اتفق خبيران مختصان في الشؤون الأفريقية، على أن ظهور
تنظيم الدولة في منطقة
الساحل الأفريقي؛ أحدث انقساما عميقا داخل التنظيمات الجهادية، وعلى رأسها تنظيم
القاعدة في بلاد
المغرب الإسلامي.
وقال رئيس مركز الدراسات والأبحاث العليا في بروكسل وباريس، بدي ولد أبنو، إن الأساليب التي اعتمدها تنظيم الدولة منذ ظهوره في العراق وسوريا "باتت محفزا لكثير من المتشددين في منطقة الساحل الأفريقي والمغرب العربي، على مبايعة التنظيم"، مؤكدا أن "الزخم الذي يحدثه تنظيم الدولة ميدانيا وإعلاميا، له تأثير مباشر، وغير مباشر، على المنتمين للقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي".
ووصف ولد أبنو لـ"
عربي21" الحركات الجهادية بأنها "حركات عنوان"، مفسرا ذلك بأن المجموعة الواحدة تغير اسمها أكثر من مرة في أوقات متقاربة، دون أن يكون هناك أي تغيير في الفكر أو الأيديولوجيا".
وأضاف: "في الوقت الحالي؛ يبدو أن أسباب التحول إلى اسم تنظيم الدولة إعلامية ودعائية، حيث إن هذا الاسم أصبح العنوان الأكثر جاذبية بين تلك المجموعات".
واعتبر ولد أبنو، أن تحويل اسم جماعة الدعوة والقتال، إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، في أواخر 2006 "لم يكن الهدف منه سوى الحصول على عنوان لكسب صدى أكبر، وقدرة على جلب منضمين جدد".
وخلص إلى القول: "في العموم؛ لا أتوقع أن يكون هناك تغيير قد طرأ على أيديولوجيا تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، حتى وإن أعلن بعض المنتمين له مبايعتهم لتنظيم الدولة".
شرخ حقيقي
من جهته؛ قال الباحث في مركز الجزيرة للدراسات، سيد أحمد ولد الأمير، إن "تنظيم الدولة أحدث شرخا حقيقيا داخل أغلب التنظيمات المتشددة بمنطقة الساحل الأفريقي والمغرب العربي".
وأضاف ولد الأمير لـ"
عربي21" أن ظهور تنظيم الدولة كان له أثر واضح على تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، من خلال الانقسام الذي حصل داخله، بين الداعين لمبايعة تنظيم الدولة، والرافضين لذلك، متابعا بأنه "أصبحنا واقعيا أمام ثنائية تنظيم الدولة والقاعدة.. هذه الثنائية التي تصل إلى درجة المغالبة والاقتتال، كما هو واقع في سوريا، ولا أستبعد أن يقع في منطقة الساحل الأفريقي".
وأشار إلى أن المقاربة الأمنية للتصدي لهذه الجماعات "ما زالت هي المعتمدة لدى دول المغرب العربي والساحل الأفريقي"، داعيا إلى "تلازم هذه المقاربة مع المقاربات الثقافية والتربوية والتنموية".
وقال إن "المقاربة الأمنية مهمة، لكنها لا تحل المشكلة؛ لأن هذه الجماعات طوّرت أساليبها، وأصبحت تملك أرتالا من السيارات العسكرية والكثير من المقاتلين المدربين، وتجاوزت مرحلة تفجير الشخص الواحد لنفسه؛ إلى مرحلة التخطيط والهجوم على الطريقة المعتمدة لدى الجيوش".
ويرى متابعون للأوضاع الأمنية في منطقة الساحل الأفريقي، أن "تنظيم الدولة" تمكن بالفعل من اختراق أغلب الجماعات الجهادية المسلحة بشمال أفريقيا والمغرب العربي، مشيرين إلى الانقسام الحاصل داخل جماعة "
المرابطون" بشأن مبايعة تنظيم الدولة.
وكان قائد كتائب المنطقة الوسطى في جماعة "المرابطون" عبدالملك قوري المكنى بخالد أبو سليمان، قد أعلن الانشقاق مع مجموعته ومبايعة أبي بكر الغدادي، وهي البيعة التي رفضها أمير "كتيبة الملثمين" مختار بلمختار، الذي أصبح في الشهر الماضي أميرا لجماعة "المرابطون" بعد عزل أميرها عدنان أبو الوليد الصحراوي.
وتتحدث بعض التقارير الصحفية والمصادر الأمنية عن اتصالات يجريها بعض قادة تنظيم "المرابطون" من أجل دمجه مجددا في تنظيم القاعدة ببلاد المغربي الإسلامي، في خطوة هدفها التصدي للنفوذ المتزايد لتنظيم الدولة بالشمال الأفريقي.