نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا، عرضت فيه شهادة أحد الحجيج
الكاميرونيين الناجين من حادثة التدافع في
منى، التي أودت، بحسب الأرقام الرسمية
السعودية، بحياة ما يزيد عن 790 حاجا، منهم 100 من الكاميرون.
وقالت الصحيفة في تقريرها، الذي ترجمته "
عربي21"، إن الحاج عبد الرشيد تشيروما كلوديك، أكد أن اضطراب الكاميرونيين عند الواقعة، يعود أساسا إلى عدم التزامهم بأركان
الحج. كما أشار إلياسو مونبان؛ رئيس المركز الإسلامي للهجرة، إلى جهل منظمي الحجيج بالنظام المعتمد لتوجيه الناس في هذه الحالات.
وقالت الصحيفة إن الحاج عبد الرشيد كان يخطو بصعوبة وحذر، بسبب ما لحق بقدمه اليمنى من ضرر أثناء الواقعة، كما أنه يشعر بحزن شديد بعد هذه التجربة القاسية التي عاشها في منى.
وقال هذا الحاج الستيني، الذي يعمل وسيطا في الأسهم في مدينة دوالا، العاصمة الاقتصادية للكاميرون، "أنا أحد الناجين، لقد كان من الممكن أن أموت الخميس الماضي، لقد كنت أكثر حظا من أولئك الذين توفوا، فقد أصيبت رجلي فقط".
وقالت لوموند إنه وفقا لروني إمانويل سادي، وزير الإدارة الإقليمية واللامركزية، المسؤولة عن اللجنة الكاميرونية للحج فقد لقي ما لا يقل عن 21 حاجا كاميرونيا مصرعهم، جراء التدافع الذي وقع في منى، بالقرب من
مكة المكرمة.
ولكن الحاج عبد الرشيد شكك في هذا الرقم، حيث يتحدث عن وفاة ما لا يقل عن 100 كاميروني.
وقال: "الحكومة تكذب، فقد غادر ما لا يقل عن 4500 حاج كاميروني إلى مكة عن طريق الحكومة، وذهب حوالي 500 آخرون بصفة فردية كما فعلت أنا، ما يعني أن العدد الإجمالي للحجاج الكاميرونيين يناهز 5 آلاف. لقد حصل كل شيء أمامي، لقد شهدت إخوة لي يموتون أمام عيني في غضون دقائق".
ونقلت الصحيفة أن الحاج عبد الرشيد كان يتكلم بألم وحسرة، وهو يحاول تذكر المأساة، وقال: "كانت الساعة تشير إلى الحادية عشر حين بدأت أمواج الحجيج في التحرك ببطء تحت أشعة الشمس الحارقة، باتجاه موقع الرجم، وكان عليهم أن يقوموا برمي سبع جمرات مثل اليوم الأول؟ قمت بذلك ثم اتجهت نحو المخرج، في تلك اللحظة، بدأت الصرخات تتناهى إلى مسامعي".
وأضاف عبد الرشيد: "الدقائق التالية كانت الأسوأ على الإطلاق في حياتي؛ حيث رأيت أجسادا مكدسة فوق بعضها البعض، والدماء تملأ المكان، ورجال شرطة يحاولون تهدئة الناس، وأشخاص يحاولون الهرب في كل الاتجاهات. لقد كان الذعر يعم المكان، وأنا أيضا تعرضت للدهس في خضم تلك الفوضى".
وأشارت الصحيفة إلى أن الفريق الطبي بموقع الرجم بذل جهدا كبيرا في الاعتناء بالجرحى الذين كانوا يصرخون ويبكون، إلى أن وصلت سيارات الإسعاف وحملت الجرحى للمستشفيات.
وقالت الصحيفة إن عبد الرشيد توقف فجأة عن الكلام أثناء لقائها به، وصاح قائلا: "أرجوكم، لم أعد أرغب في التفكير فيما حدث، فمنذ عودتي لم أتمكن من نسيان مشاهد جثث الرجال والنساء المكدسة أمامي. كل جزء في كياني يؤلمني، لقد تلقيت حقنتين مهدئتين، وعلى الرغم من ذلك لم أتمكن من النوم".
من جهة أخرى، نقلت الصحيفة تصريحات إلياسو مونبان؛ رئيس المركز الإسلامي للهجرة، حول أسباب حادثة التدافع؛ الذي اعتبر "أن عدم انضباط الحجيج الكاميرونيين يعود لقلة معرفة المشرفين المرافقين لهم، وهو السبب الرئيسي وراء ما حدث".
ونقلت عن هذا الإمام الذي كان قد ذهب إلى البقاع المقدسة في السنة الماضية، أن "المرشدين المرافقين للوفد الكاميروني لم يكن لديهم الإلمام الكافي بشعائر الحج وبكيفية تنظيم الحجاج".
وأضاف إلياسو مونبان: "كل مسلم مطالب بأداء الحج لمرة واحدة على الأقل، وهي مناسبة عظيمة، غير أن هؤلاء المرافقين للحجاج لم يكونوا على دراية بأي لغة تمكنهم من التواصل مع الناس، مثل الفرنسية والإنجليزية والعربية، ولم يكونوا متمكنين من تعاليم الإسلام. لقد دفعوا مبلغ 4570 يورو للحصول على صفة مرافق للحجيج، التي تمنحها الهيئة الوطنية للحج دون أدنى تحقيق في كفاءة المترشحين".
وفي السياق ذاته، نقلت الصحيفة عن إلياسو مونبان مطالبته بحل هذه الهيئة، وتعيين موظفين جدد، من غير الفاسدين، حسب وصفه.
وفي الختام، تنقل الصحيفة أن الحجيج الكاميرونيين، الذين يدفعون 3050 يورو لأداء مناسك الحج، يحتاجون لتأطير جيد وإعداد للمشاركة في هذه المناسبة الضخمة. وقد شدد إلياسو مونبان؛ على ضرورة توفير "وسائل شرح وإيضاح، سمعية وبصرية، توضح لهم كيفية التصرف في مكة المكرمة"، كما طالب السعودية بإجبار الدول التي ترسل حجاجا على ذلك.