علقت مجلة "إيكونوميست" في عددها الأخير، على مسار الحملة التي تقودها
السعودية في
اليمن ضد المتمردين الحوثيين.
وتقول المجلة: "قد يسجل الأول من هذا الشهر في التاريخ اليوم الذي انزلقت فيه اليمن إلى حرب طويلة وخارجة عن السيطرة. وكان الصراع في هذا المجتمع الفقير يسير بشكل سيئ جدا. ولكن التحالف الذي تقوده السعودية ضد المتمردين الحوثيين صعّد الحملة، بعد مقتل 60 جنديا في هجوم واحد في مأرب يوم 4 أيلول/ سبتمبر".
ويشير التقرير إلى زيادة عدد قوات التحالف البرية، ويقول إنه "تم إدخال المزيد من الجنود منذ الهجوم، فأرسلت السعودية المزيد من قوات النخبة للانضمام إلى ثلاثة آلاف جندي تابعين للتحالف. كما أن قطر، التي لم تشارك حتى ذلك الوقت سوى بالعمليات الجوية، أرسلت ألف جندي. أما مصر، التي لطالما حذرت من إرسال قوات برية بناء على تجربتها المأساوية في ستينيات القرن الماضي، فأرسلت 800 جندي، والجنود السودانيون ينتظرون في الخرطوم لينقلوا إلى اليمن، وقال الملك حمد آل خليفة إن ابنيه سيشاركان في المعركة".
وتبين المجلة أنه "في الوقت ذاته، فقد قام التحالف بشن غارات جوية لم يسبق لها مثيل على صعدة في شمال اليمن، التي تعد معقل المتمردين الحوثيين، وعلى العاصمة صنعاء. ويقول السكان إن الإصابات المدنية توازي الإصابات العسكرية، بما في ذلك البيوت والمطاعم والشوارع الرئيسة".
وينقل التقرير عن حسن بوسنينة، الذي يرأس مكتب أطباء بلا حدود في اليمن، قوله: "منذ الهجوم أصبح التحالف يتصرف بجنون".
وتقرأ المجلة في التصعيد إشارة إلى محاولة انتقامية من الحوثيين بعد خسائر التحالف، وتقول: "لا شك أن العمل فيه شيء من الانتقام، ويتساءل المراقبون: ماذا يأمل التحالف بتحقيقه من هذه الحملة التي دخلت شهرها السادس؟ ليس من الواضح كم هو حجم الدعم الذي منحته
إيران للحوثيين، حيث كان هذا الموضوع من أهم مبررات الحملة التي قام بها التحالف".
ويجد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أن "سحق الحوثيين أمر شبه مستحيل. ويتحدث المسؤولون
الخليجيون عن تحضيرهم لاسترجاع صنعاء، وإعادة عبد ربه منصور هادي رئيسا، ولكن اليمن كانت دائما أرضا صعبة على الغزاة الأجانب، والجيوش الخليجية كلها تنقصها الخبرة".
وتلفت المجلة في هذا الاتجاه إلى عملية تحرير عدن، وتبين قائلة إنه "منذ إدخال قوات برية في آب/ أغسطس، سيطر التحالف على عدن في جنوب اليمن، ويتحرك نحو تعز، ولكنه يراوح في مأرب، وهي البوابة إلى صنعاء، حيث تتجمع القوات الإضافية مدعومة بالمدرعات وراجمات الصواريخ، وسيزداد القتال صعوبة؛ لأن معاقل الحوثيين المتبقية كلها حصون جبلية".
ويتحدث التقرير عن مواقف السكان قائلا: "إن عدد الضحايا المدنيين يجعل التحالف يخسر تأييد حلفائه المقاتلين على الأرض، الذين يتألفون من رجال قبائل ووحدات منشقة عن الجيش اليمني ومقاتلين إسلاميين".
ويضيف بوسنينة للمجلة: "كل شخص فقد أحد من يعرفهم"، مشيرا إلى أن نسبة الضحايا من المدنيين في ازدياد، ووصل العدد الآن حوالي خمسة آلاف.
ويتطرق التقرير إلى مسار المحادثات، ويقول: "لسوء حظ اليمنيين المتعبين من الحرب، فقد فشلت جهود التوصل إلى حل تفاوضي في عُمان قبل هجوم مأرب. والمشكلة أنه مثل غيره من الصراعات في المنطقة، هناك غياب للضغط الدولي، فأمريكا مستاءة جدا من الطريقة التي شن فيها حلفاؤها الخليجيون الحرب، ولكنها حريصة على إصلاح علاقاتها معهم، بعد الصفقة مع إيران، التي عارضتها دول الخليج. بالإضافة إلى وجود جيل شاب جديد وطموح في العائلات المالكة ليس مستعدا للتوقف عن خوض مغامراته العسكرية الحديثة الاكتشاف".
وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالقول: "ما يزعج عمال الإغاثة هو أن لا أحد يستمع إلى تحذيراتهم من المآساة المحدقة. فبسبب الحصار المفروض من التحالف لمنع الإيرانيين من إرسال إمدادات للحوثيين، يصل مرفأ عدن 20% من السفن التي تصل في العادة لشعب اعتمد حتى قبل الحرب على المواد الغذائية والوقود المستورد. بعض المواد الطبية نفدت تماما. ولا يزال ممكنا إنقاذ اليمن من الهاوية، ولكن يبدو أن فرصة الإنقاذ هذه ستضيع".