قال لبيب النحاس، مدير مكتب العلاقات الخارجية في حركة "أحرار الشام الإسلامية" في
سوريا، إن الولايات المتحدة أخطأت بتعريفها لمفهوم "الاعتدال" عند الحديث عن الثوار المعتدلين، محذرا من تبعات هذا التصنيف الخاطئ.
وفي خطوة سابقة للحركة -وغيرها من الحركات والفصائل المقاتلة في سوريا- التي تقاتل كلا من نظام الأسد وتنظيم الدولة، نشر النحاس مقالته في صحيفة "الواشنطن بوست"، بعنوان "النتائج القاتلة للتصنيف الخاطئ للثوار في سوريا".
وانطلق النحاس من قوله إن "الفشل الذريع لسياسة إدارة أوباما تجاه النزاع في سوريا بات واضحا"، من خلال غياب الاستراتيجية، وعدم احترام "الخطوط الحمراء"، والاعتماد على "الحلول المؤقتة وقصيرة المدى المستلهمة من تجارب أفغانستان والعراق"، والضجة التي أحدثتها وسائل الإعلام المهووسة بتنظيم الدولة.
واستشهد المقال بتصريح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في كانون الثاني/ ديسمبر الماضي، الذي قال فيه إنه "لا يجب أن يختار السوريون بين طاغية وإرهابيين. هناك خيار ثالث هو المعارضة السورية المعتدلة التي تقاتل كلا منهم يوميا"، موضحا أن هذه "النظرة الجديرة بالثناء تم تحطيمها"، بسبب التعريف الخاطئ للاعتدال "بطريقة ضيقة واعتباطية استثنت جل التيار الرئيس للمعارضة"، على حد قوله.
وتابع النحاس بأن جماعة أحرار الشام هي مثال جيد على ذلك، موضحا أن الجماعة تعدّ نفسها "جماعة إسلامية سنية ضمن تيار الأغلبية، يقود هذه الجماعة سوريون يقاتلون من أجل السوريين. نحن نقاتل من أجل تحقيق العدالة للشعب السوري"، نافيا الاتهامات بوجود علاقات تنظيمية مع القاعدة.
وأوضح النحاس أن الحركة تؤمن بأن "سوريا تحتاج إلى مشروع وطني جامع لا يمكن أن تتحكم به أو تنجزه جهة أو جماعة واحدة، ويجب ألا يرتبط الحل بإيديولوجيا واحدة. نحن نؤمن بتحقيق التوازن بين الطموحات المشروعة للأغلبية في سوريا وحماية الأقليات، وتمكينهم من المشاركة ولعب دور إيجابي في بناء مستقبل سوريا. نحن نؤمن بمستقبل وسطي معتدل لسوريا يحافظ على الدولة وإصلاح المؤسسات فيها بما يخدم كل السوريين"، على حد قوله.
وأوضح مقال النحاس أن "السياسة الأمريكية الفاشلة في اعتبار الحرب ضد تنظيم
الدولة الإسلامية هي حرب مختلفة، وفي بعض الأحيان متعارضة مع الجهود الرامية لإزاحة الأسد، منعت من الوصول إلى نهاية في كلا المعركتين"، موضحا أن القتل والتدمير الممنهج الذي قام به الأسد لا يزال من أهم عناصر التجنيد لصالح تنظيم الدولة، وهو ما حصل في
العراق كذلك عبر سياسات نوري المالكي الطائفية.
وتابع النحاس بالقول: "بينما هم عالقون في فقاعتهم الخاصة، قام صناع القرار في البيت الأبيض بتخصيص الملايين من أموال دافعي الضرائب في أمريكا لدعم جهود "السي آي ايه" الفاشلة في مساندة قوات اعتبروها "معتدلة" في سوريا. ولكن هذه الجماعات المعتدلة خيبت الآمال على كل المستويات، بما في ذلك مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية".
واعتبر مقال الواشنطن بوست أن نظام الأسد ضعيف ويموت، من خلال فقدانه لأي "مبادرة استراتيجية على الأرض، ويعاني من نقص بشري يشله"، إذ إن الأسد يعتمد الآن بشكل متزايد على المتطوعين الشيعة الممولين من قبل إيران، حتى هؤلاء المقاتلين الأجانب -الذين تم إحضارهم من مناطق بعيدة كأفغانستان- لم يتمكنوا من عكس سير الأحداث"، مستنكرا عدم الاكتفاء بالقضية الأخلاقية ضد الأسد لاستثنائه كخيار.
وتساءل النحاس في ختام مقالته: من سيطلق عليه رصاصة الرحمة، تنظيم الدولة الإسلامية أم المعارضة السورية؟ دافعا واشنطن للاعتراف بأن "الفكر المتطرف لتنظيم الدولة لا يمكن هزيمته إلا عن طريق خيار سني سوري، يقوم فيه السوريون أنفسهم بتعريف "الاعتدال" وليس (السي آي ايه)"، على حد قوله.
وأعلن النحاس التزام الحركة والثوار بالحوار مع واشنطن، "بالرغم من انعدام تواصل حقيقي من طرف المجتمع الدولي"، معتبرا أن "الفرصة لا زالت سانحة للولايات المتحدة الأمريكية لتغيير مسارها، "الخيار الثالث" الذي طرحه جون كيري موجود، ولكن على واشنطن أن تفتح عينها وتبصره".