على الرغم من إعلان الكنيسة
المصرية عدم الدخول رسميا في العملية الانتخابية، وأن دورها يقتصر على العملية الروحية، وتعليم الأقباط أمور دينهم، فضلا عن دورها الاجتماعى في رعايتهم، إلا أن مرشحين أقباطا للانتخابات البرلمانية المزمعة حرصوا على إرسال إشارات تومئ بأنهم مقربون من الكنيسة، ومارس بعضهم الدعاية الدينية المسيحية، فيما تعهد أحدهم ببناء الكنائس حال فوزه.
ورأى مراقبون أن استقالة أستاذة الفلسفة السياسية بجامعة القاهرة، الدكتورة عايدة نصيف، من حزب "المصريين الأحرار"، الذي يتزعمه رجل الأعمال القبطي نجيب ساويرس، في الأسبوع الماضي، جاءت لتفضح خلط الدين بالسياسة على يد الكنيسة المصرية نفسها، ومن قبل بعض المرشحين الأقباط أنفسهم.
فقد جاء في الاستقالة المقدمة من عايدة نصيف إلى القائم باعمال رئيس حزب "المصريين الأحرار"، أن استقالتها تعود لأسباب عدة أهمها الزج باسم الكنيسة في العملية الانتخابية، واستخدامها لصالح مرشحي الحزب، والإيحاء بأن الحزب مدعوم من الكنيسة.
وقالت نصيف في استقالتها المسببة إن حزب "المصريين الأحرار" قام عن طريق الرجل القوي في اختيار مرشحيه لانتخابات مجلس النواب، هاني نجيب، بوضع اسم رجل أعمال شهير (قبطي)، هو يوسف نعيم، كمرشح للحزب عن دائرة الساحل بدلا من ماجدة طلعت، قبل 24 ساعة فقط من غلق باب الترشح للانتخابات.
وأضافت أن هذا الأمر تم تفسيره على أن "يوسف نعيم" هو مرشح الكنيسة، وأنه يحظى بدعمها، وأنه على علاقة شخصية بالبابا تواضروس، فضلا على أنه سوف يقدم دعما ماليا كبيرا، وأنه تبرع للحزب بالإنفاق على الدعاية الانتخابية، وكذلك تبرع من أجل إصلاح كنيسة شبرا، مؤكدة أن كل هذه الأمور تؤكد أن هناك استغلالا للكنيسة في العملية الانتخابية، على حد قولها.
دعاية مسيحية في الانتخابات
في الوقت نفسه انتقدت تقارير صحفية ما اعتبرته "ممارسة دعاية دينية مسيحية في الانتخابات"، وقول أحد المرشحين الأقباط: "انتخبوني، وسأبني لكم كنائس".
فقد كشفت صحيفة "الفجر" الصادرة هذا الأسبوع، أن المحامي القبطي، إيهاب إسحق، يخوض الانتخابات عن دائرة السلام بالقاهرة، كامتداد لاسم عمه الراحل العميد نادي إسحاق، الذي تنازل عن مقعده بدائرة المطرية في انتخابات 2005، مؤكدة أن "إيهاب" يبحث حاليا عن ممول ينفق على حملته الانتخابية، مقابل وعود بالضغط لبناء الكنائس، حال فوزه في الانتخابات.
وأضافت أن المرشح القبطي "عماد عوني"، عن الحزب المصري الديمقراطي، بدائرة مركز أسيوط، وضع خطة محكمة لاستقطاب الأقباط من خلال عمل دعاية لحملته وتوزيع حقائب "سكر وزيت وبطاطين الشتاء للأسر الفقيرة"، بالإضافة إلى شحنات من الحلوى للأطفال مطبوع عليها صوره.
بينما وقع الاختيار على البروتستانتي، ماجد طوبيا، ليكون ممثلا لقائمة "في حب مصر" بدائرة قنا، وهو رجل أعمال قبطي، يمتلك قرية سياحية، ومحطات وقود، ومعروف بإنفاقه ببذخ على المتعاونين معه في المواسم الانتخابية، الأمر الذي دفع الكثيرين لطرح تساؤلات حول سبب اختياره في القائمة دون غيره بالرغم من كونه ينتمي للمذهب البروتستانتي، وليس الأرثوذكسي، في الوقت الذي تتجاوز فيه العائلات البروتستانتية نسبة الأربع عائلات فقط في الدائرة بأكملها، ولجأ إلى أحد الخدام الكنسيين الأقباط في المركز للسيطرة على مراكز القوى والتكتلات القبطية، والتواصل إلى مفاتيحها في الدائرة، بحسب "الفجر".
استهداف الإسكندرية "مسيحية"!
وفي الإسكندرية، ولأول مرة، يتنافس 12 مرشحا قبطيا على المقاعد الفردية بالمدينة الساحلية، ضمن 391 مرشحا، يتنافسون للفوز بـ 25 مقعدا للبرلمان، في محاولة للفوز بكتلة الأقباط التصويتية بالإسكندرية، التي تقدرها دوائر قبطية بنصف مليون صوت انتخابى، وتتمركز بشكل ملحوظ في عدد من الدوائر، بحسب إحصاء الناشط الحقوقي القبطي جوزيف ملاك محامي كنيسة القديسين، ومدير المركز المصري للدراسات وحقوق الإنسان، المعنى بالشأن القبطي.
ففي دائرة "سيدي جابر ـ باب شرقي" يتنافس أربعة أقباط بالدائرة ذات الثلاثة مقاعد، هم: ناجح زاخر أبو الخل رجل الأعمال الشهير، ومحسن جورج عضو المجلس المللي الكنسي ومستشار محافظ الإسكندرية لشؤون التعليم، ووجهان جديدان على الساحة السياسية هما: بولا نبيل "مدرس"، وأيمن شفيق " أعمال حرة".
ويخوض الأقباط الأربعة الانتخابات اعتمادا على وجود كثافة قبطية عالية بالدائرة.
وتبدو فرص كل من "أبو الخل" و"محسن" شبه متساوية، إذ يعتمد الأول على ما تتمتع به عائلته ذات الجذور الصعيدية في منطقة باب شرق من ثقل، وخوضه الانتخابات أكثر من مرة، يرغم إخفاقه، في حين يعتمد الثاني على علاقاته الوطيدة والمباشرة بالأقباط من خلال عضويته بالمجلس المللي الكنسي، إضافة لتمتعه بالثراء، وفق "الفجر".
أما دائرة "المتنزة" ذات الأربعة مقاعد بالبرلمان، التي تعتبر أحد أكبر الدوائر بالإسكندرية، وأحد أهم معاقل الإخوان المسلمين، فيتنافس فيها ثلاثة مرشحين أقباط، هم: نشأت متري صليب، القيادي بحزب المؤتمر، ومرشح مجلس الشورى السابق، وجمال بترا "جواهرجي"، وشادي سري. وتعتبر هذه الدائرة أهم دوائر الإسكندرية في الكثافة الانتخابية للأقباط.
وتشهد دائرة الرمل مرشحا قبطيا أيضا هو جوزيف دانيال، وفي الداخلية نشأت فل، وفي المتنزه ثان المرشح هاني شنودة، وفي محرم بك المرشح جون كمال مرشحا عن حزب "الأحرار الدستوريين"، في حين خلت دوائر العامرية وكرموز والعطارين ومينا البصل من أي تواجد للمرشحين الأقباط، برغم ما تتمتع به دائرة "كرموز"من كثافة قبطية عالية.