قبل يومين، نشرت صحيفة "النيويورك تايمز" مقالا تطرقت فيه إلى الانقسام في أوساط المسؤولين حول من يمثل الخطر الإرهابي الأكبر على أمريكا الآن: تنظيم
القاعدة، أم "
داعش"؟ في اليوم ذاته، أصدر تنظيم "القاعدة في شبه الجزيرة العربية" شريط فيديو حض فيه المسلمين على شن هجمات "جهادية" فردية على الأمريكيين.
العنف المرتبط بتنظيمات إسلامية إرهابية، مثل "القاعدة" و"داعش"، مستمر، ويتزايد مع مرور السنين، وبات الحديث عن الإرهاب في الولايات المتحدة كأنه حكر على اتباع دين واحد هو الإسلام.
ومنذ هجمات أيلول2001 الإرهابية، والحرب على الإرهاب التي اعلنها الرئيس السابق جورج بوش، طغى الخوف من الإرهاب "الإسلامي" على الأخطار الإرهابية الأخرى. لكن الواقع -المبني على الإحصاءات والأبحاث- مختلف كليا، إذ إن الإرهاب الذي تمارسه جماعات يمينية متطرفة، أو أفراد عنصريون ومتزمتون ويرفضون الانصياع للسلطات المركزية، هو الذي يشكل الخطر الأكبر على البلاد، وليس الإرهاب الجهادي.
ومنذ أحداث أيلول 2001، بلغ عدد ضحايا الإرهاب الجهادي 26 أمريكيا، في مقابل 48 مواطنا قتلوا في هجمات قام بها يمينيون متعصبون، وفقا لإحصاءات أجراها مركز أبحاث اسمه "نيو أمريكا (New America). ويتحدث الخبراء الأمريكيون في شؤون الإرهاب عن ظاهرة "الذئب الوحيد"، في إشارة إلى الفرد الذي يقوم بإرهاب مستوحى من تنظيمات إسلامية متطرفة، كما يتحدثون الآن عن ظاهرة أمريكية حديثة العهد، لكنها مماثلة إلى حد كبير، والتي يطلق عليها "المواطن ذو السيادة"، في إشارة إلى أفراد يغالون في تطرفهم إلى درجة أنهم يرفضون كل القوانين التي تشرعن السلطة، وهو موقف مشابه إلى حد كبير للظاهرة الفوضوية في أوروبا في القرنين التاسع عشر والعشرين.
ووفقا لدراسة أخرى أجريت مع 382 مركزا للشرطة، قال 74 في المئة من الذين شملتهم أن التطرف اليميني المعادي للحكومة هو مصدر الخطر الأول، يليه 39 في المئة رأوا أن خطر تنظيم "القاعدة" و"التنظيمات المشابهة له هو الخطر الأول.
وجاء في دراسة أخرى لجامعة ميريلاند أن اليمينيين المتعصبين شنوا 65 هجوما، في مقابل24 هجوما شنها متطرفون إسلاميون منذ 2011.
هذه الدراسات والإحصاءات تعزز التحول في مواقف عدد متزايد من المحللين الذين يقولون الآن إن المخاوف من الخطر الإرهابي لـ"القاعدة" و"داعش"، على خطورته، مبالغ فيها، في مقابل محاولات للحدّ من خطر المتطرفين اليمينيين. ولا يزال هناك تردد في أوساط السلطات الأمنية المحلية في وصف العنف الذي يرتكبه اليمينيون المعادون للحكومة (من البيض) بأنه إرهاب، بينما يسارعون ومعهم جانب كبير من الإعلام إلى وصف أي عنف سياسي يقوم به مسلم، بأنه إرهاب إسلامي.
(نقلا عن صحيفة النهار اللبنانية)