أبدى حقوقيون وصحفيون
مصريون غضبهم الشديد من مشروع
قانون حرية تداول
المعلومات الذي تعده الحكومة حاليا، بسبب تقييده للحريات العامة، وتوسعه في التنصت على المواطنين، ووجود مادة تقترح عقوبة الحبس لمن ينشر الشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وأكد مدير مركز ابن خلدون، سعد الدين إبراهيم، أن القانون يقضي بتغليظ العقوبة على الجرائم الإلكترونية، مما يعد عبثا جديدا، وتضليلا من قبل النظام، وتخبطا جديدا لمن يتحكمون في الدولة.
ووصف ما يصدر من قوانين بأنه "محاولة من الدولة العميقة لإحكام الأمور، والسيطرة عليها في مصر، في ظل غياب الشرعية الحقيقية لإصدار القوانين"، مضيفا أن القانون سيتم إسقاطه من قبل المصريين، وأن عمر هذه القوانين صغير جدا، ولن يحترمها المصريون.
ووصفت نقابة الصحفيين الإعلان عن إعداد مسودة نهائية لمشروع القانون بعيدا عن النقابة بالجريمة، مضيفة أنه في حالة موافقة مجلس الوزراء على المسودة، فإن ذلك سيمثل مخالفة دستورية لنص المادة (77)، التي تؤكد ضرورة أخذ رأى النقابات المهنية، ومنها (الصحفيين) في مشروعات القوانين المتعلقة بالمهنة.
وقال سكرتير عام النقابة، جمال عبدالرحيم، إن النقابة تطالب منذ سنوات بإصدار قانون حرية تداول المعلومات، إلا أن الإعلان عن إعداد مسودة نهائية لهذا المشروع بعيدا عن النقابة، ودون أن تكون طرفا أساسيا في وضعه، يمثل جريمة؛ لأن الصحفيين هم المعنيون بالأمر في المقام الأول.
وتابع: "على الرغم من احتياجنا لهذا القانون الذي يعطي الصحفي الحقوق كافة للحصول على المعلومات بسهولة، فإن الحكومة تبدو كأنها تريد إصدار قانون لحجب المعلومات عن الإعلاميين، وتكميم الأفواه، ومحاربة الحريات".
واستنكر عضو مجلس نقابة الصحفيين، خالد البلشي، عدم إشراك النقابة في وضع نصوص مشروع القانون قائلا: "الأمر يمثل مخالفة دستورية، والحكومة بذلك تكرر الخطأ ذاته الذى وقعت فيه مع مشروع قانون مكافحة الإرهاب، والمادة 33 الخاصة بالصحفيين التى وضعتها دون الرجوع للنقابة، ما تسبب في أزمة كبيرة".
ووصف نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، عبدالغفار شكر، وضع مادة في القانون تقضى بالحبس بخصوص ترويج الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعي بأنها تساعد على عدم وجود حرية في تداول المعلومات.
وأكد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، جمال عيد، أن ربط قانون تداول المعلومات بمكافحة الجريمة الإلكترونية أمر غريب، ويدعو للقلق.
وقال أستاذ القانون الجنائي، الدكتور عماد الفقي، إن دستور 2014 يلزم الدولة بالشفافية وبحرية تداول المعلومات، ويعتبر عدم الإدلاء بهذه المعلومات أو البيانات أو الإدلاء ببيانات غير صحيحة جريمة وفقا للقانون، وهو ما يدخل في نطاق احترام حرية الرأي والتعبير.
وأوضح أن الأساس الأول الذي ينبغي أن ينبني عليه القانون المزمع صدوره هو الالتزام بنص المادة 68 التي تنص على أن "المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها، وإتاحتها للمواطنين بشفافية."
وقال العميد السابق لكلية الإعلام في جامعة القاهرة، الدكتور فاروق أبوزيد، إن ظروف مصر الآن غير مناسبة لإصدار أي قوانين من شأنها تقييد حرية الإعلام.
وأضاف: "في تقديري، يجب أن نتوقف عن فوضى إصدار التشريعات، خصوصا في ظل غياب البرلمان، ويجب أن نتمهل، وننتظر انتخاب برلمان جديد يمثل كل المصريين، بدلا من طرح القانون على ما يسمى (النقاش المجتمعي)، الذي هو في الحقيقة 4 أو 5 برامج تلفزيونية حوارية في الفضائيات، وبعض الصحف المؤيدة، ومن ثم نوهم المواطنين أن هناك توافقا مجتمعيا على هذه القوانين، فهذا النقاش من الذى يمثله؟ وهل هم ممثلون حقا لفئات المجتمع؟".
ويبدأ مجلس الوزراء في اجتماعه هذا الأسبوع مناقشة المسودة النهائية للقانون، الذي يتضمن الرأي النهائي بشأن مفهوم "الجريمة الإلكترونية"، وأركانها، وضوابطها، سواء فيما يتعلق بإفشاء أسرار الأمن القومي، أو ترويج شائعات تضر بالدولة.
وبدأت قصة فرض الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعي عندما قررت وزارة الداخلية قبل شهور فرض "قبضة إلكترونية" على جرائم شبكات التواصل الاجتماعي.
ويدخل قانون تداول المعلومات الجديد ضمن دائرة العمل الخاصة بوزارة الداخلية، وتسعى الحكومة من خلاله للسيطرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وبمقتضاه تتولى وزارة الداخلية مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي بدعوى ضبط المخالفين للقانون.
وبمجرد انتهاء لجنة الأمن القومي في لجنة الإصلاح التشريعي الحكومية، من صوغ القانون خلال عشرة أيام، ستتم إحالته إلى مجلس الوزراء للموافقة عليه، ثم إحالته إلى قسم التشريع في مجلس الدولة لمراجعته دستوريا قبل إصداره من رئاسة الجمهورية.
ويأتي القانون الجديد في سياق عدد من القوانين المخالفة للدستور، التي أصدرتها سلطة الانقلاب، وأبرزها قانون التظاهر، الذي يجور على حرية الرأي والتعبير، وقانون مكافحة الإرهاب، الذي لاقى رفضا من العديد من القوى والأحزاب السياسية والنقابات المهنية، ووصف بأنه مقيد للحريات.