمية وخاصة السعودية لها انعكاس على الأزمة المصرية؟
- إدارة الحكم في المملكة أو في أي مكان آخر هي شأن داخلي، لكننا نأمل أن تتغير مواقف وسياسات المملكة في ظل القيادات الجديدة من خلال وقف الدعم لمن انقلب على الشرعية في مصر وأراق الكثير من دماء أبنائها.
* المقال الذي نشرته بصحيفة الجارديان البريطانية وقلت فيه إن "خذلان الغرب لمصر سوف يكون حصاده مرا".. البعض اعتبره تعويلا على الغرب، وهناك من رآه تهديدا لهم.. فما الذي كنت تقصده تحديدا من هذا المقال؟
- المقال لم يكن به تعويلا على الغرب ولا تهديدا لهم. وأستغرب ممن فهموا هذا أو ذاك من سياق ما كتبته. فقد كان المقال قراءة للواقع ووضع للأمور في نصابها، ويضع الجميع أمام مسؤولياتهم، حيث أن تدهور الأوضاع في مصر سيكون له انعكاس سلبي ليس على المنطقة فقط، بل على العالم أجمع.
* وكيف تقيم مواقف المجتمع الدولي من الأزمة المصرية؟
- أجندات كثير من الحكومات في الغرب لا تزال مع الأسف متماهية مع الانقلاب بشكل واضح، والبعض يطلب منا القبول بالأمر الواقع، ومعظم الدول الغربية على المستوى الرسمي لا تزال تدعم النظام في مصر وتضرب عرض الحائط بما تنادي به من قيم وأعراف ديمقراطية، لكن على مستوى الشعوب والبرلمانات والمنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام الوضع مختلف، فهناك رفض واضح لانتهاكات السلطة، ونحن نهدف إلى تصاعد وتيرة هذا الرفض بما يشكل ضغطا على حكوماتها المنتخبة ديمقراطيا لتغيير سياساتها في المنطقة.
* الدكتور محمد البرادعي قال إن المبعوث الأوروبي برناردينو ليون هو المخطط للانقلاب العسكري للإطاحة بالرئيس مرسي.. فما هو تعليقك؟
- حقيقة البعض أساء تناول تصريحات البرادعي وقام بإخراجها عن سياقها، وأنا لا أرى فيها أي جديد، فهي تتحدث عن فترة ما بعد الانقلاب وليس قبله، بل إن ليون نفسه حمّل سلطة الانقلاب مسؤولية الدماء وغلق باب الحل السياسي، على خلفية فض رابعة - في تصريحات شهيرة في نفس يوم الفض- وبالتالي أعتقد لا ينبغي تحميل هذا التصريح أكثر مما لا يحتمل.
* هل أنت شخصيا ترى أن المخرج من الأزمة يفترض أن يكون من خلال حل سياسي، أم أن المعركة صفرية بالفعل؟
- الانقلاب يسير في اتجاه واحد بسياسة فاشية استبدادية إجرامية ولا يريد التراجع عن مساره، والثورة ليس أمامها خيار سوى المضي قدما في طريقها للأمام دون تراجع، رغم عظم التضحيات التي تدفع من أجل رفعة الوطن، وبالتالي فالمعركة أشبه بمعركة المسار الواحد.
* صرحت بأن هناك محاولات جدية من أجل لم الشمل الثورى.. إلى أين وصلت تلك المحاولات؟
- هناك جهود تبذل في هذا الصدد، وأخذنا خطوات من شأنها العمل على التقريب بين القوى الثورية ورأب أية خلافات بينهم، وهذه الجهود سيكون لها نتائج مبشرة خلال الفترة المقبلة بإذن الله، لكن يمنع من اكتمالها حالة القمع الشديد الموجودة بالداخل، والتي تدفع الكثيرين ألا يعلنوا عن مواقفهم الحقيقية في الاصطفاف الوطني خشية من أن يطالهم هذا القمع.
* ما هي توقعاتكم لما ستؤول إليه الأزمة المصرية؟ وهل نحن قريبون من ساعة الحسم؟
- أنا على يقين بانتصار الثورة المصرية يوما ما أراه قريبا، فهذه من سنن الله في كونه، ونحن نحاول أن نأخذ بالأسباب، لكن متى تنتصر الثورة تحديدا هذا في علم الغيب، وكلما زاد العزم والتصميم والتضحية نقترب من تحقيق أهدافنا بإذن الله.