تشهد أنهر عدة في غرب الولايات المتحدة منذ أسبوع، تلوثا ناجما عن انسكاب أكثر من 11 مليون ليتر من النفايات السائلة التي لونت مياهها بالبرتقالي، ما يثير مخاوف من وقوع أضرار كبيرة جراء هذا الوضع الخطير الناتج عن خطأ ارتكبه موظفو وكالة حماية البيئة.
يبدو المشهد في
ولاية كولورادو غريبا بفعل التباين الملفت بين صور الأنهر الملونة بالبرتقالي وبين الخلفية الطبيعية الخلابة مع السماء الزرقاء والغابات الخضراء التي تنتشر بكثرة في المنطقة.
وانطلق التسرب من هذه الولاية بالذات حيث يتدفق
نهر أنيماس قبل أن يتمدد إلى ولاية نيومكسيكو المجاورة تحديدا في نهر سان خوان.
ووقعت الحادثة في الخامس من آب/ أغسطس على مستوى منجم مهجور للذهب يعرف بـ"غولد كينغ ماين" كان يشهد تسربا لنفايات سامة.
وقد أرسلت وكالة حماية البيئة موظفين إلى المكان بشكل عاجل لمحاولة سحب المياه ومعالجتها في المنجم المهجور، لكنهم تسببوا بالحادث عبر رمي خليط سام يحوي خصوصا أنواعا من المعادن الثقيلة والزرنيخ، في أحد روافد نهر أنيماس.
وبعد تقديرها بحوالي 3.8 مليون ليتر في البداية، فقد أعادت وكالة حماية البيئة تقدير حجم
التلوث أخيرا بـ11.4 مليون ليتر، أي ما يوازي حجم أربعة أحواض سباحة أولمبية.
وبالإضافة إلى الأثر الواضح على مستوى التلوث البصري مع تحول نهر أنيماس إلى شريط مائي
برتقالي طويل والتبعات السلبية المباشرة على الموسم السياحي ومحبي رياضة التجذيف وركوب قوارب الكاياك، فإنها تتركز التساؤلات بشكل أساسي على آثار هذا التلوث على الصحة والموارد الزراعية.
وعلى مر الأيام، تراجعت حدة اللون البرتقالي في مياه النهر الملوثة، إلا أن النفايات السائلة تواصل طريقها. وتم إعلان حال الطوارئ في ولايتي كولورادو ونيومكسيكو ومحمية نافاغو نيشن للأمريكيين الأصليين.
وتوقفت مدن عدة عن استخدام مياه الأنهر ومنعت الوصول إليها. وتجري تحاليل حاليا لمعرفة ما إذا كانت المياه تحوي مواد مسرطنة مثل الرصاص والزرنيخ، ومن المتوقع صدور النتائج في الأيام المقبلة.
وأكدت مديرة وكالة حماية البيئة جينا ماكارثي لوكالة فرانس برس في أول تصريح علني لها الثلاثاء، أن "ما حدث يحزنني إلى أقصى الدرجات".
وأضافت: "نعمل بلا هوادة لإيجاد حل ونحن ملتزمون بكشف حقيقة ما حصل للحؤول دون تكراره مجددا". وسلطت الحادثة الضوء على مجموعة من المناجم القديمة التي تمثل خطرا بيئيا في المنطقة.
وينتشر في محيط نهر أنيماس حوالي مئتي موقع مهجور وفق صحيفة "نيويورك تايمز". إلا أن تومي روبرتس رئيس بلدية مدينة فارمنغتون الواقعة في الخطوط الأمامية لمنطقة التسرب في ولاية نيومكسيكو اعتبر أن الرد الأولي لوكالة حماية البيئة "كان معدوما بأقل تقدير".
وفي إحدى أكثر الصور المؤثرة منذ الأربعاء، ظهر ثلاثة رواد لرياضة الكاياك خلال تجذيفهم بقوارب برتقالية اللون تماما كلون المياه.
وأوضح دان ستيفز أحد هؤلاء الرياضيين الثلاثة في تصريحات لصحيفة محلية، أنه ورفاقه توجهوا لممارسة هذه الرياضة قبل إعلان السلطات عن خطر هذا التلوث.
وقال: "هذا أمر يثير الاضطراب. نشعر نحن الثلاثة بقلق كبير على صحتنا". وأبدى زاك فرانكيل مدير منظمة "يوتا ريفرز كاونسيل" غير الحكومية قلقه إزاء المسار الذي قد تسلكه النفايات السائلة. وقال: "في الأيام الخمسة المقبلة ستصل (هذه النفايات السائلة) إلى بحيرة" باول في يوتا التي تزود مدينة لاس فيغاس خصوصا بالمياه.
ومن هذه البحيرة، قد يتمدد التسرب في اتجاه نهر كولورادو ثم عبر الأخدود العظيم (غراند كانيون) وبحيرة ميد التي تمثل مصدرا مهما للمياه بالنسبة لمدينة لوس أنجلوس وجنوب ولاية كاليفورنيا التي تعاني موجة جفاف خطيرة.
لكن إشارة مشجعة وردت من أعماق نهر أنيماس الثلاثاء، عندما استخرج متخصصون في علوم الأحياء قفصا مليئا بسمك السلمون المرقط، لم يكن من بينها سوى سمكة نافقة واحدة.
وأوضح رئيس بلدية مدينة دورانغو في ولاية كولورادو، دين بروكي، لوكالة فرانس برس، أن القفص وضع في قعر المياه عند بدء التسرب قبل أسبوع.
وقال إن النهر "لم يعد ملونا بكامل ألوان الطيف"، بل أصبح "بلون عصير برتقال معكر".