نشرت صحيفة لوتون السويسرية تقريرا، تحدثت فيه عن أسباب رفض المملكة العربية
السعودية، وبقية دول
الخليج، استقبال
اللاجئين السوريين، في مقابل استقبالهم وإيوائهم من قبل عدد من الدول الأوروبية ودول عربية.
وأشارت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إلى الضغوط المتواصلة التي تتعرض لها دول الخليج، لدفعها لاستقبال اللاجئين السوريين على أراضيها، في ظل عجز بقية الدول العربية عن استقبال المزيد، وتفاقم ظاهرة الهجرة نحو الدول الأوروبية.
وأفادت بأن السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، لم تدخر جهدا في تمويل برامج المساعدة والإغاثة الدولية بمبالغ ضخمة، غير أنهما ترفضان رفضا قاطعا تخفيف الضغط عن الدول التي تؤوي 90 في المئة من أربعة ملايين لاجئ سوري مسجلين لدى الأمم المتحدة، وهي تحديدا تركيا ولبنان والأردن.
وبحسب المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن أيا من دول الخليج لم تعرض استقبال لاجئين سوريين ممن يعيشون في ظروف تشتد قسوة يوما بعد يوم، في حين تعهدت دول أوروبية وكندا والولايات المتحدة والأرجنتين والبرازيل، بتوفير 100.000 فرصة لجوء، رغم أن ذلك لن ينجح في كبح جماح سيل المهاجرين نحو هذه الدول.
وتساءلت الصحيفة عن سبب إحجام دول الخليج عن إيواء قسم من اللاجئين، على الرغم من كونها أكثر الدول ثراء في العالم، علاوة على حاجتها الماسة لليد العاملة، التي تستقدم معظمها من دول جنوب شرق آسيا، فالسوريون على الأقل يتحدثون اللغة العربية، وفق الصحيفة.
لفتت "لوتون" إلى النداء الذي أطلقته منظمة التعاون الإسلامي، بضرورة التزام الدول الإسلامية بمبدأ التضامن، وفتح أبوابها أمام اللاجئين السوريين. فيما تخلى الملك سلمان عن تحفظه إزاء هذه القضية، ليشجب "الاتهامات الباطلة" الموجهة ضد بلاده.
فقد ذكر الملك السعودي على أن المملكة استقبلت 2.5 مليون لاجئ منذ انطلاق الحرب في
سوريا، في حين قالت
الإمارات العربية المتحدة إنها تؤوي ما يقرب من 250 ألف سوري، تم التمديد في فترة إقامة 100 ألف منهم منذ سنة 2011.
غير أن المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لم تؤكد صحة هذه الأرقام، إذ أعلنت أن عدد السوريين المتواجدين بدول الخليج، ممن اتصلوا بها بشكل رسمي، لم يتجاوز 7000 سوري، لجؤوا كلهم إلى مكاتب الأمم المتحدة في هذه الدول طلبا للمساعدة.
وقالت الصحيفة إن المفوضية ترجح بلوغ عدد اللاجئين السوريين بدول الخليج، بضع مئات من الآلاف، وهو ما تؤكده منظمة الهجرة الدولية، التي وضعت السعودية في المرتبة الرابعة، ضمن قائمة الدول المستقبلة للاجئين، بعد تركيا والأردن ولبنان.
وأوضحت أن المسألة تتعلق بكيفية تعاطي الدول الخليجية، وعلى رأسها السعودية، مع اللاجئين بشكل عام، حيث لم تصادق أي منها على اتفاقية 1951، التي تفرض على كل بلد منح حق اللجوء للأشخاص الفارين من القمع والاضطهاد.
وتعليقا على هذه المسألة، قال فيصل بن حسن طراد، سفير السعودية لدى الأمم المتحدة في جنيف: "بالنسبة لنا، السوريون هم زائرون عاديون، سنحت لهم فرصة التمديد في تأشيراتهم منذ بدء الصراع، فنحن لم ننتظر اندلاع أزمة اللاجئين في أوروبا للتحرك. نحن نعتبر استقبالهم واجبا، لا نرى فائدة من نشره والإعلان عنه".
وأضاف طراد: "لقد غادر العديد منهم المملكة للاستقرار في مناطق أخرى مثل أوروبا، لكن مئات الآلاف حصلوا على تصريح بالإقامة. نحن لم نطرد أحدا".
من جهتها، أشارت صحيفة لوتون، نقلا عن نديم حوري، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقا في منظمة هيومن رايتس ووتش، إلى "التضارب بين الأرقام الرسمية التي أعلنت عنها المملكة العربية السعودية نفسها. إذ تتحدث تارة عن وجود نصف مليون من السوريين، وطورا عن عدة ملايين". وأكد حوري على ضرورة أن "تبذل دول الخليج مزيدا من الجهد" في هذا الصدد.
ونقلت الصحيفة عن حوري؛ أنه "لا يمكن لأي سوري الدخول لإحدى دول الخليج دون عقد عمل في الوقت الحالي. في المقابل، ينبغي على السلطات تيسير لم شمل العائلات السورية على أراضيها، ومنحها التسهيلات القانونية اللازمة، حتى وإن كانت ترفض اعتماد مصطلح لاجئ".
ويرى الناشط الحقوقي أن اعتماد الدول الخليجية لهذه السياسة؛ يعود لخوفها من أن يطرأ تغيير على توازنها الديمغرافي، "خاصة وأن معظم سكانها هم من الأجانب، غير أن العمال الأجانب مطالبون بالمغادرة بعد بضع سنوات، إضافة إلى إمكانية إلغاء تصاريح إقامتهم في أي لحظة. فهذه المجتمعات الخليجية المحافظة تخشى أن تضع نفسها تحت طائلة الضغوطات والتحركات الاجتماعية"، حسب قوله.
وفي الختام قالت الصحيفة إن نديم حوري لا يزال يذكر المظاهرات التي اندلعت أمام القنصلية السورية بدبي سنة 2011، والتي أدت لطرد الإمارات العربية المتحدة للعديد من المشاركين فيها.