انتقد الكاتب روبرت فيسك خطاب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد
كاميرون، الذي ألقاه يوم الاثنين في مدينة بيرمنغهام لمواجهة التطرف، مشيرا إلى مظاهر القصور في استراتيجية الحكومة البريطانية لمكافحة
تنظيم الدولة، حيث قال إن موقف كاميرون المبالغ فيه لا يؤثر كثيرا على الوضع في
سوريا.
ويشير فيسك في مقاله الذي نشرته صحيفة "إندبندنت" البريطانية، إلى أن رئيس الوزراء البريطاني قد شدد من لهجته ضد تنظيم الدولة، بعد الهجوم الذي نفذه مسلح على شاطئ سياحي في مدينة سوسة في تونس، وقتل فيه سياح معظمهم من البريطانيين. وقد تعهد كاميرون في خطابه الذي ألقاه في بيرمنغهام، التي يعيش فيها عدد كبير من المسلمين، بمواجهة التطرف، خاصة بين المسلمين البريطانيين، ومنع ذهابهم إلى سوريا والعراق للقتال مع تنظيم الدولة.
ويقول الكاتب: "الطريقة التي يتكلم فيها كاميرون، بأن هذه هي (معركة سوريا)، وأنه سيقوم بضرب تنظيم الدولة لو منح الفرصة، تذكرنا بوينستون تشرتشل. فقط تخيلوا بماذا كان يفكر طيارونا عندما قادوا مقاتلاتهم سبيتفايتر، وضربوا طيران ألمانيا النازية (لوفتفافا) قبل 75 عاما بالضبط: افتحوا الطريق واتركونا نرد بقوة".
ويستدرك فيسك بأن المسالة اليوم مختلفة، ويجد أن "المشكلة هي أن طائرات التورنيدو المرابطة في جزيرة قبرص لن تقوم بإحداث أي تغيير في المأساة الدموية السورية، علاوة على تنظيم الدولة"، ويقول إن الطائرات البريطانية لم تقم إلا بـ 126 غارة جوية ضد تنظيم الدولة، مقابل خمسة آلاف غارة قامت بها المقاتلات الأمريكية. ولم تمنع هذه الغارات تنظيم الدولة من التقدم في العراق وسوريا، والتوسع في ليبيا واليمن.
ويرى الكاتب أن هناك خطابات وزارية كثيرة وغيابا للحس العسكري العام. ويقول: "إذا وضعنا جانبا سقوط الموصل والرمادي والفلوجة في العراق، فإن الهجمات الأمريكية فشلت في إحداث أثر جدي في منع الإسلاميين من التقدم في سوريا، باستثناء التدمير المتلفز لعين العرب/ كوباني".
ويضيف فيسك في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، أن الجنرالات السوريين أخبروا دمشق أن الغارات الجوية، التي تقوم بها الطائرات الغربية، لا تفيد في مواجهة تنظيم الدولة. مشيرا إلى أن الطائرات الغربية لم تنتهز الفرصة لضرب جبهة النصرة، عندما هاجم مقاتلوها جنودا سوريين احتموا في مستشفى عسكري.
ويبين الكاتب أنه "أكثر من ذلك قصة سيطرة تنظيم الدولة على مدينة تدمر، حيث هاجم مقاتلو التنظيم المدينة بالآلاف، وبرتل من الدبابات المصفحة والعربات المحملة بالصواريخ المضادة للطائرات، ولم تر في الجو ولا طائرة أمريكية. وتساءل عقيد سوري بعد أيام: (هل شاهدوا قوات داعش؟)، وأضاف: (بكل ما لديهم من رقابة جوية ورادارات ألم يشاهدوا هذه القوة الكبيرة؟). وترك الجنود السوريون تدمر، فيما أعدم التنظيم لاحقا من قبض عليهم من الجنود في المسرح الروماني".
ويوضح فيسك أن هناك نقطة مهمة، ولا يريد لا باراك أوباما ولا ديفيد كاميرون الاعتراف بها، وتتعلق بالنظام السوري، الذي سيستفيد من الغارات الجوية على تنظيم الدولة.
ويلفت الكاتب إلى أن "الغرب كان في البداية يريد ضرب جيش الأسد الرهيب، ثم غير رأيه وقرر ضرب تنظيم الدولة. وعندما واصل التنظيم توسعه (قررنا قصفهم بقوة أكبر من تلك التي كنا نضربهم بها)".
ويختم فيسك بالقول: "إن الطائرات الغربية في حال مباشرتها بقصف تنظيم الدولة، فإنها ستحلق في الفضاء ذاته، الذي ستحلق فيه المقاتلات السورية. دعونا ننسى، للحظة، أن رئيس مجلس النواب السوري العام الماضي عرض رسميا مساعدة الاستخبارات في واشنطن. ودعونا نتجاهل حقيقة وزيارات المسؤولين الأمنيين المتكررة لدمشق. وأخيرا فنحن لا نحتاج لأن نذكر صديقة أمريكا الجديدة: إيران".