أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة
المصرية مقتل أحد جنود الجيش في سيناء ضمن مجموعة تم استهدافها في عملية عسكرية على كمين "أبو رفاعي" بالشيخ زويد شمال سيناء، لكن أقارب هذا الجندي فوجئوا به يتصل بهم هاتفيا ليخبرهم أنه لا زال على قيد الحياة!.
وبقدر ما حملت هذه القصة دراما إنسانية، إلا أنها كشفت -من ناحية أخرى- عدم دقة البيانات التي يصدرها
الجيش المصري عن سير المواجهات مع الجماعات المسلحة في سيناء.
وكان العقيد محمد سمير المتحدث باسم الجيش قد أدرج اسم المجند "محمد إبراهيم مصطفى" بين شهداء حادث تفجير كمين أبو رفاعي، وذهب والده وشقيقه إلى المستشفى العسكري لإجراء تحاليل الشفرة الوراثية واستلام جثمانه، إلا أنهم لم يعثروا على الجثمان وسط الضحايا.
وقال أحد أقارب الجندي إن مسؤولي المستشفى العسكري برروا عدم العثور على جثمان القتيل بأن الكمين الذي كان يتواجد به سقط عليه صاروخ أطلقه الإرهابيون وحول جسده إلى أشلاء!.
وبعد يومين من إعلان مصرعه، اتصل بهم مصطفى وأكد أنه لم يفارق الحياة وأنه اختبأ في أحد الخنادق وقت الهجوم على الكمين لينجو من الموت وأن زملاءه لم يرونه عند انتهاء المعركة، فتوقعوا مقتله!، مضيفا أنه سمع من زملائه أن خبر مقتله انتشر على الإنترنت، فسارع بالذهاب إلى الكتيبة التابع لها واتصل بوالده ليطمئنه على حياته.
هل يكذب الجيش؟
وتساءل كثيرون، كيف يعلن الجيش نبأ مصرع المجند دون التأكد من ذلك؟ ولماذا لم يتم إعلان فقدانه - على الأقل - لحين العثور على جثمان المجند أو أشلائه كما هو معتاد في المواجهات المسلحة؟ وأين بقي المجند طوال يومين منذ انتهاء الاشتباكات وحتى الإتصال بأقاربه لنفي خبر موته؟
وردا على موجة التشكيك الآخذة في التزايد في بيانات
المتحدث العسكري طالب العميد محمد سمير المصريين بعدم تصديق ما أسماها بالقنوات والمواقع العميلة التابعة للعناصر التكفيرية والإرهابية التى تحقق انتصارات زائفة في الفضاء الإلكتروني، مؤكدا أن القوات المسلحة لا تكذب وتصدر فقط البيانات الدقيقة في إطار من الشفافية الكاملة.
وأوضح سمير - في تصريحات للتليفزيون الحكومي- أن الإرهابيين يحاولون أن يوهموا الشعب بأنهم يحققون انتصارات ونجاحات فى سيناء بهدف التأثير على الروح المعنوية للجنود، مضيفا أن القوات المسلحة قررت مؤخرا نشر صور جثث الإرهابيين القتلى لمواجهة ما يتم الترويج له من انتصارات للمسلحين أو أنهم يسيطرون على مناطق في سيناء.
ليست الأولى!
وأعادت تلك الواقعة، التذكير بحادثة مماثلة حيث أعلن الجيش قبل شهرين مقتل أحد الجنود في هجوم على كمين "قبر عمير" لكن هذا المجند ظهر في فيديو بثه تنظيم الدولة الإسلامية في سيناء وهو أسير لدى عناصر التنظيم الذين قاموا بقتله لاحقا.
وظهر في هذا الفيديو "كمال علام" القيادي في
ولاية سيناء والذي أعلن المتحدث العسكري عدة مرات مقتله في مواجهات سابقة، قبل أن يتضح عدم صحة هذه الأنباء.
وكانت الحكومة المصرية قد قامت مطلع الشهر الجاري بتسليم جثامين الجنود الضحايا في سيناء دون تنظيم جنائز عسكرية لهم لأول مرة منذ سنوات، كما منعت وسائل الإعلام من تغطية وصولهم إلى مطار ألماظة العسكري، في سابقة أثارت شكوك الكثيرين حول الأعداد الحقيقية للقتلى.
وفي ظل الحظر الشامل لأي تغطية إعلامية للأحداث في شمال سيناء، تضطر وسائل الإعلام إلى متابعة الموقف هناك عبر بيانات المتحدث العسكري التي غالبا ما تتناقض مع بيانات الجماعات المسلحة وكذلك مع تدوينات النشطاء السيناويون على مواقع التواصل الاجتماعي.
ومع التضارب الشديد بين الروايات وأرقام ضحايا العمليات الأخيرة بين وسائل الإعلام المحلية والأجنبية من جانب وما يذكره المتحدث العسكري من جانب آخر، أعلنت الحكومة المصرية عزمها إصدار قانونا جديدا لمكافحة الإرهاب يعاقب بالحبس سنتين على الأقل كل من ينشر أي رواية مغايرة للبيانات الرسمية، في خطوة أثارت رفضا شديدا من جانب الصحفيين!
مستمرون في سحق الإرهاببين
وفي سياق ذي صلة، أعلن المتحدث العسكري الثلاثاء استمرار ملاحقة المجموعات المسلحة التابعة لجماعة أنصار بيت المقدس وسحقهم، ونجاح الجيش في تصفية 334 إرهابيا من بينهم قيادات شديدة الخطورة خلال العشرين يوما الماضية.
وعقب كل هجوم على المراكز العسكرية في سيناء، ينشر المتحدث العسكري بشكل يومي أخبارا عن المواجهات مع العناصر المسلحة في سيناء ويؤكد قرب تطهير سيناء من الإرهاب، لكن المصريين يفاجئون بعد ذلك بعدة أسابيع بعملية أجرأ من سابقتها، يصحبها سقوط أعداد أكبر من الضحايا في صفوف الجيش.
وكان الأسبوع الماضي قد شهد لأول مرة منذ حرب عام 1973، تدمير قطعة بحرية مصرية قبالة شواطئ مدينة رفح المصرية في تبادل لإطلاق النار مع مسلحين مجهولين، واستغرب الكثيرون من بيان المتحدث العسكري الذي أكد عدم وقوع أي إصابات أو ضحايا في تلك العملية.